برنسيس إيكاروس

Thursday, August 13, 2009

بانكوك مدينة المعابد والأسواق


























































































































******************


بقلم وعدسة: منى الشافعي


**********************


تقع مملكة تايلند في قلب منطقة جنوب شرق آسيا المتحركة سياحيا واقتصاديا، تمتاز تايلند بطبيعة ساحرة خلابة ذات غابات كثيفة وانهار متدفقة، وشواطئ جميلة، وجبال متناثرة هنا وهناك مكسوة بالمساحات الخضراء. كما تمتاز بجزرها الرائعة مثل جزيرة بوكيت الجميلة، ومنتجعات راقية، وتميزها الاسواق الضخمة والمعابد الجميلة، وبالتالي تعتبر من اكثر الدول الآسيوية سياحة نظرا لتوافر جميع امكانات الحياة السياحية. كما تعرف بأرض الابتسامة نظرا للابتسامة المشرقة المرسومة دائما على وجوه شعبها الطيب. ويطلق عليها البعض ارض الاضواء وبلاد العجائب والغرائب والمفاجآت.

مدينة بانكوك هي العاصمة، وهي من اكثر عواصم العالم ازدحاما بالسكان، يصل تعدادها الى حوالي 10 ملايين نسمة، تمتاز بالصخب والضجيج طوال اليوم، تجذب السائح للتعرف على معالمها السياحية واسواقها الضخمة الكبيرة ومحلاتها المتنوعة ومعابدها العجيبة ذات الهندسة الفريدة، ومبانيها ذات الطراز التايلندي القديم، الى جانب المباني الحديثة الاخرى.. اطلق عليها «جنة المتسوقين»، كما كانت تسمى قديما باسم مدينة الملائكة (كرنغ تب)، يزيد من جمالها الطبيعي نهر جوفاي
Chophya
الذي يخترقها من الوسط ويقسمها الى قسمين.
تزدحم المدينة خاصة في الصباح وقت الذروة بكثرة وسائل المواصلات المتحركة بين شوارعها وطرقاتها، من سيارات ومركبات ثقيلة وقطارات، وتمتاز شوارعها بوسيلة التاكسي الشهير الذي يسمى (تك تاك) وهو عبارة عن دراجة نارية بثلاث عجلات تجر خلفها عربة صغيرة ذات ثلاثة مقاعد مغطاة من الاعلى ومفتوحة من الجوانب، ولان هذه الوسيلة من الاشياء الغريبة والجديدة علي، قررت ان اركبها للتجربة فقط، لكنها كلفتني بعض التعب والسعال المتواصل من تلوث الجو المحيط بعوادم المركبات المختلفة، مع انها سريعة ومريحة.. ولكن؟
من الملاحظات الجميلة ان شوارع المدينة على قدر من النظافة المقبولة، لان هناك عقوبات مشددة على من يرمي المخلفات او يتركها في الشوارع.
تمتاز بانكوك بالبنايات الحديثة كناطحات السحاب والفنادق الضخمة وغيرها من احدث المباني التي تجدها في كل شارع ومكان، كما تحتفظ بالبناء التقليدي التايلندي الجميل في بعض البيوت واغلب المعابد.. وما يميزها ايضا ان المحلات التجارية والمطاعم والمقاهي والبنوك والفنادق تنتشر في كل مكان بحيث تجدها جميعا احيانا في شارع واحد فلا تحتاج ان تغادره لقضاء بعض امورك، فكل ما تريده متوافر.. من الشوارع التي تمتاز بهذه الخاصية والذي يرتاح له السياح، شارع كهاوسان
Khao San المزدحم بالمطاعم والمقاهي والمحلات التجارية والملاهي والفنادق ذات الاسعار المعقولة.

