برنسيس إيكاروس

Tuesday, September 16, 2008

** مقابلة صحافية في جريدة الغد**



________-------------------________

__________________________________


الشافعي: الروائيات الخليجيات تركن بصمة تجاوزت العالم العربي


روائية كويتية تبدي تحفظها على الكتابة الجنسية الخالصة

حاورتها: عزيزة علي من جريدة الغد الأردنية


**************

- ترى القاصة والروائية كويتية منى الشافعي أن دور الكاتب أن "يشير في كتاباته إلى مواطن الخلل والخطأ والمشاكل الاجتماعية التي تحيط بمجتمعه".
وتبين الشافعي التي صدرت لها أخيرا رواية بعنوان "ليلة الجنون"، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر: "أن الرواية تحمل إشارات للقارئ عن بعض المشاكل التي مرت على المجتمع الكويتي، وهناك قضايا ما تزال تحتاج إلى تطرق إليها مثل قضية الطلاق وغيرها".
وتؤكد الشافعي صاحبة رصيد قصصي يقارب 8 مجموعات منها: "النخلة ورائحة الهيل"، "البدء.. مرتين"، "دراما الحواس"، "أشياء غريبة.. تحدث"، "كتاب مترجم إلى اللغة الإنجليزية"، "نبضات أنثى" أن عالم الرواية انتعش عالميا واخترق الساحة الأدبية بكل ثقل وثقة، معتبرة في المقابل أن الإبداع الخليجي كان لابد أن يتأثر بهذا المد وتلك الطفرة الإبداعية، مشيرة إلى أن الرواية الخليجية قفزت "قفزات سريعة مكثفة تبعا للظروف العالمية".
ورأت أن الروائيات الخليجيات تركن بصمة في العالم الروائي، لافتة إلى أنهن بتن ينافسن خارج حدود الوطن العربي.
- تدور أحداث روايتك "ليلة الجنون" في حرم الجامعة، وفيها ترصدين التحولات التي حصلت في المجتمع الكويتي؟ لماذا الجامعة وما هي الرسالة التي أردت ان توصليها من خلال هذا المكان؟
لقد عشت في الجامعة كموظفة وطالبة لمدة تزيد على 28 عاما وشهدت الكثير من الأحداث والتغيرات في هذا الصرح الأكاديمي، وتكون لدي مخزون ثري من الأمور الحياتية اليومية والتحولات والقصص والحكايات التي تدور حولي. وكانت لي عين راصدة لهذه الحالات، ومن هذا المخزون الذي يحتل مساحة كبيرة في ذاكرتي جاءت أحداث الرواية.
فجزؤها الواقعي استمددته من ذلك المجتمع الصغير. أما أجزاء الرواية الخيالية فكانت فقرات من ذهني وقلبي. فأنا لا أعيش بمعزل عن مجتمعي الصغير وهو الجامعة ولا الكبير وهو المجتمع الكويتي لذلك جاءت كتاباتي تحاكي الواقع المعاش وتلامس معطياته وتحولاته وأحداثه وتاريخه بكل الصور والتنوعات. وما الرواية إلا صورة واحدة من عدة صور موجودة في داخلي. قد أفرزها للوجود ارتباطي الطويل بالجامعة.
إن الرواية بها إشارات للقارئ عن بعض المشاكل التي مرت علينا في المجتمع الكويتي وما تزال، هناك قضايا تحتاج إلى التطرق مثل قضية الطلاق الذي أصبح ظاهرة مخيفة في المجتمع يرعب الشابات من الإقدام على الزواج.
وكانت هناك إشارات للاختلاط أو عدمه وهو مشكلة الساعة في المجتمع الكويتي، يوجد الآن من يرفضه بشدة وهناك من يتقبله بكل شفافية، كما أشرت إلى قضية الزواج واختلاف المذاهب والأصول والطائفة وهي مشكلة اجتماعية موجودة في المجتمع تسبب المعاناة للشباب. بالإضافة إلى المشاكل الاقتصادية والمكانة الاجتماعية بين الأسر التي تسبب الكثير من حالات الطلاق وهموما اجتماعية أخرى.
