برنسيس إيكاروس

Thursday, July 26, 2012

ثقافة التسامح



ثقافة التسامح

*****


يعتبر التسامح من مكارم الأخلاق، ومن أفضل المبادئ والقيم الإنسانية العالية، والمفاهيم الراقية الجميلة والخصال الطيبة الحميدة.
***
لقد تربينا من طفولتنا على أن الإسلام دين التسامح، ولنا في رسولنا محمد، صلى الله عليه وسلم، أسوة حسنة، فقد جسّد مبدأ التسامح وقيمته الأخلاقية المتميزة في أفعاله الرائعة، حين كان يسامح، ويغفر، ويعفو عن كل من آذاه، أو تسبب في ظلمه وأذيته من أعدائه وأعداء الاسلام، وذلك في جميع مراحل حياته، قال تعالى: «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ» (الاحزاب ــ 21).
واليوم، ونحن نعيش أفضل أيامنا، أيام شهر رمضان الفضيل، شهر الرحمة والإيمان، شهر التسامح والغفران، يقول تعالى: «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ» (البقرة ــ 185)، وبالتالي، إذا أدركنا أن البشر خطاؤون، وكلنا نخطئ، إذاً ماذا ننتظر؟! لنفتح قلوبنا، ونسامح كل من أخطأ يوماً في حقنا، وتسبب في أذيتنا وظلمنا، لنتسامح كلنا، الأخ مع أخيه، الصديق مع صديقه، الزوجة مع زوجها، المسلم مع غيره، وهذا ما نحتاج إليه اليوم في فوضى هذا العالم المضطرب، خصوصاً إذا كان تسامحنا، وعفونا وغفراننا، من موقف القوة، ولنا الحق في محاسبة الآخر وإدانته، ولكن كرم أخلاقنا، ومبادئنا الطيبة، تدفعنا بقوة الإيمان والإسلام، إلى التحلي بالتسامح والعفو، والغفران لمن أساء إلينا، وأخطأ في حقنا.
***
يقول ابن تيمية، مقولته الشهيرة في التسامح: «أحللت كل مسلم عن إيذائه لي»، فلنكن كلنا ابن تيمية، أو حتى البعض منا.
إن للتسامح نكهة غير النكهات، وطعماً لذيذاً، لا يشعر به أو يتذوقه، إلا من جرّب التسامح دائماً، ولمن لم يتعاط التسامح أبداً في حياته، يقول علماء النفس: «إن التسامح علاج نفسي، يشفي الحالات المضطربة، التي تعاني من القلق..»، وما أكثر القلق هذه الأيام.
منى الشافعي
m_alshafei@hotmail.com

وزارة الإسكان.. العيال كِبْرِتْ!

وزارة الإسكان.. العيال كِبْرِتْ


قبل ثلاثين عاما ويزيد، كانت البيوت / الفلل في المناطق السكنية الكويتية لا تتعدى الدور أو الدورين، ذلك حين كانت الأسر شبابية، والأبناء إما اطفال الروضة او تلاميذ الابتدائي.
في السنوات الاخيرة اخذت اغلب هذه البيوت ترتفع عموديا لاكثر من دورين، فكلما تأخذك الصدفة للتجول في تلك المناطق، تصافح عينيك أشكال وألوان، من الآلات الضخمة والمعدات المتنوعة، ومواد البناء الأخرى، منتشرة هنا وهناك، تغطي أرصفة تلك البيوت، وكأن ما يحدث فورة تغيير وتجديد، أو عدوى، لكنها عدوى حميدة والحمد لله.. واذا تساءلنا: لماذا؟! يأتي الجواب ببساطة: «العيال كِبْرِتْ».. فأطفال الروضة تجاوزت أعمارهم العشرينات، وتلاميذ الابتدائي تجاوزت أعمارهم الثلاثينات، وطبيعة الحياة تفرض عليهم الاستقلال عن الأهل، والتفكير بتكوين أسر جديدة، امتدادا لأسرهم الأم. والشيء الجميل عندنا في الديرة المعطاءة، من يتزوج من الشباب يحق له أن يتقدم بطلب الى وزارة الاسكان للحصول على بيت العمر.. ومن المعروف ايضا ان هذا الشاب سيظل اسمه محفورا على لائحة الانتظار لأكثر من عقد، ولأن ايجار الشقق في غليان تصاعدي يوما بعد آخر - مع أن العمارات الشاهقة هالأيام تارسة الديرة، ومغطية عين الشمس - لذا كان لابد من وجود حل سريع بتوفير مكان مناسب لهذه الأسر الصغيرة التي بدأت تنمو بسرعة، وهذا ما اضطر الكبار/ الأهل، الى العمل على اضافة دور او اكثر الى تلك المباني القديمة، لتستوعب جميع افراد الاسرة من كبيرها الى صغيرها، ولن نتحدث هنا عن كيفية توفير مصاريف البناء، لأن لكل أسرة قصة خاصة بها، «ولكن يبدو أن البنوك ما قصّرت، ذاهبة لتقديم السلف السخية بفوائدها اللي تقص الظهر»، ولكننا سنركز على التغيير في الحياة الاجتماعية، الذي طرأ على هذه الأسر التي كبرت وتمددت وازدادت أعدادها بفترة قصيرة، بوجود الأحفاد «الحلوين»، الذين يساهم الأجداد بالضرورة في تربيتهم، ورعايتهم، كما يقول المثل: «ما أعز من الوِلْد إلا وِلْد الوِلْدْ».. وهذه مقولة أيضا طريفة قالها أحدهم: «لو كنا نعرف اننا سنحب أحفادنا بهذا القدر، لخلفناهم أولا».
>>>
في الماضي كان «البيت العود» بيت كبير الأسرة، الذي تناقلته الأجيال أبا عن جد، كان يضم الجد والجدة، والأبناء، وزوجاتهم والأحفاد.. ومهما ضاقت البيوت، فإنها كانت تتسع الى الاسرة وتناميها، وكانت الحياة على بساطتها، لها نكهة خاصة لذيذة معجونة بالعواطف الرائعة، ومسكونة بالمشاعر الإنسانية الراقية.
وحين تغيّرت الحياة الاجتماعية وتبدل الكثير من اساليبها في الديرة، ذلك حين منّ الله على الكويت بنعمة الخير/ النفط، اخذت هذه الاسر الكبيرة تتفكك وتتفرق، لتتوزع وتتباعد، واخذ البيت العود، يفقد بريقه واجواءه الحميمة.. وهكذا اصبحت الحياة الاجتماعية قبل النفط في حكم الزمان ومتغيراته شبه مغيّبة وذكرى طيبة.
واللافت هذه الأيام ان «البيت العود» ولمّة الزمن الجميل قد عادت ترفرف على أغلب الاسر التي اخذت تحتضن ابناءها واحفادها تحت سقف واحد لاكثر من عقد، ويعود الفضل الاول والاخير الى وزارة الاسكان.. تحية كبيرة إلى الاسكان!
منى الشافعي
m_alshafei@hotmail.com