معابد بانكوك الجميلة


****************

تشتهر بانكوك بكثرة المعابد التي تنتشر في أرجائها، والتي يصل عددها إلى حوالي 40 ألف معبد، أغلبها معابد بوذية، لأن غالبية السكان تعتنق الديانة البوذية، والتي يجدها السائح أمامه أينما اتجه.
تمتاز المعابد بأحجامها الكبيرة، وأشكالها الجميلة المزخرفة بحلي مذهبة اللون، والمزدانة بنقوش حجرية مزركشة بألوان زاهية يغلب عليها اللون الأحمر البراق، بنيت جميعها على الطراز التايلندي القديم.. تقف مبهوراً أمام روعة تلك العمارة المختلفة، يعجبك أحدها ويشدك جمال الآخر ويبهرك غيرهما باتساعه أو ضخامة بنائه وتشكيلات زخارفه وألوانها.. فقد تفنن البوذيون من الشعب التايلندي بإبراز جماليات هذه الأبنية العجيبة.
من تلك المعابد الضخمة التي زرتها وتجولت داخلها، معبد يسمى «بهو»
Pho
، بصراحة شدني وبهرني تمثال بوذا الذهبي بضخامة حجمه وهو مستلق على جنبه، بطول 46 متراً، مغطى بأوراق الذهب، بحيث لم تستطع كاميرتي أن تلتقط سوى جزء صغير منه، مع ان الكاميرات ممنوعة في المعابد.. ولكن؟
جميع المعابد مفروشة بالسجاد من الداخل، لذا يمنع الزائر من الدخول بحذائه، كما يمنع لبس القبعات، وهذه من طقوس زيارة المعابد.
ومن المعابد الأخرى التي زرتها وتجولت في داخلها، واستمتعت بما حولها من فضاءات وحدائق تشرح النفس، معبد أنثرويهان ومعبد وينشامابويت ومعبد ترامبيت.
لقد أعجبني أحد القصور الملكية القديمة بعمارته الغريبة الرائعة، وتلك المعابد الضخمة الجميلة الملحقة به التي تحيطه من كل ناحية بألوانها الزاهية الذهبية والحمراء، التي يغريك تأملها، خاصة عندما تنعكس عليها أشعة شمس الظهيرة.. وتحيط بالقصر ومجموعة المعابد تلك، حدائق ممتدة خضراء جذابة، تسر الناظرين.
كما تمتلئ بانكوك بالمعابد، تمتلئ أيضاً بالرهبان، الذين يعرفون من لباسهم الموحد ولونه الأصفر الزاهي، كما أنهم يتجولون وهم حفاة الأقدام، وتجدهم من مختلف فئات الأعمار فلا فرق بين صغير ولا كبير.

الأسواق والمولات


***************


تشتهر بانكوك بالعديد من المراكز التجارية والمحلات الكبيرة المختلفة، كما تزدحم بالمولات الضخمة والأسواق الشعبية والبازارات الليلية.. وأهم ما تمتاز به هو تلك الأسواق العائمة التي تنتشر بقواربها الصغيرة وسط النهر الذي تكثر على جانبيه البيوت والمعابد والأسواق الأخرى. معظم المراكز التجارية والمولات تقع على أهم الشوارع الرئيسية في بانكوك ومنها شارع السوكومفيت الشهير.
يعتبر مول سيكون سكوير
Seacon Square أكبر مول في بانكوك، حيث يقع على مساحة تبلغ نصف مليون متر مربع، يحتوي على 4000 محل ومتجر.. كما يتميز بوجود مكتبة ضخمة، ويشتهر بمدينة ملاهي كبيرة للأطفال وصالة بولنغ، ويضم 14 مسرحاً، وساحة تزحلق على الجليد، والعديد من المطاعم. كما يضم أكبر محلين تجاريين في بانكوك، أما موقعه فخارج المدينة.. على السائح الذي يرغب في الاستمتاع بكل هذه الامكانات السياحية في هذا المجمع التجاري الضخم، ان يقضي اسبوعاً كاملاً على الاقل متنقلاً من متعة الى أخرى.
ــ كما يعتبر مول بانتيب بلازا (
Pantip Plaza)، أكبر مركز تسوق داخل بانكوك.. ويشتهر بأحدث الاجهزة الالكترونية والكاميرات الرقمية وكل ما يتعلق بتلك التكنولوجيا الحديثة.
ــ أما مول سيام سكوير (
Siam Square) فيحتوي على محلات وبوتيكات متنوعة أغلبها إن لم يكن كلها، يختص بعالم المرأة من ملابس واكسسوارات وحقائب وأحذية وغيرها، وعندما يدخله الزائر/ السائح، يفاجأ بأن اغلب زبائنه من الجنس اللطيف، كل هذه المغريات الحديثة الجميلة الجذابة أمام عين المرأة، والرجل يلومها على كثرة الصرف والانفاق.. أعتقد انه يظلمها من أروع متعة في حياتها وهي التسوق!
ــ ومن أجمل المولات وأشهرها مركز ام بي كى (
MBK)، وطوكيو سنتر (Tokyo Center).. ويعتبر من اكبر المجمعات التجارية الراقية والضخمة في المدينة، يشتهر ببيع الماركات العالمية والتايلندية المشهورة والمعروفة، كما تزدحم وتنتشر بضائعه في ثمانية أدوار كبيرة وواسعة ويضم اكثر من 2000 محل ومتجر وبوتيك.. وما يميزه أن كل دور من الثمانية متخصص ببيع بضاعة معينة، من ملابس إلى أجهزة الكترونية، ومن شنط نسائية واكسسوارات ومجوهرات إلى ملابس أطفال وألعابهم وهكذا.. كما يحتوي على مجموعة مطاعم ومقاهي متنوعة ومراكز أخرى للتسلية مثل البولنغ ومحلات المساج.
أما مركز امبريوم (
Emperium) فيعتبر من الأسواق الراقية لأن أسعاره غالية وماركاته عالمية متميزة.

