برنسيس إيكاروس

Friday, June 22, 2012

بعيدا عن .. قريبا من .

بعيدا عن .. قريبا من .

منى الشافعي

تلقيت من  أحد الأصدقاء الطيبين على الــ «واتس آب» مثلاً فرنسياً، حفَّزني للكتابة، يقول: «في اللحظات السعيدة انس الوقت»، بمعنى استمتع أيها الإنسان قدر المستطاع، لأن اللحظات الحلوة لن تعود مرة أخرى.
***
بعيداً عن السياسة التي أصبحت هاجسنا الأول، وشاغلنا الأكبر، نتلقفها قبل صباح الخير، فنفطر سياسة، ونتعشى سياسة، مروراً بغداء سياسي كامل الدسم، يرهق المعدة ويسبب أكثر من مرض.
***
قريباً من عناصر الحياة الأخرى، فهناك أشياء رائعة في دائرة حياة الإنسان، تكون عادة بينه، ومعه، لكنه في زحمة الحياة ومشاغلها لا ينتبه إلى وجودها، لكن حالما يترك عينيه تبحثان لتكتشفا ما حوله، وتتأملا في رغبة إيجابيات الوجود الجميلة، فستنتعش روحه، ويدخل الفرح إلى قلبه، لذا عليه أن يبدأ صباحه بابتسامة رقيقة مع فنجان قهوته، أو استكانة الشاي المهيّل، باحثاً عما يسره، مثلاً: ضحكات صغيرة، حركات صغيرته الدلوعة، رائحة وردة جورية تحتضنها طاولة الفطور، سماع أغنية قديمة بصوت مطرب عذب كصوت الراحل عوض الدوخي من «الزمن الجميل»، مقطع صغير لفيروز أو سيد درويش، أو حتى موسيقى هادئة حالمة تأخذه بعيداً، تشحنه بذكريات جميلة تبهج لحظات صباحه، وتمنحه طاقة حقيقية ليحتمل ما يخبئه يومه الموزع بين مسؤولياته الحياتية اليومية، وضغوطها المتنوعة.
***
وبالتالي أيها الإنسان، بعد أن تؤدي واجباتك اليومية المتنوعة وتعود إلى عشك المريح، انفض ما علق بذهنك من مشكلات يومك وهمومه، وتقدم بخطوة سريعة إلى المطبخ تجذبك تلك الرائحة الزكية التي تتسرب إلى أنفك بقوة، تذكرك بطبخات الوالدة اللذيذة، وحين تتذوقها بشهية، حتماً ستنسيك تعب نهارك.
***
مع أنها لحظات بسيطة عابرة تحدث خلال يومك، تذكّر أنها قادرة على أن تنتزع أغلب همومك ومتاعبك، لتلبسك ثوب الفرح والسعادة، والأهم ستبعدك، ولو لفترة ليست قصيرة، عما يحدث في «الربيع العربي»، وما يدور تحت قبة البرلمان في الديرة، وما قرأته في الصباح من مانشيتات الصحف اليومية الملتهبة سياسة، والمشتعلة اقتصاداً، وغيرها من المنغِّصات.
وهكذا، لأنك يا مواطن تعبت وزاملك القلق، وسكنك الهم، وصاحبك عدم الاستقرار لأكثر من عقد، وبالتالي ها أنت تبحث عن لحظة سعادة، بل تسعى إليها، لتصنعها بنفسك، من تلك اللحظات البسيطة الجميلة، غير متناس أنها لا تقيّم بمال ولا بجاه لمن يحس بروعتها، ويشعر بقيمتها، ويقدّر دلالتها في حياته، وحتماً ستعوضك - يا مواطن - عما يدور حولك من «فقط.. يحدث في الكويت»، على أمل أن يتحول اللون الرمادي في ديرتنا الجميلة إلى ألوان قوس قزح تبهجك، وتعيد إليك نضارة الحياة وجمالها. قُل آآآمين

Sunday, June 10, 2012

الاهتمام بالشباب مطلب وطني !

الاهتمام بالشباب مطلب وطني!

