برنسيس إيكاروس

Tuesday, March 21, 2017

قيمة قطرة الماء !


قيمة قطرة الماء !

***
     إن الاستهتار والمظاهر السلبية من بعض الشباب والأطفال، التي شوهت احتفالاتنا الوطنية في شهر فبراير الماضي، لم تكن بسيطة أو سهلة، بل هي ظاهرة سلبية دخيلة، ينبغي التصدي لها، والقضاء على رعونتها، أو على الأقل الحد منها.
وأكثر مظهر سلبي استفزني ودفعني إلى الكتابة، هو هدر المياه عن طريق مسدسات الرش وبالونات الماء، وهي تصرفات غير مسؤولة وغير واعية لأهمية قطرة الماء.
***
     ينبغي أن نعي أن العالم يواجه مشكلة ازدياد ظاهرة التصحر ونقص المياه العذبة، وأن هناك من يموت عطشاً من البشر، وخصوصاً من الأطفال؛ لأن المياه العذبة أصبحت شحيحة في بعض المناطق من العالم. وهناك من أطفالنا من يهدر الماء من دون إحساس.
    كما ينبغي أن نعي أننا دولة تفتقر إلى الموارد العذبة الطبيعية للماء، وبالتالي نعتمد على التقطير من مياه الخليج العربي، وهذا أمر حيوي يحتاج إلى عمليات معالجة دقيقة وصعبة وطويلة، ومكلفة مادياً، لذا علينا المحافظة على المياه العذبة والمالحة أيضاً، وعدم هدرها في أمور سلبية، بل نحتاج إلى توفيرها، وترشيد استهلاكها، قبل أن تشح علينا. فمتى نعي لنعلّم عيالنا أن الماء نعمة إلهية، ينبغي الحفاظ عليها للأجيال القادمة؟! قال الله تعالى: «وجعلنا من الماء كل شيء حي».
***
    من المفارقات والمواقف التي تثير الحسرة لدينا أحياناً، وبالصدفة كنت خارج الديرة، سألت أحد المراهقين من سكان المدينة: «لماذا تحافظ على المياه العذبة بهذه الصورة، وبلادكم ما شاء الله تحيطها أكبر المحيطات، وتكثر فيها الأنهار والبحيرات؟! ــ كان مقتصداً جداً باستخدامه للمياه العذبة ــ أجابني بعبارة مسؤولة بقدر ما أبهرتني أحرجتني: «حتى أوفر هذه القطرة لأحفادي».
     يا جماعة.. المراهق يفكر بأحفاده! إنه الوعي الذي تربى عليه في البيت والمدرسة والمجتمع، إنه الإحساس المبكر بالمسؤولية تجاه الجميع، إنه التفكير الواعي بمستقبل الأجيال القادمة. فمتى نحن الكبار قبل الصغار نعي قيمة هذه القطرة؟!

منى الشافعي
m_alshafei@hotmail.com
جريدة القبس 18 مارس 2017





غصن زيتون أخضر لذكرى الربعي !


غصن زيتون أخضر لذكرى الربعي !