الانسانية المفتقدة

                       
الانسانية المفتقدة
*****


لو نظرنا هذه الأيام الى ما يحدث بيننا وحولنا من أمور غريبة، لأصابنا العجب وسكننا الإحباط، فهناك ظلم سافر تقترفه الدول الدكتاتورية ضد شعوبها البريئة المسالمة، المقهورة الصامتة، أمام أعين الآخرين، مدّعية حججاً وذرائع أوهى من بيت العنكبوت، لا يحكمها منطق ولا قانون، بعيدة كل البعد عن الإنسانية.
وعلى مستوى المجتمعات الكبيرة والصغيرة، انتشرت ظواهر عديدة جديدة، مرفوضة دينياً وإنسانياً، يحكمها الظلم والقسوة، كعداء فئة معينة لأخرى، أو فئة متطرفة لفئة وسطية/ معتدلة، أو فئة إرهابية أخرى مسالمة.. وهكذا، حتى أصبح الهواء الذي يستنشقه الأسوياء/ الأغلبية الصامتة، ملوثاً بغبار اللاأمان، حاملاً «فيروس» القهر والظلم والتعدي.
والمؤلم ان العالم أصبح كمن يعيش في غابة، القوي منّا يفترس أخاه الضعيف، لذا تجد هناك من يفترسك بلسانه الحاد السليط، وآخر يكشّر عن أنيابه من خلال قلمه «السكاكيني».. وهكذا حتى أخذ كل فرد يتصدى لمحاربة الآخر والنيل منه، بقوة أدواته الخاصة، لا لسبب مقنع، فقط لأنه إما يخالفه في الرأي، أو من فئة غير فئته، أو من طيف غير طيفه، أو من لون غير لونه، أو من مذهب غير مذهبه، أو من دين غير دينه، بينما جميع الأديان السماوية الثلاثة وغيرها تنادي بالتسامح والإخاء، وتكرّس المحبة والمودة، وتدعو إلى السلام، وتحث على العدل والمساواة.
وفي هذا الإطار المغلق، أصبح الإنسان الوسطي يعيش في عالم يعاديه ويقسو عليه، عالم يقوقعه ولا يرحم إنسانيته، ذلك لأن عالم اليوم قد تغيّر بمفاهيمه وقيمه وأخلاقياته إلى الأسوأ، وأصبح عالماً مقلوباً تحيط حدوده ثقافة الكراهية، والأنانية والنرجسية.. وهنا يلح السؤال: «من ساعد على هذا التغيير الكوني اللاإنساني.. من خرّب صورة الحياة البسيطة الجميلة، وبدّل مفاهيمها الرائعة، وقَلَبَ قيمها الراقية؟ أين ذهب الخير الذي يرادفه الجمال، ولماذا تلطخت الحياة بالشر الذي يرادفه القبح؟».
أما السؤال الأكثر إلحاحاً: «إلى من يلجأ هذا الإنسان المعتدل، الحضاري، الراقي الذي لم تتبدل مفاهيمه، ولم تتغير قيمه الإنسانية؟ من سيشعر بمعاناته، وقلقه في فوضى عالم اليوم (الفوضى الخلاقة) الغابة المتناحرة، المتصارعة، التي يزيدها في عالمنا العربي، بما يسمى الربيع العربي، ظلاماً وعتمة؟»، وبالتالي أصبح هذا الإنسان التائه، لا يعرف ما هو مفهوم الإنسانية الحالي الجديد، ولا كيف يميزه، ولا كيف يقيمه على أرض هذا الواقع المقلوب حوله.
> > >
لا يسعنا هنا، إلا القول: لماذا لا يلتف العالم، شرقه وغربه، شماله وجنوبه، بعباءة واحدة مزينة بخيوط الحب والمودة، ومنقوشة بزهور الإخاء والرحمة؟ لماذا لا تعود الى الإنسان أينما كان إنسانيته المفتقدة؟ لاسيما اننا نعيش في القرن الحادي والعشرين، وليس في القرون الحجرية، ولكن يبدو أن الشاعر الراحل السوري رياض الصالح الحسين، كان محقاً حين قال:
ماذا تفعل
إذا كان ثمة أعياد للقتل
وعيد واحد للقُبلة
منى الشافعي