برنسيس إيكاروس

Monday, June 30, 2008

# قراءة في رواية ليلة الجنون #

_____________________________________
________________________________________


*********


منى الشافعي

منى الشافعي في مكتبتها




*****





كتب جمال محمود في جريدة الوسط



*******



منى الشافعي




تبحث عن الأشياء الجميلة المختبئة في الذات و تقول


الناقد المحلي الجاد غائب عن الإبداع الكويتي


********************************

امتدت تجربة الكاتبة الكويتية منى الشافعي على مدى مساحة واسعة من الزمن، خاضت في مجملها أنواعا عدة من الكتابة ما بين القصة القصيرة التي كتبت فيها مجموعات عدة، وبين المقال الصحافي الذي كتبته لفترة طويلة، بالطبع إلى جانب رسوماتها التشكيلية خصوصا لأغلفة قصصها وكتبها.انغمست الشافعي من خلال أعمالها القصصية في قضايا مجتمعها، خصوصا الاجتماعية منها والمتعلقة بالمرأة.ومنذ صدور مجموعتها الأولى «النخلة ورائحة الهيل» الصادرة عام 1992 عرفت الشافعي أنها قاصة، ولكنها أخيرا فاجأت الوسط الأدبي بصدور روايتها الأولى «ليلة الجنون» والتي استقبلت استقبالا طيبا، لتجمع بذلك بين الرواية والقصة القصيرة.عن تجربتها الأدبية وروايتها الأخيرة كان لنا معها هذا اللقاء


************


بداية بعد خبرتك الطويلة في الكتابة بمن تتأثرين؟

- أستطيع أن أقول إنني أصبحت الآن بعد تجاربي الكتابية أتأثر بنفسي فلا أشبه احدا غيري، وقد بدأ خطي الإبداعي يحدد نفسه ليحددني، فها أنا أتأثر بالوجود الإنساني الذي يحيطني بأحزان البعض وهمومهم، أفراح الآخرين، عذابات النساء او تمردهن، تطلعات البسطاء، معاناة المساكين، اوجاع المسنين، فرح الطفولة، آهات المحبين، وسهر العاشقين، وهناك تأملاتي الخاصة البعيدة ودهشاتي من الحياة التي لا تنتهي، هذه هي الأجواء التي اصبحت تهيّج قلمي للكتابة وتستدرج حرفي، وتزيد فوضويته ان كان رافضا لبعض صور الحياة التي تحرم المرأة من حريتها وتمارس عليها يد الجلاد والتسلط والظلم، بصراحة المرأة بكل مكوناتها هي عالمي الذي اغرف منه ابداعاتي والا فلماذا انا امرأة؟ فعالم المرأة ايضا يثير في قلمي جنونه اذا وقفت عوائق تافهة في وجه المرأة وتطلعاتها ورغباتها، فلماذا دائما المرأة تُلام في مجتمعاتنا الشرقية؟! لا أدري، وبالتالي مهما تأثرت بالآخرين ففي النهاية لا اريد ان أكون امتدادا لأحد، وطبعا لن اكون، لأن لكل مبدع او كاتب خصوصيته ونكهته التي تميزه عن باقي النكهات، والاختلاف جميل ومطلوب في الحياة، لأن الأذواق ايضا مختلفة، فهناك من يعجبه ما أكتب، وهناك من يرفضه، وهذا شيء طبيعي، ولكن ما يدريني ربما أشبه احدا بعيدا جدا لا اعرفه، ولم ألتق يوما بحرفه، ولم يقرأ حرفا من سردي، ذلك لأنني اعتقد ان الحياة الإنسانية في جميع المجتمعات شرقا وغربا، شمالا وجنوبا متشابهة في عناصر الحياة الايجابية والسلبية، لذا فعطاءات المبدعين تكون متشابهة ومتقاربة في الرؤية، ومختلفة من حيث الطرح وأسلوب وأدوات الكاتب الإبداعية.