برأيي أن دور الكاتب هو أن يشير في كتاباته إلى مواطن للخلل والخطأ والمشاكل الاجتماعية التي تحيط بمجتمعه، ثم يقوم بإرسالها كرسائل إلى المسؤولين والقائمين على سير الحياة في المجتمع وإلى كل مؤسسات المجتمع المدني، فهدفه الموجه للجميع التنبيه إلى ما يحدث وما سيحدث مستقبلا لو تركنا الأمور تسير بهذه الكيفية يصبح الكاتب هو العين الراصدة لسلبيات المجتمع وإيجابياته.
رسالتي ككاتبة تشمل المجتمع كله وليس فقط ذلك المكان الذي يسمى الجامعة. فالجامعة جزء من المجتمع.. ولنفترض أن أحداث روايتي تدور فقط بين جدران أحد البيوت فهل هي رسالة تقتصر على هذا البيت. دائما الرسائل للمجتمع بكامله.
- نأيت بروايتك عن الهواجس الجنسية التي تجتاح أغلب الروايات التي تكتبها المرأة؟
إن توظيف الجنس في أية رواية كانت لأجل الجنس عمل مرفوض اجتماعيا وأخلاقيا. أما توظيفه لخدمة العمل الأدبي بطريقة مهذبة ومعقولة في سياق الرواية أعتقد أنه شيء مقبول. أما روايتي فلا تحتاج فكرتها إلى أية هواجس جنسية عميقة ومفصلة. فهل انتهت كل قضايانا ومشاكلنا الاجتماعية واقتصرت على الجنس المبتذل.
إن عملي يحتاج في بعض مشاهده إلى إشارة أو تلميح خفيف عن الجنس ذلك دون المساس بذائقة القارئ الأخلاقية. وبالتالي هناك أدوات أوظفها كنوع من الإيحاء للقارئ لخدمة العمل ويكون الغرض منه توضيح أمر ما، وليس كعنصر إثارة يسيء للكتابة الأدبية أو إلى اسمي وإلى مجتمعي.
- لذلك تتحركين بحذر وهدوء في المناطق المحرمة لبعض القضايا المهمة في المجتمع، وبالمناسبة كيف ترين هامش الحرية للكتاب في الكويت؟
إننا ككتاب ومبدعين نتطرق بكل حرية لقضايا مجتمعنا المهمة، فهامش الحرية عندنا معقول ويستوعب طرح مثل هذه القضايا حين نطرحها بصدق وشفافية بحثا عن الإصلاح. أما كوني تحركت بحذر ضمن طرحي لهذه القضايا فهذا لا يعني أنها مناطق محرمة وأنني وغيري لا نستطيع ارتيادها. ولكن السبب أن الرواية لا تحتمل سردا مفصلا لكل هذه الظواهر والمشاكل الاجتماعية الموجودة في ثنايا المجتمع.
الرواية ليست بحثا اجتماعيا مفصلا. لذا كانت هناك إشارات بسيطة تعطي للقارئ والمهتم معلومة لما يدور في المجتمع الكويتي. ولكنني ركزت على الطلاق ومشاكله كثيرا، إذ أن ثيمة الرواية وفكرتها الأساسية هي الطلاق الذي أصبح ماردا أخاف بطلة الرواية من إقدامها على الزواج ممن تحبه.
- بحكم قربك من المشهد الروائي بالخليج العربي، كيف تنظرين إلى الرواية التي تكتبها المرأة الخليجية؟
أعتقد أن عالم الرواية انتعش عالميا ليخترق الساحة الأدبية بكل ثقل وثقة. فكان لابد للإبداع العربي وتحديدا في الخليج أن يتأثر بهذا المد وتلك الطفرة الإبداعية. فقفزت الرواية الخليجية قفزات سريعة مكثفة تبعا للظروف العالمية، حتى أصبحت تنافس مثيلاتها العربيات من حيث فنيتها ولغتها وتنامي أحداثها ومضامينها المتنوعة، وأساليبها الجديدة وأدواتها الحداثية.
لو نظرنا لهذه الحالة التي أحدثتها الرواية الخليجية خاصة في العقدين السابقين، لوجدنا أن المنتج الروائي الذي تكتبه المرأة الخليجية - ولكن بتفاوت بين البلدان الخليجية من حيث الكم والنوع- قد انتعش ونضج وراج وانتشر لأبعد من حيزه. مع أن المبدعات الخليجيات عموما ما زلن يعشن حالة حصار وظلم واستبداد.
تتدخل سلطة المجتمع الذكوري في كلمة يبدعونها وهي أن عالم المرأة الإبداعي دائما ملاحق بالهزائم، ومكبل بقيود العيب والحرام والأمر والنهي والضوابط والظواهر. وهناك نوع آخر من تلك الضغوط التي يمارسها المجتمع في حق مبدعاته، هو أنه ما يجوز للرجل الكاتب من التعبير عن أمور حياتية معينة، لا يجوز للمرأة الكاتبة التعبير عنه.
