برنسيس إيكاروس

Monday, April 19, 2010

المال والسعادة

كتبت منى الشافعي
***********
بعيدا عن هموم السياسة المحلية والعالمية التي باتت متغلغلة في كل مناحي حياتنا، بعيدا عن قضايا المرأة وحقوقها المدنية المتورمة، بعيدا عن الضوابط الشرعية وغيرها.. بعيدا عن الأزمات الاقتصادية، والحروب العدمية والتلوث البيئي.. قريبا من إنسانيتنا التي كدنا ننساها.. لنعرج اليوم على بعض تفاصيل حياتنا اليومية المغيبة أو البعيدة عن تفكيرنا.
لنتحدث قليلا عن المال، ذلك الهدف المدلل الذي نلهث بشدة في سبيل الحصول عليه، لاعتقادنا انه يصنع السعادة.
صحيح، ان المال احد العناصر المساعدة لتذليل صعوبات الحياة المعيشية، ومنْ يملكه يستطيع التعامل مع متطلبات الحياة ببساطة وسهولة، ولكن كل قراءاتي في علم النفس وعلم الاجتماع، ومن تجارب الحياة الملموسة، تؤكد عدم وجود علاقة حقيقية بين المال والسعادة.. وبالتالي فالانسان الثري ليس أكثر سعادة من أخيه الفقير، والأمثال كثيرة حولنا.
يبقى، هل سألنا أنفسنا مثلا حين نطمح لشراء فيلا فخمة تقع على الشارع العام، في أرقى منطقة في الديرة، ونستميت لتحقيق هذا الحلم.. وبعد سنوات من اللهاث والتعب والألم، وفجأة حين تتحقق المعجزة، وندوس بأقدامنا على الرخام الذي يبرق ويلمع.. أقول هل سألنا أنفسنا: هل هذا البيت الفخم يجلب السعادة للأسرة، ويعوض أعمارنا التي ضاعت هدرا وتعبا وابتعادا عن الجو الاسري اليومي الحميمي؟
***
نعم.. المال يمنحنا القدرة على شراء اجمل البيوت وأفخمها، لكن ليس بالضرورة انه يمنحنا السعادة داخل هذا البيت العملاق.. المال يعطينا الفرصة لشراء أجمل الثياب وأرقاها، وأحدث الاكسسوارات، لكنه لا يمنحنا الجمال، أو يزيد من بهجتنا، فمتى ندرك أن الحب يرضى بأقل القليل؟
وبالتالي، عندما نعي أن المال لا يصنع السعادة ولا يشتريها، وأن السعادة الحقيقية هي قضاء أحلى الأوقات وامتعها مع الأسرة، فما أجمل تلك اللحظات الغالية التي تقضيها الأم مع صغارها تلعب وتمرح معهم، تغني وترقص لهم، تقرأ عليهم قصص الجنيات وحكايات الجدات القديمة، فترن الضحكات العذبة بين جدران ذلك البيت الاسمنتي.. وما أعذب تلك اللحظة اللذيذة، حين يلهو الأب مع أولاده، فمرة يتغلب عليهم بألعاب الكرة، ومرات يتغلبون عليه بألعاب الكمبيوتر الحديثة التي لا يعرف أسرارها.. وهكذا تشتعل السعادة وتتوهج في أركان هذا البيت، تبدد تعب النفوس، وتدخل الفرح في القلوب.


منى الشافعي
m_alshafei@hotmail.com

0 Comments:

Post a Comment

<< Home