ايضا ما الذي يثيرك للكتابة او يحفز قلمك لها؟


- لنقل زقزقة العصافير، صهيل الخيول، ماء قطة، وجوه الأطفال، ابتسامات الاحباب، نظرات العتاب، ثرثرة المقربين، نقاشات الأصدقاء، حقد الحاسدين، همسات المحبين، وعذابات العاشقين، وكل تلك الصور الحياتية المتناقضة تثير قلمي وتحفزه للكتابة، فأنا «مجموعة» من كل هذا الخليط الإنساني الجميل الذي يمارس على تأثيره الممتع في الوعي واللاوعي والذي أحبني، فكونني من دقائق اموره وصغائرها لاصبح إحدى كاتبات مجتمعي الصغير الجميل



كيف ترين النقد لأعمالك؟


- اعتقد ان النقد عامة عبارة عن دراسة متأنية للأعمال الإبداعية وتحليلها ومحاولة لإعادة اكتشاف النص او العمل الإبداعي، وتفكيكه وتسهيل فهمه على القارئ والمتلقي وبيان قيمته الذاتية، وهناك مذاهب كثيرة للنقد، كما يعتبر النقد بحد ذاته عملية ابداعية ايضا.لذا اعتقد ان النقد لم يواكب حركتي الإبداعية، وكان دوره سلبيا في تجربتي، إلا ان هذا لم يبطل حماسي وعشقي وولعي في الكتابة، لأن هناك قراء يحبون ما اكتب، فالناقد الذي تخطاني سهوا او عمدا اصبح لا يعنيني الآن، ولن يضيف الي شيئا، فقد تجاوزت هذه المرحلة، إذ انني اطور نفسي ذاتيا من خلال عملية الاحتكاك بالأدباء والمبدعين والمثقفين والكتاب والاصدقاء الذين يحيطونني بالرعاية الإبداعية ويوجهونني ويرشدونني - من الجنسين - وأنا لهم شاكرة وممتنة، كما أن الاطلاع والقراءة والسفر والاختلاط والاحتكاك بثقافات جديدة متنوعة، كل هذه العوامل ساعدتني على تخطي سلبية النقد، ولكن الحقيقة، هناك ظاهرة او لنقل حالة لافتة إلى النظر، وهي غياب النقد المحلي الجاد عن متابعة هذا الزخم من الإبداع المحلي، وهذا لا يعني عدميته، لكن يبقى المبدع عندنا يعاني ندرة النقد، ربما لقلة رموز النقد العلمي الموضوعي، وطبعا هذه القلة لا تفي بما تفرزه الساحة الادبية المحلية من تنوع ابداعي كثيف، نتمنى ان يتحسن الوضع مع الاجيال الشبابية المقبلة من المبدعين



معنى ذلك انك راضية عن تجربتك؟


- الرضا احساس نسبي، كالإحساس بالجمال في الحياة.. اعتقد انني اتمنى جزءا من هذا الاحساس مادمت لا ازال مستمرة في عطاءاتي الابداعية.. لانني اذا رضيت عن نفسي رضا مطلقا فمعنى هذا انني اعلن موتي كمبدعة، ولانني لا اريد ان اعلن موتي فها أنا أبحث عن الاشياء الجميلة، والأجمل التي لا تزال مختبئة في داخلي.. وعن أشياء أخرى مندسة في الذاكرة تنتظر اشارتي للقفز على بياض دفاتري




بعد صدور روايتك الاخيرة هل توقفت عن القصة القصيرة؟-


لا.. بل هناك مجموعة قصصية جاهزة للطباعة، أتمنى طباعتها العام المقبل مع زحمة اعمالي واشغالي، فضلا عن رواية جديدة قطعت في كتابتها مرحلة معقولة.. وقصة قصيرة سأنتهي من وضع رتوشها الاخيرة، وثمة فكرة واضحة لرواية اخرى كتبت محاورها وتركتها طبعا لتختمر، الى جانب سفرة طويلة ستأخذني بعيدا عن كل تلك الامال والتطلعات والرغبات الكتابية، ولكن هل في العمر بقية؟ حتى أنجز ما يتقافز في ذهني وقلبي من ابداع، دعواتك ودعوات القراء الذين يحبون أعمالي ويتصفحونها




كيف ولدت لديك فكرة رواية «ليلة الجنون»؟


- كانت هناك فكرة تدور في رأسي، وبعد ان اختمرت احسست برغبة ملحة في الكتابة، وهكذا بغفلة مني بدأت اكتب واكتب.. وولدت هذه الرواية، لم أسع اليها ولكن .. هذا ما حصل.الست معي في ان الفنون متصلة ومتداخلة؟ فكيف هو الأدب من قصة وشعر ورواية؟





