برنسيس إيكاروس

Thursday, February 08, 2007

## جائزة درع البيئة الأول ##

منى الشافعي: قصص بديع أبوجودة متحررة من اللغة الصعب

حصلت على درع البيئة الأول في بيروت

أقامت ندوة «الجودة» ورابطة القدامى، ولجنة اليوم العالمي للبيئة لقاء أدبيا في بيروت، لمناسبة صدور المؤَلَفْ العشرين للدكتور بديع أبوجودة الذي يحمل عنوان «محطات عبر الأيام».وحضر اللقاء العديد من الشخصيات الأدبية والثقافية والفنية، وبعض كبار المسؤولين اللبنانيين.وقد شاركت الأديبة منى الشافعي من الكويت بورقة عمل تحمل عنوان «إطلالة انطباعية في محطات عبر الأيام»... نالت استحسان الحضور... وفي نهاية هذه الاحتفالية الأدبية، قدم الدكتور بديع أبوجودة، رئيس وصاحب «ندوة الجودة»، «درع البيئة الأول»، للأديبة منى الشافعي، تكريما لسيرتها الأدبية، وكتاباتها الصحافية.وقد تضمنت ورقة العمل قراءة لثلاث قصص من الكتاب، وموضوع آخر عن الأمومة.لتقول بعنوان: «إطلالة انطباعية في محطات عبر الأيام!»: «لن أستطيع في هذه العجالة أن أقول كل ما عندي ولن تسمح هذه الدقائق القليلة أن أقول بعض ما عندي، عن الدكتور بديع أبوجودة الإنسان والأديب، الكاتب الشامل، المبدع، الناشط والفاعل في الشأن الثقافي العام، فهو كرمز ثقافي وأدبي معروف ومشهور، له بصمات واضحة ومغروسة في أروقة ودهاليز الساحة الثقافية اللبنانية، ذلك لثراء تجربته الكتابية وتنوع مواهبه... لكنني حتما سأجد بعض اللمحات التي استوقفتني والاشارات الصغيرة التي شدتني في أدب هذا الكاتب المميز، والتي أتمنى أن تفي ولو بجزء صغير من حقه الأدبي ومكانته الثقافية العالية... ها هو، الدكتور بديع أبوجودة، يبعثر أوراق محطاته عبر الأيام، فيتناثر منها، محاولات أدبية ممتعة، جميلة، شفافة، يترجم من خلالها، حبه وتقديره للأهل والأقارب، والأصحاب والأصدقاء، والمثقفين والمبدعين، ويكتب بصدق عن علاقاته الحميمة وتعلقه بهم، فقد تناول بين دفتي كتابه الجديد الموسوم محطات عبر الأيام لمحات كثيرة من سير هؤلاء المقربين إليه وبمناسبات مختلفة».وأضافت الشافعي: «بما أنني أميل إلى الأدب القصصي والروائي في كتاباتي، فقد جذبتني بعض المواضيع المتفرقة في الكتاب، بصراحة شدني أحد المواضيع بقوة غريبة، واستوقفني كثيرا للتأمل، جعل دموعي تهطل وأحاسيسي تلتهب ومشاعري تتوقد نحو الأمومة وإلى كل الأمهات، ذلك هو النص الذي كتبه أبوجودة بشفافية وصدق وعاطفة تجيش بالحب والاحترام والتكريم، لوّنه بكل عبارات التقدير وعرفان الجميل، ليس فقط لأمه الغالية، إنما لكل الأمهات، فقد عبر الكاتب عن حبه لأمه حين قال: أحبك يا أمي، في يوم عيدك، وأحبك كل يوم... هل هناك أجمل وأعمق وأبلغ من هذه العبارات، التي يستهل بها الكاتب مقالته التي تحمل عنوان أمي، منيرة دربي. في هذه المقالة، يظهر الدكتور بديع أبوجودة مدى حبه وتعلقه بأمه ومدى تقديره وإجلاله لروحها الطاهرة... من منا لا يحب أمه ولا يعتز بها؟! أنا أيضاً يا دكتور بديع، مسكونة بحب أمي، وأعتقد ان تدليل أمي لا يزال يلفني بحنانها ودفئها، أما لذة حليبها فلا يزال يرطب جفاف لساني... فحبنا جميعا لأمهاتنا يتجاوز دائماً كل الحدود».وأضحت ان بديع كتب «طوبى لأمهاتنا البطلات، ولو غيب الموت بعضهن... فذكراهن باقية إلى الأبد»... لتقول: «نعم فذكرى أمهاتنا لم ولن ترحل من ذاكرتنا، فهي باقية بين ضلوعنا إلى يوم عدمنا. ولقد أنهى الدكتور أبوجودة موضوعه المتميز، بهذا النص المعبر، الذي سأقتطف منه بعض اللمحات.لن ترحلي أمي! لا لم يغب نور وجه أمي، باق هو أبدا، في قلبي، في صميمي، في لحمي، وفي دمي! لا، لم تمت، ولم تغب عن بالي، تتراءى في عتمات أيامي، تحضرني في الشدة».وأكدت ان مقالة «أمي منيرة دربي»... ما هي إلا انعكاس صادق لطفولة الكاتب، وتعلقه، وحنينه إلى حضن أمه، واختزانه لذكريات جميلة، واعتزازه وتقديره لأمه التي لا تزال تؤثر في حياته وستظل كما يبدو من دفق أحاسيسه ومشاعره نحو أمه وروحها في السماء.