برنسيس إيكاروس

Sunday, May 24, 2015

أن تأتي متأخِّراً خير من ألاَّ تأتي أبداً!

كتبت منى الشافعي


أن تأتي متأخِّراً خير من ألاَّ تأتي أبداً!

***

أثار انتباهي وحفزني للكتابة خبر قرأته في صحيفة القبس، يقول الخبر: «تمكّنت سيدة برلينية - نسبة الى مدينة برلين - عمرها 102 سنة، من الحصول على شهادة الدكتوراه، وبحصولها رسميا على شهادة الدكتوراه، وهي في هذه السن، تكون بذلك اكبر حاصلة على هذه الشهادة العلمية الرفيعة، عمرا».

* * *
فقبل أيام جمعتني جلسة هادئة، مع مجموعة من الشباب الثلاثيني - من الجنسين - من مختلف المستويات التعليمية والثقافية والاجتماعية، ابتعد الحديث عن هموم السياسة، والحروب العدمية، وتوابعها. وانحرف الى بعض الموضوعات التي تهم الشباب، وكانت شكوى الاغلبية من وقت الفراغ اليومي الممتد لأكثر من ست ساعات.
لذا، أحسست أن من واجبي كأم، أن أشجع هذه الفئة الشبابية على طلب العلم، وأحفزها على الاستزادة من العلوم الحديثة المتطورة، ذات الفائدة النفعية الكبيرة. فطرحت عليهم الالتفات، والعودة الى التحصيل العلمي، ونيل الشهادات الجامعية، والعالية، لتحسين وضعهم الاجتماعي والثقافي والمادي، لا سيما أن اغلب الحضور تحصيله العلمي أقل من الجامعي، كما ان الجميع يشكو من وقت الفراغ اليومي الممّل.
بصراحة أزعجني رد فعلهم، فقد ارتسمت علامات الرفض على الوجوه الشابة، وظهرت واضحة في نبرة أصواتهم. كانت أم الحجج، انه من العيب، والصعوبة ان يطلب العلم صاحب هذا العمر المتأخر «الثلاثينات»، وأجزموا بان الفشل سيكون حليفهم.

* * *
إلى هذه الفئة من ابنائي الشباب نقول ان الله عز وجل افتتح القرآن الكريم بصدر سورة العلق «اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الانسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم». كما قال تعالى في سورة الزمر «قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، انما يتذكر أولو الألباب».
فالاسلام يحثّ ويرغّب في طلب العلم بكل فروعه، والاستزادة منه، ومتابعته وتطويره، لأنه أساس نهضة الامم، وحضارتها وتفوقها على غيرها.
وهناك أمثلة كثيرة في الماضي والحاضر، لشخصيات معروفة، بدأت بتلقي وطلب العلم وهي في عمر متأخر ونجحت بامتياز. فسيدنا أبوبكر الصديق، رضي الله عنه، وهو أعلم هذه الأمة بعد النبي ــ صلى الله عليه وسلم ـــ قد بدأ في طلب العلم وسنه تدنو من الأربعين عاما، وهناك غيره كثر، طلبوا العلم في سن متأخرة، ونالوا النجاح والشهرة.
فمتى ندرك قيمة العلم، وبعض الشباب عندنا، يرفض الاستزادة من العلوم الحديثة المتطورة التي بها ترقى الأمم وتتطور؟!


منى الشافعي
m_alshafei@hotmail.com
@alshafei_m

نشر في القبس: 23/05/2015

Wednesday, May 20, 2015

لنبدأ من الطفل!