***

      هناك قلائل من الناس حين تتعرّف عليهم في حياتك لا يمكن أن تنساهم، وتظل ذاكرتك تحمل ذكراهم العطرة. أنت أحدهم.. أخاً وصديقاً لا تغيب عن ذاكرتنا أبداً يا دكتور أحمد الربعي.
     ها هو وجه يوم «الأحد 5 مارس» يصافحني دامعاً، حزيناً كأنه يشعر بحزني على فقدك، ويتألم على غيابك كما محبيك الآخرين.. لغة الرثاء موجعة يا أبا قتيبة.
     قبل 9 سنوات سكت قلمك المتميز في الصحافة، اختفى صوتك العالي بالحق في الفضائيات، افتقدنا عطاءاتك التي تمس أكثر من جانب في حياة الديرة السياسية، الاجتماعية، العلمية والأدبية.
     رحلت عنّا باكراً وتركتنا نشتاق إلى عمودك الصحافي «بالمقلوب» الذي يشي بحسك الوطني.. واليوم أكثر أوضاعنا باتت بالمقلوب، في ظل فوضى عالم اليوم وضبابيته التي ازدادت عتمة، فكم نحتاجك في هذه المرحلة الرمادية المعقّدة، لأنك أحد رجالها.
     نشتاق إلى أربعائياتك؛ تلك الاستراحة الوجدانية التي ترطّب يباس النفوس. أتدري.. ما زلت أتكئ على كتابك الموسوم «أربعائيات» في عزائي لفقدك.
    افتقدنا جلساتك المسكونة بالشعر والشعراء، وسحر الأدب، الذي كنت تعشقه وتردد أجمله شعراً ونثراً.
     نحتاج تفاؤلك حين تردد دائماً «الكويت جميلة.. تفاءلوا»؛ إنها تعويذتك التي حملناها في قلوبنا، نرددها في كل المناسبات، فمحبوبتك الكويت تعدك، مع كل هذه الأوضاع المقلوبة، ستظل جميلة.
     لن يغيب اسمك أو ذكرك يا أبا قتيبة عن الكويت الجميلة، فعطاؤك لا يزال ينبض حولنا، نردده، نستشهد به، نحفظه؛ وهكذا ستظل ذكراك طازجة وحاضرة.
     لن أنساك يا د. أحمد.. فتشجيعك لي، وثقتك بحرفي، يسكناني، وتوجيهاتك الأدبية لا تزال مندسة في دفاتري العتيقة، أما مقولتك المحفّزة، فها هي ترن في أذني: «إن حياة البشر قصيرة، وحلاوتها في الأحلام، وجمالها في تحقيقها».
     لك فراغ كبير في قلوب محبيك، يتسع كل عام ويتمدد.
يرحمك الله، ويسكنك فسيح جناته.

منى الشافعي
m_alshafei@hotmail.com
جريدة القبس 5مارس 2017

هل نعود إلى اسلوب حياتنا ؟!


هل نعود إلى اسلوب حياتنا ؟!

***
     لأربعة أيام مضت، امتنعت يدي اليمنى، مجبرة، عن تحريك مفاتيح هاتفي النقّال، وبالتالي انقطع تواصلي اليومي المستمر مع الأصدقاء الرائعين عبر «الواتس أب»، كما أصدقاء الفضاء الافتراضي عبر حساباتي المتنوعة في وسائل التواصل الاجتماعي.
     سبب انقطاعي عن تواصلي الجميل مع الأصدقاء، نتيجة آلام شديدة في يدي اليمنى، أجبرتني أن أتصالح مع «إبرة كورتزون» في يدي. وبالتالي استخدام الهاتف النقّال، واللاب توب، والآي باد، قد توقف عندي، لأن مجرد الضغط بالأصابع على لوحة مفاتيح هذه الأجهزة، يسبب وجعاً، ويؤخر الشفاء.
***
    في اليوم الخامس، وبعد أن خفّ الألم، حاولت أن أفتح الهاتف النقاّل، وأحرك بعض مفاتيحه، لبضع دقائق، متلهفة على ما فاتني!
بصراحة.. هالني الكم العددي من الرسائل النصية التي تكومت بارتياح في صفحات الأصدقاء عبر «الواتس أب». ناهيك عن حساباتي في الوسائل الأخرى، التي لم يسعفني وقتي لغير قراءة العناوين فقط.
ما لفت نظري، لم يكن هناك أي رسالة نصية من بين هذا الكم الهائل تستفسر عن انقطاعي المفاجئ عن عدم التواصل. يبدو أن أغلبيتنا، وأنا منهم، لا ينتبه إلى هذا الأمر. ويستمر في الإرسال من دون أن يتأكد أن الطرف الآخر قد فتح رسائله، أو العكس.
     وهذا ما دفعني للكتابة، فمن المؤلم أن تلك التكنولوجيا الذكية، استعبدتنا وسيطرت على حياتنا بشكل آلي، فأصبحنا جميعاً مرسِلاً ومستقبِلاً، وما بينهما من رسائل مختلفة بسلبياتها وإيجابياتها، جامدة بلا روح طرية، ولا نكهة شهية. لذا ضاعت الأحاسيس الإنسانية، واختفت المشاعر الرقيقة.
والأنكى افتقدنا حميمية المكالمات الصوتية، واللقاءات الجميلة. وهكذا أثّرت تلك التكنولوجيا الحديثة بشكل واضح في تغيير أسلوب حياتنا في التواصل، مكتفين برسالة نصية قصيرة لا طعم لها ولا رائحة.. وحتى هذه الرسالة لم تصلني من الأصدقاء، أقصد الأصدقاء الذين أتواصل معهم بشكل يومي، لتقول «.. عسى ما شر؟!»!
    لست هنا لأعتب على أصدقائي الرائعين، لكنني أتألم لما وصلنا إليه، وأعتب وألوم على التكنولوجيا. فهل هناك بعض الأمل في التغيير والعودة لأسلوب حياتنا، قبل الحديثة والذكية، و.. و.. و.. والحبل على الجرّار؟!

