برنسيس إيكاروس

Sunday, March 25, 2012

الجابرية .. كذبة أبريل


الجابرية.. كذبة أبريل

كتبت منى الشافعي
صحوت اليوم مبكرة على غير عادتي، جلست على مقعدي المريح في الصالة، تناولت جريدة القبس أتصفحها، فجأة، غلبني التثاؤب، لكنني قررت مقاومة سلطان النوم بالقراءة بصوت عال، وأنا أقرأ بعض عناوين الصفحة الأخيرة، وقبل أن أكمل قراءة «غير معقول»، إذ بي أسمع صوت ابنتي تناديني «يمه.. يمه».. وقبل أن ألتفت، كانت قد سحبتني من مكاني مبتهجة، إلى حيث شرفة البيت الواسعة المطلة على أحد الشوارع العامة في منطقة الجابرية، قائلة: «يمه، انظري وتفقدي الشارع، أليست مفاجأة رائعة؟»، وحين جالت عيناي يميناً ويساراً، ابتسمت مندهشة، فقد لفت نظري نظافة الشارع من الأوساخ ومخلفات ترميم البنية التحتية، ولمعان الأسفلت، وتلك الخطوط البيضاء الطولية التي تزين سواده المشع، الذي كان بالأمس يشكو من التشقق والتثلم، ازدادت رقعة ابتسامتي كلما تجول ناظري إلى الأبعد والأبعد، لقد اختفت الحفر الكبيرة، وضاعت الحفر الصغيرة من الشارع الممتد، التي لازمتنا كظلنا طيلة سنوات عجاف، وتسببت في عشرات الحوادث المرورية المؤسفة، كما تسببت في تلف العديد من سيارات سكان الجابرية.
التفت فرحة إلى ابنتي قائلة: «يبدو أن المقاول وعماله المتميزين، وآلاته الكبيرة، وأدواته الصغيرة، وخبرة وزارة الأشغال، قد تكاتفوا وتعاونوا ليلة البارحة لإنهاء الأعمال في شارعنا، بشكل غير مسبوق». ابتسمت ابنتي لتبشرني: «يمه.. ليس شارعنا فقط، لقد أنهى المقاول العجيب كل أعماله المتأخرة/ المنسية في منطقة الجابرية كلها، فأصبحت كأنها مدينة جديدة (بقراطيسها)..» رددت والدهشة تسري في أوصالي: «إذاً اكتمل مشروع البنية التحتية وتوابعه بسرعة مكوكية.. طبعاً يا ابنتي، ألسنا دولة نفطية/ ثرية؟ إنها معجزة.. معجزة.. معجزة».

***
فجأة، صحوت على يد تربت على كتفي، أخذت عيناي ترتعشان، فتحتهما.. جاء صوت ابنتي: «يمه.. يمه.. كنت تحلمين وترددين بصوت مختنق، لكنه مسموع، مقاول، أشغال، شارع، حفرة، الجابرية، سيارة، معجزة، ماذا؟ هل كان كابوساً؟ وجريدة القبس مرتاحة بين يديك»، انتبهت، تحركت بسرعة إلى حيث الشرفة، نظرت أتفقد الشارع، عدت لأقول: «لقد قرأت ما كتبته القبس اليوم في «غير معقول».. ويبدو أن النعاس غلبني فغفوت، وفي الحلم تحققت أمنية سكان الجابرية».
التقطت ابنتي الجريدة، وأخذت تقرأ: «غير معقول.. أن يشتكي سكان منطقة الجابرية، «ق 9»، من وجود حفرة كبيرة عند مدخل القطعة منذ ستة أشهر، من دون إصلاحها من قبل المقاول ولا وزارة الأشغال رغم الحوادث والعراقيل التي تسببها السيارات».. ضحكت قائلة: «يمه، انظري إلى الروزنامة.. اليوم هو الأول من أبريل.. وحلمك كان كذبة أبريل.. فلا تزال الجابرية تئن من خيبة شوارعها المحفّرة، وطرقاتها التالفة/ المرقعة.. ومخلفات المقاول المتكومة.. وكل سنة والجابرية أحلى وأجمل إن شاء الله».. نتمنى.