وقالت: «أعتقد ان الدكتور بديع أبوجودة، وعى من صغره، ونعومة أظفاره، قيمة الفعل الكتابي، وأهمية الحرف والكلمة في الحضارة الإنسانية، فأخذ يزين بإصرار وعناد، بياض الورق بألوان مواهبه المتعددة، ويعطرها بنكهات متنوعة من أفكاره ذات الجودة العالية... وهكذا، لم أشعر به حين دخل مختفيا، ليندس بحذر في عالم القصة القصيرة».استطردت الشافعي: «قصة وللنعش صوته المعبر»، هي القصة النجمة بين الثلاث، فأولاً شدني عنوانها، وهذا يعني ان العنوان حقق بعض طموح الكاتب، فالعنوان دائماً هو لعبة الكاتب وجزء من نجاح عمله... وبالتالي أغراني فأغواني بالقراءة والاكتشاف. جاءت القصة على شكل سرد حكائي، ونثر بسيط لكنه جميل ومعبر... في هذه القصة يقدم الكاتب على لسان شخوصه الثلاثة، فلسفة الموت والحياة، وتلك التوأمة المتناقضة بينهما، بطل القصة يفاجئنا حين يتسلل وخوفا من الأمطار التي هطلت بغزارة فوقه، ليجد نفسه ينام في نعش فوق سقف حافلة مكتظة بالركاب، بعد توقف هطول المطر، يخرج من النعش مضطربا، مرتعشا، يسأله أحد الشخوص عن شعوره وهو داخل النعش؟ يجيب والخوف يعتصره: تصورت نفسي ميتا فعلا، فكرت بأبنائي وزوجتي ووالدي، والأصدقاء، وتساءلت: كيف يا ترى يستقبلون خبر وفاتي، ومدى الحزن الذي سيغمرهم، وعدت إلى التفكير بنفسي بمصيري، ويتصاعد الحوار في فلسفة بسيطة عن سر الموت، وماذا يمكن أن يعلمنا بصمته!».وأوضحت ان من أجمل العبارات التي شدتها قول بطل القصة بعد خروجه من النعش: «لقد تأثرت كثيرا، انني سأتخلى عن جسدي الذي رافقني كل حياتي، لقد انتهت صحبتنا... وكم صعب الوداع».وأضافت الشافعي قائلة: «أما قصة من ليالي... العمر، يحدثنا الكاتب عن البطل الغني الذي يملك المال ولكنه لا يحس بقدر وأهمية هذه الثروة التي أنعم الله عليه بها، والذي بدأ بتبذيرها، ويشاء القدر أن يلتقي بإنسانة محتاجة ماديا، لشراء الدواء لأحد أبنائها الخمسة الذين تعيلهم وحيدة، وهنا تصحو إنسانية البطل ويساعد هذه الإنسانية، لترتسم الابتسامة على وجهها، كما حقق للأطفال بعض أحلامهم بحصولهم على اللعب والهدايا والأكل واللبس، وفي تلك الليلة، يشعر البطل للمرة الأولى بالطمأنينة النفسية التي كانت مفقودة في حياته».وأشارت إلى القصة الثالثة قائلة: «تطل علينا، القصة الثالثة التي تحمل عنوان سحر الابتسامة ببطلها المعاق، الذي أصابته الإعاقة في عام زواجه الأول، وبالتالي، هربت الابتسامة من على وجهه، ووجه زوجته الشابة التي أصبحت ممرضة لزوجها وليست عروسا سعيدة، وبعد أن دب اليأس بنفسه، استفاق فجأة على حلاوة الحياة وبهجتها، حين بدأ يتعايش مع الإعاقة، وغاص في قراءة الكتب المفيدة، وازدادت ثقته بنفسه حين لفتت نظره لتهز كيانه تلك العبارة السحرية التي قرأها في كتاب دمعة وابتسامة لجبران، تقول العبارة: يا أيها المعاقون، اعلموا، أن الحياة جميلة، طالما هناك قلب ينبض، فبالسمع نعوض عن الحس، وبالنظر عن اللمس والذوق... وهب، أن إنساناً فقد معظم حواسه، ولم يبق له سوى عقله وإرادته وإيمانه، فقد يكفيه هذا لأن يحس بالسعادة في قلبه».ولفتت الشافعي ان القصص الثلاث ترتبط برابط وثيق وهو طرح قضايا اجتماعية، واقعية، وأحداث إنسانية صغيرة لكنها مؤثرة، وان جمالية قصص أبوجودة تكمن في انها متحررة من اللغة الصعبة التي أحيانا تستعصي على الفهم، منفتحة أكثر على اللغة العادية السهلة، اليومية، التي يتداولها الناس، وهذا ما يميز تلك القصص ويجعلها قريبة من عقل وقلب القارئ، كما ان قصصه بعيدة عن الغموض المفتعل، واضحة، سهلة، ذات مضامين إنسانية وتوعوية راقية، كلاسيكية الأسلوب، مسترسلة بعيدة عن الحداثة وتعقيداتها، وبالتالي، حتما، ستظل عالقة بذاكرة القارئ والمتلقي، والجميل في قصصه أنه يهتم دائماً بالزمان والمكان».


جريدة الراي / الكويت / 4 فبراير 2007

0 Comments:

Post a Comment

<< Home