الأسواق الليلية


********* ***


تشتهر مدينة بانكوك بأسواقها الليلية، نايت بازار، التي تفتح من الساعة السابعة مساء وحتى الثانية فجراً، أكبرها واشهرها سوق سوان لمْ نايت بازار (
Swanlum Night Bazan).. بنيَّ على الطراز التايلندي تجده دائما مزدحما ومكتظاً بأعداد كبيرة من السواح، يحتوي على جميع انواع البضائع وخاصة المقلدة من الاكسسوارات النسائية وشنط اليد والأحذية والساعات التي تباع بأسعار معقولة جدا.. كما يضم هذا المبنى مختلف انواع المطاعم والمقاهي والملاهي الليلية، يزدان بحديقة خضراء واسعة.. وحين تتجول بين محلاته ومبانيه تلتقط أذناك عشرات اللغات من أفواه الزائرين.. فتبرق عيناك على هذا الكم الكبير من البشر الذين يتجولون معك وقربك بين آلاف البضائع المكدسة.. تجولك واختلاطك بهذه الثقافات المتعددة، يفوق متعة التسوق ولذته.
ــ كما تشتهر بانكوك بأسواق اخرى جميلة وكبيرة تستقطب السواح من كل مكان وهي أسواق الأحد والمولات اليابانية.. والأسواق المتخصصة لبيع البضائع الفنية والاثرية.. كذلك اسواق الحي الصيني لأنه كبير وممتد وأسواقه مختلفة تمتلئ بجميع المنتجات والأصناف الصينية وتكثر به سلع الهدايا والكماليات التي تبهر السواح والزائرين.
ــ لا ننسى الأماكن الترفيهية في بانكوك مثل مدينة دريم وورلد الترفيهية وحديقة الزهور والسفاري وورلد، وحديقة الحيوان.. كما تكثر في بانكوك المتاحف المختلفة وأهمها متحف بانكوك الوطني ومتحف الأحجار النادرة ومتحف المدينة القديمة والمتحف الوطني ومتحف الدمى ومتحف الأطفال وغيرها.

***************

m_alshafei@hotmail.com



























Monday, August 03, 2009

التكنلوجيا الأجنبية





***************



كتبت منى الشافعي



*************







اليوم، وبعد ان أمرتني الكتابة، قررت ان أكتب موضوعا خفيفاً، بعيداً عن لهيب السياسة و«عوار الراس».. الاقتصاد والبورصة وخطوطها الحمراء البراقة.. العملية التربوية ومدخلاتها ومخرجاتها.. الرعاية الصحية ومشاكلها.. مجلس الامة وزحمة الاستجوابات.. خطة الحكومة العشرينية والخمسينية.. الاسكان ومدن الحرير والصوف.. وغيرها من الامور الاكثر تعقيداً، التي ترهق تفكير المواطن وتزيده تعاسة وتأزيماً فوق قروضه البنكية، التي لا ولن تنتهي.