!ليلة الجنون ما دلالة عنوانها؟


- جنون البطلة في الليلة الأخيرة من زمن الرواية، اوصلها الى كسر المألوف فانفلت تفكيرها وفاض خيالها بتفسيرات فلسفية وامور معقدة وتمنيات مستحيلة.. وهذه صفات من سيصل الى جنون مؤقت أو مستمر، فقد تخطت البطلة كل الحواجز الاجتماعية، واثارت رغباتها المكبوتة من دون حدود بحيث تجاوزت حدود زمانها ومكانها ومجتمعها والمنطق المعمول به بحثا عن الطمأنينة والراحة والحرية المطلقة والسعادة.المعروف ان العقل ارتبط دائما بالمنطق والنور والوضوح والفهم والنهار والطمأنينة، اما عكس هذا فهو غياب العقل والفوضى والغموض والظلام والخوف ،والليل والذي ارتبط بحالة أو نوع من الجنون ومن هنا استوحيت العنوان




معروف عنك انك ترسمين أيضا، فهل صورة الغلاف من رسمك؟


- أعتقد ان الفنون متداخلة ومتصلة وعلاقتها حميمية ومتلازمة، وبالتالي فكلها ممارسات جمالية وابداعية خلاقة، ورسوماتي البسيطة التي تزين كتبي لا تنفصل عن اعمالي الابداعية، بل تصاحبها، لأنني اعتبرها مكملة لها، وتعبيرا آخر عن الكلمة انما بالريشة والالوان، وجمالية أخرى تضاف الى العمل الابداعي، فالادب والفن تعبير وتجسيد عن حالة معينة، اي كأنهما صوت واحد باختلاف أدوات التعبير، وهي علاقة رائعة بين الكلمة واللون والريشة والقلم، ولو نظرت الى لوحة غلاف الرواية فسنجده يعبر عن حالة البطلة





ثمة سؤال يجعل القارئ في حيرة، هل انتهت الرواية أم بدأت؟


نهاية الرواية مفتوحة لتحريك عقل القارئ ورغبته، وسارة البطلة ما هي الا نموذج لعشرات غيرها في مجتمعنا يعيشون حالة القلق والخوف والترقب بسبب مجتمع ظالم يملي عليهم وصايته وأوامره ونواهيه، ويتدخل حتى في صغائر أمورهم ودقائقها، ويفرض عليهم كل ما يثير في دواخلهم حالات الرفض والتمرد، وبالتالي هذا النوع من الاشخاص كبطلة الرواية مثلا الرافضة والمتمردة على كل تلك الامور الحياتية التي لا يتقبلها فكرها وعقلها، ربما يقودها هذا الاختلاف وتلك المعاناة، الى حالة جنون او رغبة في الانتحار والخلاص من هكذا حياة سلبية، لذلك انهيت الرواية بهذه العبارات القليلة «هل انتهت رواية سارة ام بدأت؟ سؤال مستحيل، لكن مَن قال ان الاسئلة المستحيلة ستظل بلا اجابات الى الابد؟





ثمة انطباعات عدة توحي بواقعية هذا العمل، كيف ترين ذلك؟


- في الرواية تعميق لحالات الطلاق المتنوعة ولتقبل المطلقات حالاتهن الجديدة كل وفق ظروفها ورغبتها، لاننا في الحقيقة اصبحنا أخيرا مجتمع طلاق، فلا تخلو أسرة أو عائلة من حالة طلاق لأسبابه المتعددة.والرواية مستمدة من الواقع، فهي رصد وتدقيق في بعض الأمور الاجتماعية الحياتية المتنامية في المجتمع وتقلباته وتبدلاته وتأثره بأمور أخرى عالمية ممتدة، فنحن نعيش في عالم اصبح كالقرية مترابطا ومتداخلا، ولسنا بمعزل عن معطياته ومتغيراته التي تستفز الكاتب للكتابة والاشارة عنها



