برنسيس إيكاروس

Friday, April 14, 2006

## هوامش من دفاتري العتيقة ##

#الصين 1 #
*الكاتبة منى الشافعي *
كتب الأخ الزميل حامد الحمود مقالا رائعا عن الصين، تحت عنوان «النمو الاقتصادي في الصين وأثره على العالم».. وهذا ما دفعني، بل شجعني للكتابة من هوامش دفاتري العتيقة.. فشكراً له ولقلمه.. وما دام الشيء بالشيء يذكر، ومحورنا هو الصين هذه الدولة العظيمة، فقد ذكرتني مقالته الجادة ذات المعلومات التاريخية الغنية والعمق الاقتصادي،.. اقول ذكرتني في الصين عندما زرتها للمرة الأولى قبل سنوات، ببعض الحكايات الخفيفة والطرائف التي حدثت معي هناك، فأحببت ان اذكرها لكم وأدسها بين مقالات الأخ حامد الحمود للمتعة والترفيه، علنا نبتسم قليلاً ونروح عن أنفسنا.. وإليكم ما حدث: عند زيارتي للصين، وتحديدا مدينة «بكين» العاصمة العريقة، وفي اليوم الثاني لوصولنا، احتجت لشراء بعض المواد الغذائية البسيطة، فتوجهت الى «السوبر ماركت» الذي كان يشغل مساحة كبيرة من سرداب الفندق.. وهناك وجدت صعوبة للالتقاء بشخص يتحدث اللغة الانكليزية، وطبعاً أختكم (آنه) لا تجيد حرفا صينيا واحدا وما شاء الله، «السوبر ماركت» يشبه في اتساعه وحجمه تعداد الصين ـ يعني وايد كبير ـ وحتى لا أضيع بين زواياه ورفوفه ومداخله ومخارجه، وبما أنني كنت في عجلة من أمري، وهذا ما يحدث معي دائما في حالات السفر الرسمية - كله مستعيلة وبس - رأيت ان استعين بمن يدلني على اتجاه او الزاوية التي تضم رفوف الخبز وثلاجات الأجبان، وهكذا بقيت مدة ليست بالقصيرة، احاول ان اسأل المرتادين عن مكان الخبز، دون فائدة، فالمتحدثون باللغة الانكليزية آنذاك قلة - مثل ندرة الخل الوفي هذه الأيام - ما علينا، أخيراً بقدرة قادر جاء الفرج مع احداهن وهي تدفع «عربانتها» التي امتلأت بأصناف الأكل الصيني، تهللت اساريري فرحاً، فقد تجاوزت مشكلة اللغة والتفاهم، فطرحت سؤالي المختصر عليها ـ ما قصرت الأخت الصينية الحبوبة ـ أخذتني مع «عربانتي» الفارغة الى حيث رفوف الخبز المعدنيةالعالية، الكبيرة، وبقربها اصطف عدد من الثلاجات التي تئن من أكداس الأجبان وأنواعها، عبر دهاليز وزوايا ومتاهات هذا «السوبر ماركت الجايانت»، وقبل ان أشكرها ومن لهفتي وفرحتي، مددت يدي بسرعة أبحث بين أكوام أنواع الخبز عن الخبز الأسمر وتحديدا «الراي»، الذي أفضله، وهكذا انشغلت عن الأخت ما يقرب من الدقيقتين فقط، وحين استدرت ملتفتة إليها، لأطرح سؤالي الثاني، مستفسرة عن احد الأصناف الذي تحمله يدي.. نظرت اليّ الأخت باستغراب، وكأنها لا تعرفني ولم تسمعني من قبل أهذر معها باللغة الانكليزية.. يا إلهي ماذا حدث لهذه الإنسانة - توها كانت حليوة - لماذا تتجاهلني الآن؟!كان سؤالي بسيطاً جدا والرد عليه أبسط بكلمة Yes أو No!! يعني: نعم أو لا!!.. حاولت ان أزيد رقعة ابتسامتي، متسائلة بهدوء عن سبب تصرفها الغريب ودهشتها التي ارتسمت على وجهها، علما بأنني - ما سويت شي يزعلها -. على كل حال، أخيرا ابتسمت هي الأخرى - أشوة ما قصرت على الأقل ريحتني - وردت على تساؤلاتي باللغة الصينية البحتة، وما تزال ابتسامتها تشرق فوق وجهها القمري الأبيض الجميل، مع حركة اهتزاز الرأس، وتناثر الشعر الأسود الناعم - حيل - القصير على خديها.. تلك الحركة - ما يبيلها ترجمة - هنا فقط انتبه ذكائي الذي كان قد غادرني للحظات فقط، وهمس لي، فعرفت ان محدثتي هذه بلغتها الصينية، ليست هي تلك السيدة التي تجيد اللغة الانكليزية والتي كنت قد تحدثت معها قبل قليل بسهولة.. لقد غادرت المكان، بينما كنت انا منشغلة في البحث عن الخبز الأسمر - يا له من أسمر - أما الأخت التي أمامي الآن فهي غيرها!!. أعزائي.. الحقيقة، العتب على النظر، فقد كنت أرى كل الأخوات الصينيات متشابهات، شكلا ولونا، طولاً وعرضا، لوناً وتقاطيع، مكياجاً ولبساًَ.. وكل الإخوة الصينيين أيضا متشابهون.. مع العلم ان تعداد الصين يفوق المليار بقليل، أتدرون كم هو القليل؟.. حوالي 300 مليون، يعني يساوي تعداد الأمة العربية تقريباً!.هذا ما حدث معي في صباح اليوم الثاني للرحلة!!.. فماذا حدث في مساء اليوم؟!

0 Comments:

Post a Comment

<< Home