فهناك حدود وأعراف مسموح للكاتب أن يتخطاها ويعبر عنها بحرية. أما المرأة فمحظور عليها تخطي تلك الحدود الذكورية إن جاز التعبير. ثم لا ننسى أن المجتمع الخليجي مجتمع مغلق نوعا ما ومحافظ، وفجأة انفتح على ثقافات وإبداعات عالمية ثرية، مختلفة متنوعة وجديدة على مجتمعه وذلك نظرا للمتغيرات الكونية ومتطلبات العولمة وآفاق الحياة الحديثة.
نتيجة لكل هذه العوامل الداخلية والخارجية مجتمعة، وكردة فعل طبيعية، جاءت بعض الكتابات الروائية من المرأة المبدعة، جريئة، ومتمردة وموغلة بالمحظورات وخاصة الجنس- ذلك المارد المخيف- بأشكاله وأنواعه، تعري المجتمع وتقترب من المناطق المسكوت عنها بكل ثقة دون خوف أو وجل.
من اللافت أن هؤلاء المبدعات توارين خلف أسماء حركية. وهمية مستعارة لتصبح أغلب هذه الروايات التي كتبت بأيد ناعمة جريئة، ممنوعة من التداول في بلداهن الخليجية.
هذا لا يمنع من وجود روايات ناضجة رائعة ممتعة ذات أهداف اجتماعية إنسانية. كتبت بحرفية واقتدار وتمكن من أدواتها الإبداعية. فهناك في الخليج روائيات محترفات. تجولن في أدق التفاصيل الحياتية اليومية، ورصدن بعيون مفتوحة، وتتبعن مختلف تحولات مجتمعاتهن الخليجية وكتبن عنها بصدق وإخلاص.
كما أن هناك من كتبن بشغف في شؤون المرأة. من ملامح أنثوية. أفراح أحزان هموم رغبات تطلعات كوابيس.. دقائق الأمور. وكل تجليات المرأة. وقد استلهمن من الواقع المعاش، وابتدعن من خصب خيالهن، ليسردن علينا حكاياهن الإنسانية بشفافية وحميمية وبمسؤولية.
لقد تركن بصمة في العالم الروائي ينافسن بها عوالم ما وراء حدود الخليج العربي. فكم أنا فخورة بما تكتبه، وتزينه تلك الأيدي الخليجية الناعمة سواء الجريئة أو المحترفة المتمكنة أو الشابة الواعدة، متمنية للجميع الاستمرار في هذا الهم الإبداعي اللذيذ.
- إذن كيف تنظرين لما يطرح في الأسواق من روايات مغرقة بالجنس؟
هناك صرعة جديدة هذه الأيام هي الروايات المغرقة بالجنس بأشكاله وأنواعه. وأرى أن للأدب عامة رسالة كما هي لكل الفنون الأخرى إضافة إلى المتعة.
لذا، يعي ويدرك هؤلاء الكتاب – من الجنسين- أن هناك ضوابط وحدودا لهذا النوع من الكتابة وبالتالي يجب أن تكون عند الكاتب رقابة ذاتية وخطوط حمراء لا يتعداها. فالكاتب الجاد الملتزم بهويته الإبداعية الراقية لا يسيء إلى اسمه ومجتمعه وأخلاقياته ويكتب مثل هذه الأعمال التي تصل أحيانا إلى نوع التقزز. أنه يسرد التفاصيل الجنسية الدقيقة أو لنقل توظيف الجسد ليصبح هو البطل الرئيسي والمحور الذي تدور حوله الرواية بكل أحداثها وتفاصيلها. كما إنه يكثر من وصف المشاهد الجنسية.
وهنا يجب ان نطلق على هذه الأعمال "روايات جنسية". هناك قضايا مهمة جدا في مجتمعاتنا العربية وقضايا إنسانية عامة تحيط بكوكبنا تحتاج من الكاتب المتمكنين إثارتها ومناقشتها أو حتى الإشارة البسيطة عنها وذلك في أشكال راقية جميلة مقبولة بعيدا عن إطار الجنس المبتذل.
لقد ضاقت أرفف المكتبات بهذا النوع من الروايات التي يتم فيها إقحام الجنس بهذه الصورة البشعة في الأعمال الأدبية، سعيا وراء الشهرة وسرعة الانتشار وجريا وراء الكسب السريع.

****************************