****************
توقفت عجلات سيارتي في أحد مواقف «مارينا مول».. سيارة صغيرة توقفت في اللحظة نفسها، قرب سيارتي.. نزلت فتاة جميلة.. فتحت صندوق السيارة، أخرجت عربة اطفال مزدوجة.. تنبه فضولي.. فتحت باب السيارة الخلفي.. طفلان صغيران وضعتهما بأكثر من الحنان في العربة، وهي تحدثهما بصوت خافت.. ظلّ فضولي يتبعها.. اتجهت الى المصعد.. كنت قد سبقتها بخطوتين. توقف المصعد.. كانت وجهتي الى «فيرجن» للاطلاع على الجديد من الكتب.. من الصدف الجميلة أن تلك الأم الشابة التي تدفع عربة طفليها بثقة وخفة، اتجهت هي الأخرى الى «فيرجن».. فسحت لها لتدخل بعربتها قبلي.. بينما عيناي تراقبانها.. وقفت أمام أرفف كتب الأطفال الملونة.. تصفحت بعضها قبل أن تنتقي ما أعجبها.. اتجهت إلى ركن آخر تبحث عن كتب «رعاية وتربية الأطفال».. حاذيتها.. انتبهت لوجودي قربها أتصفح أحد الكتب.. ابتسمت، فكان مدخلاً للحديث حول الكتاب الذي بيدي.. ثم تطرقنا الى متعة القراءة وفائدتها.. فاجأتني تلك الشابة الأميركية بحبها للقراءة والاطلاع واقتناء الكتب.. تململ أحد الصغيرين، سبقها حنانها.. حملته بين ذراعيها وبريق من العواطف ينهمر من زرقة عينيها.. أخبرتني أنهما توأمان لم يكملا عامهما الأول بعد.. أخجلتني بأمومتها الرائعة.. وحيدة لا خدم ولا حشم.. ترعى بيتها (شقة صغيرة في السالمية) وتداري زوجها الذي يعمل منذ الثامنة حتى الرابعة عصراً.. بينما كانت تتحدث، كنت أختلس النظر الى الصغيرين.. ما شاء الله، نظافة، صحة، حيوية.. بعد أن دفعت فاتورة الكتب، سألها فضولي، هل ستتجولين في المارينا مول، لتستمتعي بآخر صرعات الموضة والأزياء النسائية الصيفية التي زينت أغلب فيترينات المحلات بألوانها وأشكالها الزاهية؟!.. اعتذرت لأن موعد غداء التوأمين بعد أقل من ساعة.. وأكملت بأنها غير محتاجة إلى أزياء جديدة، فما عندها من ملابس يكفيها لأكثر من صيف.. عيناي غسلت ملابسها الأنيقة، البسيطة، النظيفة.ــ ودعت محدثتي الأم الشابة، وأنا أتحسر على أمومتنا الهشة، التي تتنافس عليها هذه الأيام المربيات والخادمات.. أما الطفولة الضائعة المحرومة من الحنان والاهتمام الأسري، تصرخ «يمه ميري»، «يمه بوشبة»، «يمه آيرين
*****
ــ نعم الاحتفال بعيد الأم (21 مارس) يليق بهذه الأم الأجنبية، لكنه بكل صراحة لا يليق بالكثيرات من الأمهات الشابات عندنا، اللاتي يهملن الطفولة ويتركنها ضحية بيد الخدم والمربيات والسواق
*****
ــ يجب أن تدرك كل أم أن تربية الأطفال مسؤولية كبيرة، مرهقة ومعقدة، لكنها لذيذة ورائعة في الوقت نفسه.. وأن احساس الطفل بالطمأنينة والأمان لا يتحقق إلا في حضن الأم الحنون الدافئ.. وأن الطفل يتعلم من أمه وسائلها في التعامل مع الأمور الحياتية اليومية، ويقلد كل تصرفاتها ويأخذ بعاداتها، لأنها أقرب الناس إليه.وبالتالي حين تترك الأم صغيرها تتلقفه / تتقاذفه أيادي الخادمات والمربيات، فماذا تتوقع هذه الأم لصغيرها من صفات وعادات وتصرفات؟ بل ماذا سيتعلم من الخادمة، وماذا ستغرس فيه المربية من قيم ومفاهيم؟
*****
ـــ نتمنى أن تعي وتنتبه أولئك الأمهات الشابات إلى هذه الامور السلبية في تربية أطفالهن، قبل ان يحتفلن كل عام بعيد الأم، مطالبات أبناءهن وأسرهن بالهدايا التي لا يستحقنها.ــــ مع الأسف هناك من يقول ويجاهر بأن الأسرة الأجنبية مفككة.. عيب هذا المنطق وهذه الافتراءات على الآخرين.. على الأقل موضة الخادمات، والمربيات، والشغالات، والسواق، غير موجودة في ثقافتهم، أما الاهتمام بالطفولة فهو من أولوياتهم، ونعتقد هذه ايجابية تُحسب لمصلحتهم
******
الكويت، أمنا الحنون، أم الأمهات، فخور بالأمهات الحريصات على تربية أبنائهن والإشراف على رعايتهم - وإن كن قلة - اللاتي يفعّلن أمومتهنّ، ويحترمن الطفولة ويقدسنها، ولا يتركن فلذات أكبادهن في أحضان الخادمات والمربيات.وردة جورية، وقبلة حنونة لكل الأمهات الصالحات، خصوصا الشابات، في عيدهنّ.. وألف رحمة تنزل برداً وسلاماً على أمهات زمان
*****
إضاءة
******
مَنْ أحبَّ الطفولة، رأى كل شيء جميلاً
المرأة نصف المجتمع وهي التي تلد وتربي النصف الآخر
***********************************