برنسيس إيكاروس

Tuesday, February 10, 2009

عبقري الاسلام لم يكن اشتراكيا


  • **************

    كتبت منى الشافعي
    ***********

  • عبقري الإسلام.. لم يكن اشتراكياً
  • هل وأد عمر بن الخطاب ابنته ؟


  • لا تخلو الكتابة عن سير الصحابة والسلف الصالح (رضي الله عنهم) من صعوبة، فهي تحتاج إلى منهجية علمية واضحة تلتزم الدقة والحيادية، والبحث المتواصل والاطلاع المستمر والتأنّي، والأهم يجب أن تتميز بالصدق والموضوعية والبعد عن العواطف والأهواء. أطل علينا د. أحمد الرفاعي بإصداره الخامس في موضوع سيرة عظماء المسلمين الذي يحمل عنوان «سفير قريش وعبقري الإسلام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) من إسلامه إلى استشهاده».

    *******

    ربما يتساءل القارئ: ما الذي دفع د. أحمد الرفاعي إلى الاهتمام والتعلق بكتابة سير الصحابة وآل البيت (رضي الله عنهم).. وهو الحاصل على شهادات علمية متخصصة بعلوم الإدارة؟.. ليعرف القارئ أن د. الرفاعي نشأ في بيئة إسلامية وأسرة مؤمنة محبة للخير والصلاح وهبت نفسها لخدمة الإسلام والمسلمين، تنحدر من سلالة آل البيت (رضي الله عنهم)، فكان تأثيرها الديني واضحاً ومثمراً في حياة د. أحمد الرفاعي.


    في مقدمة الكتاب يخبرنا د. الرفاعي بأنه لم يلتزم الترتيب الزمني في كتابة سيرة الخلفاء الراشدين. وقد تعمد أن تكون سيرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الأخيرة في سلسلة إصداراته عن الخلفاء الراشدين (رضوان الله عليهم جميعا).. وذلك لأن فترة حكم الفاروق عمر (رضي الله عنه) من أطول الفترات وأكثرها أحداثا، وتسترعي الوقوف أمامها والاسترسال في بعض أحداثها.


    ********

    المحتويات

    ********

    يحتوي الكتاب على ثمانية فصول تضمنت دراسة وافية كافية ومستفيضة لسيرة الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب (رضي الله عنه).. تثري الكتابَ آراء د. أحمد الرفاعي وآراء بعض المؤرخين الآخرين الذين استشهد د. أحمد بآرائهم السديدة في بعض الموضوعات المطروحة في الكتاب. يهمني أن يطلع القارئ على نماذج من تلك الآراء الغنية بالعلم والمعرفة.. وبالتالي سأقتطف من أهم ثمراتها.. وسأنتقي بعض الفقرات المعبرة عن الموضوعات ذات العلاقة.

    ***********

    مقتطفات من ألقابه رضي الله عنه

    ***********
    لقب سفير قريش، فيقول د. الرفاعي: «.. عرفت قريش فيه كل ما يشرّف القرشي ويجعله في الصدارة من إخوانه، فأحلّته المكانة التي شرفت باعتقاده إياها. فإلى عمر كانت سفارة قريش في الجاهلية... وأكرم بالسفارة مكانة في ذاك المقام، وهو دون الثلاثين من عمره».ومن ألقابه أيضا لقب «عمر العبقري»، فيقول د. الرفاعي: «الألقاب التي تشرف بها أمير المؤمنين عمر (رضي الله عنه) لقب العبقري، وهو ما كنّاه به الحبيب المصطفى محمد (صلى الله عليه وسلم) بقوله: «أرى ابن أبي قحافة ينزع ذَّنوبا أو ذَّنوبين وفي نزعه ضعف، والله يغفر له، ثم نزع ابن الخطاب فلم أرَ عبقريا من الناس يفري فريه حتى ضرب الناس بطعني»، ويضيف د.الرفاعي «بهذا الحديث الشريف اود ان ابدي ما قيل عن عبقرية امير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه).. انها عبقرية لا مثيل لها على مدى تاريخ البشرية اجمع..».اما رأي الاستاذ عباس محمود العقاد، رحمه الله تعالى‍، فيقول تأكيدا لرأي د.الرفاعي عن عبقرية عمر الفريدة من نوعها: «كان طويلا بائن الطول يُرى ماشيا كأنه راكب، جسيما صلبا يصرع الاقوياء ويروض الفرس بغير ر.كاب، ويتكلم فيسمع السمع منه وفاق ما رأى من نفاذ قول وفصل خطاب».كما استشهد د.الرفاعي بآراء اخرى حول شخصية عمر (رضي الله عنه)، منها رأي الاستاد حسن العلوي و غيره.