منى الشافعي
m_alshafei@hotmail.com

Saturday, March 24, 2012

الفرح .. القلق

الفرح.. القلق
كتبت منى الشافعي

لماذا نغتال الفرح في عيون الآخر، ونقتل بهجته وننهره اذا ضحك او صفق او تمايل مع لحن عذب جميل.. لماذا نعد عليه حركاته وتطلعاته، ونحجر على افكاره ونلوم نظراته، ونمارس عليه ولايتنا من غير حق مع ان المادة 30 من دستور دولة الكويت تقول «الحرية الشخصية مكفولة»؟!
***
هذه الممارسات غير المسؤولة وغيرها جعلت المواطن الكويتي هذه الايام، عبارة عن حزمة قلق تتخبط في كل اتجاه.. يزداد قلقه ويتعقد حين يفكر في مستقبل الديرة، مستقبل عياله واحفاده، لأن في الديرة من الاحداث والمؤشرات والتوجهات - خاصة تحت قبة عبدالله السالم - ما يدعو الى القلق والخوف والحيرة والتوتر والتعب، وصعوبة التركيز على اي شيء آخر في حياته الخاصة قد يجلب له الفرح وباقات الورود.. ذلك لان هناك - ايضا - في فضاءات حياته كثيرا من المفاجآت غير السارة - الحياة الاجتماعية والاقتصادية - هموم العمل والصحة والاسرة، تلاحقه من كل حدب وصوب.. بالكاد يستطيع ان ينفذ من احد شقوقها براحة وسلامة، ولسان حاله يقول «وين ما أطقها عوية»!
***
إن الشعور بالقلق وعدم الاستقرار والراحة النفسية، تعتبر من ألصق المشاعر الانسانية بالبشر.. لذا، اصبح المواطن بلا متعة حقيقية تفرحه وتشرح صدره، ولا مزاج مرتاح، ولا روح مرحة.. كل هذه المشاعر الانسانية الرقيقة، الجميلة، تبخرت وطارت من نفسه القلقة، فكثرة الضغوط الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، خطفت منه فرحة الحياة ورونقها المبهج الجميل.. لذا، فإن اغلب الكويتيين - ان لم يكن كلهم - مصابون بامراض المعدة، والقولون العصبي، فضلا عن امراض ارتفاع ضغط الدم والقلب والسكري، والاكتئاب.. وهذه الامراض من اهم اسبابها القلق المزمن والتوتر.. ونحن في الكويت صار لنا مدة طويلة، ونحن قلقون ومهمومون وغير متوازنين في اغلب امورنا اليومية.. فإلى متى؟! وكيف سنتغلب على هذه الحالة القلقة قبل ان تصبح ظاهرة؟!
***
حالة شفاء المواطن الكويتي بسيطة جدا، فالدواء موجود على شكل حبوب شافية تسمى «اولويات نيابية»، تصرفها صيدلية مجلس الامة.. وهناك كبسولات مهدئة تسمى «انجاز المشاريع المعطلة وتفعيل عجلة التنمية» موجودة في صيدلية الحكومة.. نتمنى لكم ولنا الشفاء!

