برنسيس إيكاروس

Thursday, May 19, 2011

هوليود الأمة العربية














































تنفق هوليوود سنويا ملايين الدولارات على انتاج وصناعة افلام الاثارة والحركة، ومنها انواع الحروب الواقعية وحروب الخيال العلمي، وذلك بعدة سيناريوهات ناجحة ومبهرة للمشاهد والمهتم، بحيث لا تخلو تلك الافلام من الرعب والخوف وكميات هائلة من اللون الاحمر القاني الذي يثير الاحساس بالهلع والنفور.. هذه الافلام العالمية تحتاج لنجاحها وتسويقها الى التعامل مع اضخم شركات الانتاج الهوليوودية، والى اشهر المخرجين، والى ممثلين محترفين لهذه الصناعة، والى طاقم مدرب ومهيأ لهذا المجال الاقتصادي.
فمثلا، لانتاج فيلم حربي سنويا، تحتاج هوليوود الى فترة ليست قصيرة لتدريب مئات آلاف الممثلين على كيفية استخدام مختلف الاسلحة الثقيلة، من طائرات حربية وصواريخ ومضادات ارضية، ودبابات، ومن الاسلحة الخفيفة كالبنادق والسكاكين والسيوف والمولوتوف والحجارة.. ناهيك عن توفير عدد من سيارات الاسعاف لنقل القتلى والجرحى، وصناديق خشبية بيضاء مغطاة بالورود والزهور لنقل الموتى.. كما تحتاج الى توفير اعداد اخرى من الممثلين للقيام بأدوار الاسرى والفارين، والهاربين، والمرعوبين من النساء والاطفال، وضحايا ابرياء من الشباب ملطخين بالدماء، وكذلك الى ممثلين للقيام بأدوار «البلطجية، الجرذان، المرتزقة، الزعران، القناصة، العصابات، الارهابيين».. كما تحتاج الى كل الاعمال والممارسات العدوانية، الحربية، الثورية.. كذلك يحتاج الفيلم الى عشرات من الصحافيين للقيام بدور المختطفين، والاهم القيام بانشاء وبناء وتشييد المدن الجميلة، بمؤسساتها ومبانيها وبيوتها ودروبها وحاراتها وزنقاتها، الخاصة والعامة، وميادينها الممتدة، وساحاتها الواسعة، ثم القيام بتطبيق سيناريو التدمير والحرق والتخريب، ونثر اللون الاحمر ليلطخ ساحات الصراع وميادين العراك، وغير هذا وذاك من الاحتياجات السينمائية لانتاج فيلم ناجح مثير بامتياز.
* * *
اليوم، الامة العربية، بغربها وشرقها، بانتفاضة شعوبها وثوراتهم، باحتجاجات شبابها وتظاهراتهم، السلمية والدموية، قد تفوقت على هوليوود وقدمت لها بسخاء عربي على طبق من ذهب، ومن دون مقابل مادي، افلاما واقعية تمتاز بجدارة بالاثارة والرعب والفزع، والتراجيديا، والمآسي التي لا تستوعبها عقول الحكماء والعقلاء في العالم، وذلك ضمن سيناريوهات متعددة الاشكال والانواع والالوان، فكل ما يحتاجه المنتج والمخرج الهوليوودي فقط القيام بعملية مونتاج بسيطة لاخراج وانتاج افلام ناجحة بامتياز، وهكذا ستحصد افلام الواقع العربي الدموي المثير اغلب جوائز الاوسكار السنوية لهذا العام، والى ما لا نهاية، لان الواقع العربي المعروض على شاشات الفضائيات المختلفة، يبدو انه لا يزال مستمراً!

منى الشافعي
m_alshafei@hotmail.com