    ********
    هل وأد عمر ابنته؟
    ********
    من احدى التهم التي حاول اعداء المسلمين تلفيقها لامير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) انه قد وأد احدى بناته في الجاهلية، ولقد جمع لنا د.الرفاعي عدة آراء لاساتذة مفكرين ومؤرخين عرب تشكك في صحة هذه التهمة المنسوبة الى سيدنا عمر (رضي الله عنه).والرواية المنسوبة تقول «ان عمر اخذ ابنته التي اراد وأدها، فحفر لها حفرة فصارت تنفض التراب عن لحيته فدفنها حية».من رأي الاستاذ العقاد نقتطف: «فالوأد لم يكن بالعادة الشائعة بين جميع القبائل العربية، ولم يشتهر بني عدي خاصة بهذه العادة، ولا اشتهرت بها اسرة الخطاب التي عاشت منها فيما نعلم فاطمة اخت عمر وحفصة اكبر اولاده، وهي التي كني ابا حفص باسمها، وقد ولدت حفصة قبل البعثة بخمس سنوات فلم يئدها، فلماذا وأد الصغرى المزعومة وهي في السن التي تفهم فيها كيف تنفض التراب عن لحية ابيها؟ لماذا انقطعت اخبار هذه الصغرى المزعومة فلم يذكرها احد من اخوانها واخواتها ولا احد من عمومتها وخؤولتها؟».اما رأي الاستاد حسن العلوي حول هذه التهمة فيقول: «لعلها فرية كبرى اراد بها اتباعه ومحبوه ان يبرهنوا على ما احدثه فيه الاسلام من انعطاف وما كان هو عليه في جاهليته من جهل وقسوة، تكون ذروتهما ان يدفن الاب ابنته حية، وكأنها ظاهرة يومية وعرف لاتحيد عنه»..ويضيف أ.العلوي : «ولماذا لم يئد ابنته حفصة التي ولدت قبل البعثة النبوية، وهل عرف عن بني عدي انهم يئدون بناتهم؟ ام ان المعروف والسائد في الروايات ان زعماءهم كانوا على سنة عمرو بن نفيل؟».اما رأي الشيخ عبدالرحمن السحيم حول هذه التهمة فهو قوله: «لم يثبت هذا عن عمر (رضي الله عنه)، والاصل انه لا يثبت مثل ذلك الا باسناد ثابت، وليس لدينا اسناد ثابت بان عمر (رضي الله عنه) فعل ذلك فعلاً!..».اما رأي د.الرفاعي في ذلك يقول: «قبل البدء في شرح وتحليل هذا الطعن على ابنته، وجب علينا ن نذكر بعض الحقائق التي لا يمكننا اغفالها، ومنها: لم نجد تلك الرواية في اي من كتب التاريخ والسير سواء في كتب اهل السنة او كتب اهل الشيعة، ولم يؤكد تلك الرواية احد، حتى ان العقاد، رحمه الله تعالى، ذكرها وهو مشكك في صحتها»، ويضيف د.الرفاعي: «من المعروف ان قبيلة قريش، وهي القبيلة المهيمنة على الحرم المكي تتكون من فروع كثيرة، من اهمها بنو هاشم وبنو امية وبنو مخزوموبني عدي وبني تيم وغيرهم. وهؤلاء يعيشون عيشة أهل الحضر، فهم ليسوا كالبدو الرحل، ولم نسمع بأن أحدا من قريش كان قد وأد ابنته خوفا عليها من عملية السبي أو الفقر...»، ويضيف: «وهناك ملاحظة مهمة يجب ان لا نغفلها، وهي كثرة القصاصين في ذلك الزمان، والذين كانوا يبالغون في رواية الأخبار، وما أكثر الكذابين منهم حتى أن عمر (رضي الله عنه) ومن بعده الإمام علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه)، كانا يعاقبان أولئك القصاصين، بل إنهما منعاهم من ذلك في عهديهما... وإن صحت تلك الرواية فهي ليست بطعن في عمر (رضي الله عنه) وحده، بل إنها طعن بمعظم أهل مكة المكرمة ومن يعيش في حدودها في ذلك الزمن وفعل ما فعل... وأخيراً فأنا أتفق مع العقاد وغيره من الذين أنكروا هذه الرواية جملة وتفصيلا».