خطر اليوم على بالي، ان ارفض كل انواع التكنولوجيا الاجنبية، الغربية، النصرانية، البوذية.. وبالتالي بدأت بعدم استخدام اللاب توب والنت لامور الطباعة والبحث، وسحبت ورقة بيضاء وقلمَ رصاصٍ وبدأت اكتب.. فجأة، احتجت الى معلومة.. نظرت الى مكتبتي، تصفحت اكثر من خمسة كتب، بعد ساعة حصلت على سطرين، حمدت الله عليهما وتابعت الكتابة.. لحظتها تذكرت لو انني استعنت بالنت، لأعطاني خلال دقيقة عشرات الاسطر عن تلك المعلومة أختار منها ما أريد.. ولكن، ما العمل؟ فقراري اليوم عدم استخدام كل انواع التكنولوجيا الدخيلة على مجتمعنا، التي لا تتماشى مع عاداتنا وتقاليدنا الاصيلة.
بعد ما يقارب قضاء ساعتين من الكتابة المتواصلة شعرت بالتعب.. اشتهيت ان أدلل نفسي بكوب شاي اخضر وقطعة شيزكيك.. تراجعت حين تذكرت ان الشاي واعداده والكيك يدخل في عداد التكنولوجيا الاجنبية.. شربت جرعة ماء -غير باردة- وعدت إلى الكتابة.. بعد ساعة اخرى، بعفوية حاولت يدي ان تضغط على ازرار الريموت لتفتح جهاز التلفزيون، لأستمتع ببعض برامجه.. او حتى افتح جهاز الستريو لأستمع الى بعض الموسيقى الهادئة التي تنعش الروح وتزيل عني تعب الكتابة والتفكير.. لكنني تراجعت حين تذكرت ان كل هذه الامور تدار بالتكنولوجيا الاجنبية.. وحتى أسلي نفسي أخذت أدندن اغنية للعندليب الاسمر عبدالحليم الحافظ.. الغريب انني اديتها من دون اخطاء، مع انني لا استطيع اليوم ان أردد مقطعا واحدا من اي اغنية حديثة.
على كل حال، مرت تلك الساعات بسلام في غياب التكنولوجيا.. بعد تعب الكتابة، هجمت عليّ هواية الرسم والتلوين، احضرت العدة، وعندما فتحت كراسة الرسم لم تصافحني ولا ورقة بيضاء، اذاً انا محتاجة الى كراسة جديدة.. بتلقائية تحركت..خطفت مفتاح سيارتي.. كنت في الدور الثالث.. صافحني المصعد.. توقفت، اذا كان المصعد صناعة اجنبية، فكيف هي السيارة؟.. عدت الى الداخل، وهنا أخذني تفكيري.. ماذا كامرأة واحتجت الى جهاز السشوار لتجفيف شعري؟ كيف سأتابع ذلك المسلسل الاميركي الذي سحرني منذ عشرين عاماً؟ موبايلي مغلق، ماذا لو طلبني احدهم لامر ضروري، هل سأخذله؟ تذكرت ايضا ان اليوم هو الاربعاء، فكيف سأصل الى مقر رابطة الادباء لحضور الامسية الثقافية، هل مشيا على الاقدام؟ كيف سأتناول اليوم وجبة الغداء، المحضرة والمعدة والمطبوخة بكل انواع التكنولوجيا الحديثة؟ هل سأصوم مثلا.. والى متى؟ ماذا لو احتجت الذهاب الى المستشفى لاجراء بعض الفحوصات الطبية التي تتطلب تحاليل مختبرية وجهاز السونار والاشعة.. هل سأرفض لان المعدات والاجهزة والوسائل الاخرى، مصنوعة بأيدٍٍ اجنبية.. اما الطبيب فهو خريج اميركا او لندن او الهند؟!

المشكلة الكبرى، ام المشاكل، التي واجهتني نتيجة هذه الفكرة المجنونة، ورفضي لنعمة التكنولوجيا، هي كيف سأحتمل التواجد في مكان تغيب عنه وسائل التبريد الحديثة، بعد ان تنازلت عن نعمة التكييف المركزي لاكثر من ثلاث ساعات، حاولت خلالها فتح النوافذ طمعاً في بعض الهواء اللطيف، لكنني فوجئت بضباب لندني -آسفة- اقصد غبار محلي كثيف، ارغمني بشدة على ان ابتعد عن فكرة فتح النوافد.. لا سيما ان درجة الحرارة في الخارج تقترب من الـ48 درجة.. فهل هناك مَنْ يتصور هذه الحالة في الكويت، ويحتمل ان يعيش هكذا من غير وسائل تبريد؟ بصراحة هذه الحالة معقدة.

بعد هذه التجربة المجنونة التي عشتها لاكثر من ثلاث ساعات، اتضح ان غياب التكنولوجيا الاجنبية يؤدي الى حالة شلل كاملة في جسم الحياة اليومية لانسان القرن الحادي والعشرين، لانها أصبحت تستعبده، ولكن بكامل ارادته وعن طيب خاطر، لتدخل وتتجذر في كل جزيئيات حياته اليومية وتفاصيلها الدقيقة، ولتنعكس ايجاباً عليه في كل خطواته اليومية.. وبالتالي لا ولن يستطيع ان يستغني عن هذه الساحرة الاجنبية الرائعة.. ومَنْ يقل عكس ذلك، فليذهب الى جزيرة نائية، ويستحضر العصر الحجري، ويستدرج معاناته ويعيش في ظله.. ويدع الآخرين يتنفسون نعمة التكنولوجيا الاجنبية.


m_alshafei@hotmail.com

التكنلوجيا الأجنبية