منى الشافعي
يعتبر الشباب اكثر الفئات العمرية قدرة على العطاء، كما انهم الاكثر تأثرا واستعدادا للاستجابة لكل الامور والاحداث التي تحيط بهم، وتدور حولهم، سلبا او ايجابا.. بمعنى ان الشباب لا ينفصلون عن مجتمعهم، وليسوا بمعزل عن مجريات الاحداث سواء السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية، لانهم يشكلون جزءا مهما من نسيج مجتمعهم.. وبالتالي اذا كانت هناك امور سياسية معقدة، فهم بالضرورة سيعانون افرازاتها السلبية، واذا كانت هناك ازمة اقتصادية فستؤثر عليهم، واذا كان هناك تطرف اجتماعي، فئوي، قبلي، طائفي، ديني، مذهبي، فحتما سيشتعلون بجذوته، ان لم يكتووا بناره.. عندها ستتشكل لديهم اكثر من قضية تؤرقهم، وبالتالي ستشغل يومهم، وسينتج عنها ما يسمى بمشكلات الشباب، ذات الخصوصية المختلفة، خصوصا اذا كان سقف الحرية الممنوح لهم لا يغطي كل متطلباتهم وتطلعاتهم، واحتياجاتهم.. لذا يجب ألا ننسى أن فئة الشباب تحمل مميزات ثقافية خاصة بها تتماشى مع التطور العالمي المتسارع، ومن يتابع تغريدات هؤلاء الشباب عبر «التويتر»، ومسجاتهم عبر «الواتس آب»، وطروحاتهم وافكارهم عبر الفيسبوك، سيشعر بان هذه الفئة تعاني الاجواء السياسية المرتبكة، والحياة الاجتماعية المحتقنة، والحالة الاقتصادية المتدهورة، وحتما ستؤدي هذه الاجواء السلبية الى شعور هؤلاء الشباب بالضياع، وستنتابهم حالات من الغربة، وستصيبهم موجات من الاحباط والقلق، والتشتت الذهني، ناهيك عن دور الاسرة، التي كثيرا ما تضغط على الشباب بدافع الخوف والحماية الابوية.. كما وهناك كثير منهم يعاني اهمالا لمواهبه وعدم الالتفات اليها وتنميتها ورعايتها سواء من الاسرة او المجتمع، او الدولة.. فكل هذه الضغوط، والمتغيرات، والتحولات، والبيئة الرمادية، ان وجدت في اي مجتمع، حتما، ستسبب لهم عقدة الخوف من المستقبل.. وما نخشاه في هذا الجو المأزوم، تمرد الشباب وهذا من حقهم، وانحرافهم كردة فعل لشعورهم بثقل القيود التي تشل رغباتهم.. اما اصعب الانحرافات (لا قدر الله) واخطرها، فهي تعاطي المخدرات، والكحول، وغيرها من الممارسات المرفوضة دينيا واجتماعيا.
***
بما اننا في الديرة، نعيش كل هذه الازمات، والصراعات، والتعقيدات، وحالة عدم الاستقرار، والقلق.. فقد اصبح من الواجب علينا، كأسرة ومجتمع، وحكومة، ان ننتبه لهذه الفئة، ونوليها حقها من العناية الخاصة، والرعاية السريعة الفاعلة، ولنبدأ بسؤالهم.. ماذا يريدون لمستقبل مشرق، واعد، وحياة سعيدة؟! والاهم ان نعطيهم دورا مهما لوضع حلول لمشاكلهم الشبابية، ورغباتهم ومتطلباتهم، بمعنى نشركهم معنا في اتخاذ اي قرار يمسهم، لا ان نفرض عليهم حلولنا ورغباتنا، لان لكل جيل مطالبه وتطلعاته ورؤاه ورغباته، وثقافته الخاصة، فهم اولى منا بوضع تصوراتهم لمستقبلهم الذي هو حقهم.
***
اخيرا، لنع جيدا - نحن الكبار - ان الشباب امل المستقبل، وثروة هذا الوطن، وكنز هذه الديرة، والاهتمام بهم مطلب وطني ملح، حتى تستمر دورة الحياة، وتكتمل جميلة معافاة، لوطننا الحبيب!