لماذا تعمدت ان يكون لبطلة الرواية صوتان؟


- في الرواية صوتان للبطلة تعمدت ترك تفسيرهما لذكاء القارئ ولتحليل واكتشاف الناقد وفق مذهبه النقدي



من قرأ الرواية يظن أنها سيرة ذاتية، فهل هي كذلك؟-


الرواية ليست جزءا من سيرتي الذاتية أبدا.. فحين تلقفتني الجامعة واحتضنتني بين أسوارها، كنت متزوجة بعد أن عشت حالة حب جميلة توجت بزواج ناجح مستمر حتى الآن والحمدلله- أمسك الخشب- كما انني لا اشكو من عدم وجود الحرية في حياتي كما هي البطلة.. بمعنى ان الرواية لا تشبهني.. ما يربطني بها فقط انني عشت في المجتمع الجامعي موظفة وطالبة مدة تزيد على 28 عاما، وبالتالي لدي خزين وحصيلة كبيرة لقصص وحكايات كانت تدور حولي، وكنت - ككل الكتاب - عينا راصدة لهذه الحالات، ومن هذا الخزين او المخزون الذي يستحل جزءا من ذاكرتي، جاءت احداث هذه الرواية.. فجزؤها الواقعي طبعا من ذلك المجتمع وأجزاؤها الخيالية قفزات من ذهني وقلبي.. لأنني لا اعيش بمعزل عن مجتمعي لا الصغير و لا الكبير، وبالتالي فكتاباتي تحاكي الواقع المعيش وتلامس معطياته بكل تنوعها وصورها وإفرازاتها




ثمة قضايا اجتماعية عدة في الرواية و ما الزمن الذي دارت فيه حوادثها؟


زمن الرواية اكثر من عقدين بقليل.. ومكانها بين الكويت وأميركا.. فيها اشارات خفيفة عن فترة الغز والاحتلال والتحرير وما بعده من تطوير عمراني واقتصادي وما صاحبه من تغيير في نفوس البشر، وفي رغباتهم وأولوياتهم وتطلعاتهم.. فالتغيير طال كل شيء.. هناك إشارات عن الحياة الاجتماعية بما فيها حقوق المرأة السياسية.. هناك بعض الأشياء الغريبة التي تحدث للبطلة لتميزها عن الإنسان الطبيعي، ومنها لحظة ولادتها الغريبة.. كذلك تخيلاتها ورؤيتها لأمور لا يراها غيرها.. من الأمور المختلفة في الرواية تضمينها لقصائد لإحدى الشاعرات المشهورات.. سعدية مفرح.


كيف تتوقعين قبول الرواية؟-


الحقيقة، لا أتوقع ان تعجب روايتي كل الأذواق، فالذائقة الأدبية تختلف من شخص لآخر.. فكل قارئ له الخيار في تقبّلها او رفضها.. ربما هناك من يرتاح لأحد فصولها فقط.. وربما هناك من يتحفظ عن فصل آخر وهكذا، فهذا حق الجميع.. أما الناقد فله مطلق الحرية في ما يكتب عنها لأنها تجربتي الروائية الأولى، وحتما سأستفيد مما يكتبه عنها حتى اتفاداه في روايتي المقبلة.. وأكيد هناك من الأصحاب الأدباء والقراء المقربين من سيقدم إلي توجيها او نصيحة وأولهم كان زوجي «أبو حسام».نبهني الى أنني اطلت في شرح حالة مريم وطلاقها وارتباطها بآخر.. وهذه ملاحظة جيدة سأهتم بعدم تكرارها في اعمالي المقبلة.. وحتما هناك كثير من الملاحظات التي ستنورني من الأصدقاء اتمنى ذلك لأنه سيغنيني عن النقد ان تجاوزني ايضا في هذه المرحلة، وشاكرة وممتنة لكل القراء والمهتمين

2 Comments:

At 30 June, 2008, Blogger لؤلؤة said...

رواية في حياة انسانة
باختصار
ان شاء الله نقراها
شكرا يا كاتبة

 
At 02 July, 2008, Blogger برنسيس إيكاروس said...

اللؤلؤة النقية
شكرا لك مرورك الجميل
وأتمنى أن تكوني من قرائي
وحبايبى الحلوين
وشكرا لاهتمامك
لك مودتي
منى

 

Post a Comment

<< Home