كتبت منى الشافعي



لنبدأ من الطفل!
***

  دائماً، عندما نتحدث عن المستقبل نذكر ونشير ونؤكد اهتمامنا جميعاً بالشباب، ثروة المستقبل. وهذا كلام جميل ومنطقي، ولكن ألم نقصّر مع فئة عمرية أخرى من عيالنا، وهي الطفل؟!
فبناء الانسان الحضاري، اجتماعياً وعلمياً وثقافياً، يبدأ من مرحلة الطفولة.
نعم، الطفل هو النواة الاولى لصورة الحاضر، وأمل المستقبل، وبالتالي تجب ايضا الاشارة اليه، والالتفات الى هذه الشريحة الكبيرة في مجتمعنا، والاهتمام بها، ورعايتها الرعاية الكاملة، فالطفل اليوم انسان له جميع حقوقه التي ذكرها ديننا الاسلامي، ومواثيق الأمم المتحدة.
* * *
  اعتبرت رعاية الطفل مسؤولية عامة، يشترك فها الاسرة والمجتمع والدولة، ذلك لأن عالم الطفل عالم مختلف وصعب، يحتاج الى هذه العناية المركزة، والرعاية المكثفة، فالاسرة هي بيئة الطفل الاولى التي تحتضنه بالحب والحنان، وتغرس فيه كل القيم والمفاهيم الجميلة قدر استطاعتها، وتنمي جسده الضعيف الصغير. ثم يأتي دور الدولة التي تقدم له الرعاية الصحية الكاملة منذ لحظة ولادته، والرعاية التعليمية، والتربوية، والتثقيفية.
ولأن الطفل في مراحله التعليمية العمرية المختلفة يحتاج الى من يساعده ايضا على تنمية افكاره، وجميع قدراته الذهنية والابداعية، واكتشاف مواهبه، واكتساب معارف جديدة ـــ غير المدرسية ـــ وهنا يأتي دور المدرسة التي تهتم بهذه الامور جنبا الى جنب مع المناهج التعليمية، والتي نفتقد معظمها في مدارسنا هذه الأيام، ولن نغفل دور المجتمع بمؤسساته المختلفة التي تهتم بالطفولة، مثل مكتبة الطفل، مسرح الطفل، أماكن الترفيه ووسائل التسلية، وسائل الاعلام المقروءة، والمسموعة، والمرئية المختلفة، ببرامجها الاعلامية المخصصة والموجهة الى الطفل بمراحله العمرية المتدرجة.
*
* *
ومن الامور التربوية المهمة في تنشئة الطفل وتربيته، التي يجب ان نلتفت اليها بقوة، تدريب الكفاءات المهتمة بالطفل والطفولة، سواء في المؤسسات العامة او الخاصة، وذلك دوريا، كي تطّلع على كل ما هو جديد وحديث ومتطور في عالم الطفل المتنوع، وأخذ ما يناسب مجتمعنا، ويتماشى مع بيئتنا من علوم جديدة، ومعارف حديثة في تربية الطفل وتنشئته التنشئة السوية الصالحة، كذلك الاستفادة من تجارب الآخرين الناجحة. والعالم المتحضر المتطور لا يخلو يوميا من هذه التجارب.
ولا نغفل تربية الطفل على الإحساس بهويته الوطنية، والقيم والمفاهيم، والمعاني الاصيلة التي تربينا عليها في مجتمعنا، على ألا نهمل التفاعل مع متطلبات الحياة العصرية الحديثة ومتغيراتها المتسارعة، لاننا نعيش ضمن هذه المنظومة، ولسنا بمعزل عنها، وليتنا في مدارسنا نستخدم كل وسائل التكنولوجيا الحديثة الموجهة الى الطفل كي يستفيد منها في عمليتي الخلق والابداع لديه، والدخول في فضاءات هذا الانفجار المعرفي التكنولوجي المتطور بكل ثقة وفاعلية، كي تساعده على الاعتماد على نفسه وبناء شخصيته المستقلة منذ الصغر، بعيدا عن طريقة الحشو والتلقين، التي لا تزال تسكن مدارسنا النظامية، وتعشش في عقولنا.


منى الشافعي
m_alshafei@hotmail.com
alshafei_m@

نشر في : 16/05/2015

Saturday, May 09, 2015

لنساعد شبابنا الطموح!

كتبت منى الشافعي


لنساعد شبابنا الطموح

***
    التعاون من أجمل عناصر الحياة واهمها، ومن اروع الصفات الانسانية التي يتحلى بها البشر، وهو من ضروريات الحياة، خصوصاً في هذه الايام الضبابية الثقيلة الصعبة، التي كثرت متطلباتها اليومية المتنوعة، فلم يعد يحتمل ثقلها الشخص منفرداً، وبالتالي يحتاج الى من يعينه حتى يتخطى صعوباتها، ويتغلب على مشاكلها. وهكذا اصبحت الحاجة ملحة للتكافل الاجتماعي، وتعاون بعضنا مع بعض.. قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً». ويشرح علم الاجتماع التعاون بأنه آلية تقوم بها مجموعة لعمل ما بدافع المنفعة المشتركة، او العامة، وهو ممتع ومثمر. أما المفكر العالم بيرتراند راسل فيقول: «الأمر الوحيد الذي سيحرر البشرية هو التعاون».
* * *
     لذا، فلنبث روح التعاون بيننا كمواطنين، ولنسعَ جميعا الى تعزيز هذا التعاون وتجسيده من اجل الاصلاح والتنمية، وبناء مجتمع حضاري يواكب عصره، ولنبدأ بمساعدة شبابنا الطموح، وتبني قضاياه ومساعدته في حلها، والذي يشكل حالياً ما نسبته %60 تقريبا من التركيبة السكانية للمواطنين، ذلك لأن الشباب هو الاستثمار الحقيقي لتحسين وبناء مجتمع قوي متماسك، وهو أمل الديرة ومستقبلها الواعد. وبالتالي من حقه علينا جميعاً أن نرعاه ونهتم بمتطلباته وتطلعاته، ونبدأ بتأهيله في جميع المجالات، حتى يساهم بتسريع عجلة التنمية وتدويرها، وأهمها عجلة الاقتصاد. فمن الممكن توجيه بعض الشباب المؤهل المتجانس والطموح في الاشتراك بمشروع اقتصادي صغير كبداية، وبالضرورة سينمو هذا المشروع وينهض ليكبر، في حالة لو لقي المساعدة المادية والمعنوية والتأهيلية والدعم الحكومي، وخاصة من القائمين على «الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشاريع الصغيرة»، وذلك بتبسيط الاجراءات وتسهيلها لهذه الشريحة الشبابية الطموحة. وهكذا، هذه المساعدة كفيلة بتمكين شريحة كبيرة من الشباب من المساهمة بتحريك الاقتصاد. وبالتالي ستقل نسبة البطالة الموجودة حالياً في الديرة، وتنعش جزءا لا بأس به من الحالة الاقتصادية الراكدة، وتخلق فرص عمل جديدة تستقطب شباباً آخرين ممن ينتظرون الوظيفة الحكومية. والأجمل سيستغل الشباب وقت فراغهم اليومي الطويل، وطاقاتهم الايجابية المعطلة، بالعمل الجاد المثمر والممتع، الذي حتماً سيرتقي بهم ويحسن من دخلهم المعيشي، وحالتهم الاجتماعية، ويساهم في رقي الديرة وتطورها بتحريك عجلة التنمية البطيئة.
فالتعاون الجماعي من الأفراد والمؤسسات العامة والخاصة، احد أنجح الحلول لحل بعض مشاكلنا الاقتصادية، والاجتماعية، وهو مطلب وطني.. إذاً، لنتعاون!