m_alshafei@hotmail.com

Monday, March 05, 2012

أبا قتيبة.. ذكراك حُكمٌ مؤبد

المرحوم الدكتور أحمد الربعي والأديبة منى الشافعي

أبا قتيبة
ذكراك حُكمٌ مؤبد!
كتب منى الشافعي

رحلت باكراً يا أخي وصديقي يا د. أحمد
الربعي، وتركت في قلوبنا غصة، عزاؤنا ذكراك التي بقيت طازجة، ننثرها في الفضاءات
الرحبة، فأنت باقٍ في كل ما حققته من إنجازات في مسيرتك الإنسانية، فقد كفيت ووفيت،
بعلمك وفكرك ورؤاك وفلسفتك وإبداعك.***ها هي ذكراك الرابعة تطلّ علينا
بعتمة موجعة، وحين يمسنا الحنين إليك، يدفعنا بشغف الى تصفح كتاب «أربعائيات»
لتصافحنا كلماتك العطرة الثرية، التي لا تزال تنبض بالصدق والإخلاص، الجمال والرقة،
الأصالة والوطنية، نستمد منها بعض الدفء، وكل العزاء، ومن «الأربعائيات» سأقتطف هذا
القليل: «أشعلوا الشموع، فالوطن يحتفل بعيد ميلاه الجميل، هذا وطن ملوّن مثل قوس
قزح، قوته في ألوانه الصارخة، وفي تفتح كل ألوان الزهور على أرضه، وفي قدرته
الخارقة على الصبر على كل شيء...». ويضيف: «وطنكم في عيد ميلاده يستحق أن نحترم
إنجازاته، أن نقدّر مبدعيه، أن نقف صفاً قوياً ضد كل مَنْ يريد أن يستغله ويسرقه في
وضح النهار، متسلحين بالقانون والدستور والشفافية بوضوح!».***وحين تهاجمنا
الدموع سخية، نستعيد نصيبك من الشعر، فقد كنت محباً للشعر، منفتحاً على الأدب.. لذا
كانت جلسات صباح الخميس في صحيفة القبس مرتوية، مملوءة بالشعر وأحاديث الأدب، ذلك
حين استهوتك لعبة الشعر وسحرك الحفظ والإلقاء، كنا نصغي إليك بشغف ومتعة وأنت تلقي
على مسامعنا بصوتك الهادئ الحنون المعبّر، وروحك الحيوية، أجمل القصائد وأعذبها..
هكذا كنت توفي الجلسات، اللقاءات، المقابلات، الندوات، المناقشات، المحاضرات، حقها،
فتنتزع تقدير المتابعين وإعجابهم بنكهة الدهشة.. لقد كنت حقاً مجموعة
إنسان.***ها نحن اليوم وفي ظل هذه الظروف المعقدة، نشتاقك أكثر، ونتمنى
عمودك «بالمقلوب»، ذا الفكر المؤثر والحس الوطني، والرؤى البعيدة، الذي كان يرطب
قلوبنا بعد كل يباس، ويخفف من أوجاع الوطن التي ازدادت فتراكمت.نعم، كم نحن
اليوم يا أبا قتيبة في حاجة الى «بالمقلوب»، كي نحتمي بتفاؤله من تقلبات الزمن..
فقد أصبحت أمور كثيرة عندنا بالمقلوب.. ناهيك عن عالمنا العربي المنقلب، الذي
لايزال يتقلب على جمر المركبات المفخخة والدبابات الوطنية وغيرها.. وها هي كلماتك
بالأمس وكأنها شاهدة اليوم.. تقول كلماتك: «أوطاننا بحاجة إلى الرفق مثلما هي بحاجة
الى الاصلاح! العاشق والمحب والخائف على أحبته يترفق بهم! الكارهون فقط يمارسون
تعذيب مَنْ يعشقون!».. وتقول أيضا: «الأوطان لا تُبنى بإلغاء حقوق الآخرين وحريتهم
في التفكير بشكل مختلف، وممارسة عقائدهم بشكل مختلف! الأوطان لا تُبنى بالسيارات
المفخخة والقتل على الهوية!».***بصراحة يا أبا قتيبة، مَنْ يستشعر فقدك
بامتياز، هي معشوقتك الكويت.. فقد علمتنا أن نتفاءل بكويت أحلى / أجمل.. وها هي
مقولتك الرائعة «الكويت جميلة»، نحملها تعويذة تنعش قلوبنا.. نتمنى أن تظل الكويت
جميلة بعون الله.. يرحمك الله رحمة واسعة ويسكنك فسيح جناته.. يا أخاً / صديقاً /
أستاذاً... يغيب