منى الشافعي
m_alshafei@hotmail.com
جريدة القبس 1 مارس 2017

فرح فبراير !


فرح فبراير !

***
     الكويت جميلة، أنيقة وطيبة، على صغر حجمها، لكنها تتسع لكل أطيافها الرائعة. لذا تستحق أن تتزين بكل ألوان قوس قزح الزاهية المشرقة، ومن حقها علينا ــ عيالها ــ أن نحتفل بأعيادها، ونزيدها فرحاً، ومرحاً ووناسة.
فبراير الديرة يختلف، له نكهة لا تشبه غيرها، وفرحة غير الفرحة، وحضور جميل يميزه، فها هو الربيع يطلّ علينا بأزهار نويره الملونة، وروعة نخيله الشامخ، ورائحة وروده التي تجدد الحياة من حولنا.
     وأجمل ما يحمل بين أيامه الربيعية المشتهاة أعيادنا الوطنية الغالية علينا، عيد الجلوس/ الاستقلال، وعيد التحرير. ولن نغفل هنا احتفالات «هلا فبراير» المتنوعة المبهجة للصغار والكبار، أما حراكه الاقتصادي فيسعدنا.
***
     في فبراير تتزين البيوت بأعلام الوطن، تتباهى الشوارع والطرقات، المحال والمولات وغيرها، بالأنوار الملونة، والأضواء البرّاقة التي تبهج النظر، وتسر الخاطر.
نحتاج فقط إلى أن تتجمّل قلوبنا جميعاً، بكل أطيافنا، باحترام الآخر وتقبله كما هو، والتعايش الجميل معه، وأن تتبارى نفوسنا بالتسامح والإخاء، الحب والمودة، التي بدأت تتآكل في مجتمعنا الصغير. كما نتمنى أن نغسل قلوبنا من شوائب الأحقاد والشرور اللئيمة، التي أخذت تنخر بجسد ديرتنا المسالمة الطيبة، وأن تتزين أرواحنا بالبياض والنقاء، قبل أن نزين بيوتنا بالأنوار والأضواء البراقة.
***
      منْ منّا يرفض الفرح؟! في الوقت الذي بتنا نتعطش إلى لحظة حب دافئة، نظرة تبهجنا، كلمة محبة توقظ مشاعرنا الغافية وتحرك أحاسيسنا الهاربة، في ظل هذا العالم المهووس بالنزاعات الطائفية والحروب العدمية، الملوث بكل أنواع الفساد وأشكاله المرفوضة، وغيرها من منغصات الحياة.
رغم كل هذه الظروف المتعبة المرهقة، غير المألوفة، التي نمر بها داخل الديرة وخارجها، لن ننسى أننا شعب يعشق الفرح، فطرنا على حب الوناسة، نسعى إلى الحصول عليها في كل لحظة من لحظات حياتنا، كما لن نغفل أن شهر فبراير كريم بعطاءاته الحلوة الجميلة المتنوعة.
      إذاً، لنعش هذا التنوع من الفرح والمرح والوناسة، التي تعجبنا ونرغبها، فالحياة أقصر مما تتخيلون. وعلى كل منغلق ورافض للفرح أن يبتعد بسهولة عن هذا الدرب، ويدع غيره يعبّر بعفوية وتلقائية عن كل حالات الفرح التي تسكن روحه الطازجة، ويستمتع بكل مظاهر «هلا فبراير» وأعيادنا الوطنية وغيرها من أعياد الحب والفرح.
      من حقنا أن نفرح ونبتهج، ولتكن كل أيام الديرة أعياداً سعيدة، وكل فبراير والجميع بألف فرح!
منى الشافعي
m_alshafei@hotmail.com

جريدة القبس 19 فبراير 2017