منى الشافعي
نشر في : 05/05/2015
m_alshafei@hotmail.com


Saturday, May 02, 2015

«مكانك خال».. «افتقدنا وجودك»!



 كتبت منى الشافعي


«مكانك خال».. «افتقدنا وجودك»!
***
مكانك خال.. افتقدنا وجودك.. لك وحشة.. ما اجمل هذه العبارات، خاصة اذا جاءت من أعز الاصدقاء. تشعرك بان الحياة من غير الاصدقاء ناقصة. فالصداقة ملمح انساني جميل واحاسيس ومشاعر أجمل، وهي مشاركة وجدانية تقهر الاوجاع والاحزان والآلام في الحياة بين الناس. وهي تفعيل لعدة مشاعر، وأحاسيس إنسانية ومشاركة وجدانية.
***
وعكة صحية خفيفة ابعدتني عن الحراك الثقافي وخاصة حضور الامسيات الثقافية، والندوات الأدبية، وتلبية الدعوات العامة والخاصة. فقد كانت نصيحة الدكتور، الراحة التامة، وعدم الحركة زايدة، بمعنى الطلعات والروحات. التزمت للاوامر الطبية وكنت مسجونة بين الكتب التي اعشقها وتبادلني هذا العشق.
الاجمل من كل هذا وذاك، انني حين ابتعدت عن حضور الامسيات الثقافية والزيارات الخاصة، والدعوات العامة وغيرها، طوال فترة علاجي، سمعت عبارة «مكانك خال» من عشرات الاصدقاء والصديقات، كما قرأت عشرات الواتسابات التي تقول «افتقدناك يا الغالية»، «لك وحشة». ناهيك عن المكالمات التي تسأل وتستفسر والتي تعرض خدماتها، ومن اقتطع جزءا من وقته الثمين وجاء لزيارتي ليطمئن، لدرجة انني خجلت من نفسي، من كل هذا الحب الانساني الراقي، الذي احاطني بذراعيه، ومن تلك المودة الشفافة التي سورتني برقتها وطيبتها.
***
يقال «ان الصداقة نعمة من الله وعناية منه بنا»، فكيف لا تكون كذلك وهي ملح الحياة ورائحتها الطيبة العطرة. فمن منا كبشر يستطيع ان يعيش بلا صديق يشاركه ويتقاسم معه الهموم والأحزان، والافراح وحلاوتها.
هذا هو الحب وهذه هي الصداقة،وهذا هو جمال الحياة بفطرتها وعفويتها. فعلا الصداقة رحمة ونعمة من الله سبحانه، وهي حق ملح الحياة، وأعذب عطورها. ذلك لان الحياة لم تعد تلك السهلة البسيطة، فقد أخذت تتعقد وتتغير وتتشكل كل لحظة بأشكال جديدة، وبالتالي، فالمحظوظ منا من سيظل محاطا بأصدقائه الرائعين المخلصين، وحينها سيشعر دائما بأن الحياة سهلة رغم وعورة اغلب دروبها.
بصراحة مع ان حالتي اتعبتني، ولكنني بفضلها عشت تجربة انسانية رائعة، وحمدت الله تعالى الف مرة انني انسانة محظوظة محاطة بأجمل واطيب، واروع الاصدقاء.
نتمنى الا نبتعد او نفقد أصدقاءنا الرائعين، فهم كنز يتوج حياتنا، وتاج يلمع فوق رؤوسنا، وصداقتهم كالصحة لا نشعر بقيمتها الحقيقية إلا عندما نفقدها. فلنحب الصداقة، ولنتمسك بأصدقائنا المخلصين.
أحبائي.. الله لا يحرمني منكم ولا من عبارة «مكانك خال يا الغالية» ، «افتقدنا وجودك»، «لك وحشة». 


منى الشافعي
m_alshafei@hotmail.com

@alshafei_m

نشر في : 28/04/2015