برنسيس إيكاروس

Monday, July 20, 2009

رائحة الخبز







كتبت منى الشافعي

************

عادة، كل صباح يوم السبت، يتفنن الطباخ بإعداد مائدة عامرة لذيذة لوجبة الفطور، لانه الصباح الوحيد الذي تجتمع فيه الاسرة على المائدة لتناول وجبة الفطور.. وهكذا تمتلئ الطاولة من خيرات الديرة واطايبها.. والشيء الاجمل حين يحلو للطباخ ان يقدم على المائدة اقراص الخبز الطازج الصغيرة.. ذلك النوع من الخبز الذي تجذبني رائحته الطازجة اللذيذة حين يصافحني وجوده متربعا في وسط المائدة، فتسترد شهيتي عافيتها


صباح السبت الماضي وكالعادة، لا ادري حقيقة ماذا حصل لي، حين فاجأتني رائحة الخبز الزكية وهي تملأ المكان بلذتها.. تلك الرائحة التي كانت تدفعني في طفولتي لالتهام قرص الخبز الكبير ساخناً يلهب حلقي الصغير.. اما صباح اليوم فقد احسست بشيء منعني من ترديد عبارة «الله.. ريوقنا خبز طازج».. لكنني تحاملت على هذا الاحساس الغريب وتناولت منه القليل على غير عادتي، حتى لا يشعر الآخرون بغرابة تصرفي


بعد الفطور، اختليت الى نفسي واخذت اتساءل: لماذا هذا الضيق الذي جثم على صدري حين رأيت منظر اقراص الخبز الصغيرة اللذيذة التي تفتح النفس، وتحرك الشهية، على عكس ما يحدث معي دائماً؟بعد لحظة تفكير بعيدة.. تذكرت أنني قبل فترة الغزو الصدامي على الديرة واهلها في 2 اغسطس 1990، لم اكن اجيد تحضير وخَبْز هذا النوع من الخبز اللذيذ ولا غيره.. وفي تلك الفترة الحرجة المؤلمة - فترة الغزو - تعلمت طريقة تحضير هذا النوع الصغير الحجم من الخبز، نظراً لصغر كفي، وهكذا، اصبح هذا الشكل الصغير عند اهل الديرة لصيقاً باسمي، لانني كنت اخبزه يومياً واوزعه على الاهل والجيران والاصدقاء، والقريب والبعيد وكل من يصادفني من الصامدين، لان الجميع اصبح اسرة واحدة كعادة اهل الكويت دائماً.. هذا الخبز كان قوتنا وقوت عيالنا اليومي الذي كنا نحافظ عليه ونموت في سبيل الحصول عليه ايضاً.. لذا فمنظره اليوم، وهو يتصدر المائدة، اخذ يذكرني بتلك الايام القاسية الموجعة التي عشناها «صامدين» في البحث عن لقمة العيش، وعن الامن والامان المفقودين، اللذين لم نشعر بوجودهما حتى صباح التحرير في 26 فبراير 1991


لا أدري، لماذا هذه الايام بالذات، اصبحت ذكرى الغزو تحتل مساحة كبيرة من تفكيري، تقلقني وتنغص عليَّ ايامي.. لاادري، هل لان ذكرى يوم 2 اغسطس تدق الابواب مع لهيب هذا الصيف فتحفز في ذهني هذه الذكريات الموجعة؟‍ ام ان هناك اشياء اخرى في الساحة السياسية تشعل ذاكرتي بمعاناة الصامدين؟! بصراحة.. لا ادري


نتمنى.. ان يأتي علينا يوم وتنمحي تلك الذكريات الحزينة من صفحات الذاكرة الحية.. نتمنى

***********************
m_alshafei@hotmail.com

2 Comments:

At 23 July, 2009, Blogger رورو الشخبوطه said...

السلام..

مقاله موثره ..

احس صعب ننسى ..

ومشكوره..

 
At 24 July, 2009, Blogger برنسيس إيكاروس said...

حبوبة رورو
صباح الورد
شكرا على مرورك الجميل
وكلامك الصادق
نعم
صعب ننسى
ولكن نحاول ان شاء الله ننس
نتمنى
مودتي
منى

 

Post a Comment

<< Home