    ************
    الاشتراكية الإسلامية

    *************
    يقول د. الرفاعي في الفصل الخامس الذي يتحدث فيه عن انجازات عبقري الإسلام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه).. حول عمر والاقتصاد: «... ولقد كان الفاروق يعظ الأغنياء بقوله: «إذا أعطيتم فأغنوا».. وقوله: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت، لأخذت فضول أموال الأغنياء، فقسمتها على فقراء المهاجرين»... وقد اعتقد البعض بأن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، كان يحب أن يطبق الاشتراكية المعروفة في يومنا الحالي، من حيث تطبيق مبدأ التأميم وتوزيع الثروات بين الناس ليعدل بينهم، كما يظن أصحاب هذه المدرسة، وقد سماها البعض «الاشتراكية الإسلامية»، ولكن هذا بعيد كل البعد عما كان يريده عمر (رضي الله عنه) ولو كان هذا صحيحا لطبقه بدلا من القول به.أما رأي د. الرفاعي في هذا الخصوص... فيقول: «من الواضح بأن نية الفاروق وعبقري الإسلام عمر (رضي الله عنه) هي محاولته تعديل سبل المعيشة فقط، وتوفير الضروريات بين الشعب عامة إن أمكن، خصوصا وقد لاحظ ظهور بوادر الغنى الفاحش ما بين الصحابة (رضوان الله عليهم أجمعين)، وباقي المسلمين. ولكن نلاحظ أن عمر (رضي الله عنه) لم يطبقه او يسعى إليه، بل كان يتمنى ذلك من حيث توزيع فضول أو ما زاد عند الأغنياء على الفقراء، خصوصا أن العطاء الذي كان يصل للخليفة من خلال الفتوحات العربية الإسلامية، كان يوزع بتفاوت بين الناس، كل بحسب عطائه للدولة وحاجته.. بالإضافة الى ذلك، فإن أمير المؤمنين عمر (رضي الله عنه) كان يدرك ويعرف معنى الإسلام ومبادئه فمن المستحيل ان يساوي بين الناس بالعطاء، ويناقض والعياذ بالله قول الله تعالى في اكثر من آية في القرآن الكريم ومنها: «وفي السماء رزقكم وما توعدون».وهناك الكثير من انجازات سيدنا عمر (رضي الله عنه)، واهتماماته في تنظيم
    حياة المسلمين اجتماعيا واقتصاديا وعلميا ودينيا، تطرق لها د. الرفاعي في كتابه

    *********

    رأي

    *****
    نتمنى أن نكون قد وفقنا بتلك الفلاشات البسيطة والومضات المختصرة عن محتويات هذا الكتاب القيم الغني بمعلوماته والثري بدقة آرائه.. بحيث لا يمكن ان نوفيه حقه بهذه الوريقات القليلة.. لكننا حاولنا أن نبرز بعض الأمور المهمة الواردة بين دفتيه والتي تشكل أهميته وخصوصيته.يتميز الكتاب بمنهجية علمية وحيادية وموضوعية، تؤكد على نزاهة الكاتب وصدقه في طرح الحقائق التي توصل إليها في بحثه الدؤوب، كما أبدى رأيه حولها بكل أمانة ومصداقية.. وبالتالي توفر للقارئ والباحث والمتابع نتائج علمية وتاريخية صحيحة ومنطقية.. موثقة ومحققة.. وهذا ما يميز جميع كتابات د.أحمد الرفاعي السابقة.لقد أجاد الكاتب، في البعد الموضوعي لمحتويات الكتاب، كما أجاد في البعد الشكلي للكتاب فجاء متسلسلا بأحداثه التاريخية، واضحا ومنتظما ومفهوما، مزودا بالمراجع والمصادر والهوامش التوضيحية، كما أنه ملحق بخرائط وأشكال توضيحية ملونة تثري الكتاب وتدعمه.فالكتاب دراسة وافية كافية جدية تتميز بخاصية الشمولية.. وهو جهد طيب ومبارك أثرى المكتبتين العربية والكويتية في هذا الجانب المطلوب تحقيقه وإثباته والاكثار من الكتابة حوله.. ويعتبر مرجعا مهما جديراً بالقراءة والاقتناء، لأنه يستحق الصدارة مع قائمة الكتب الإسلامية.


0 Comments:

Post a Comment

<< Home