برنسيس إيكاروس

Thursday, July 26, 2012

وزارة الإسكان.. العيال كِبْرِتْ!

وزارة الإسكان.. العيال كِبْرِتْ


قبل ثلاثين عاما ويزيد، كانت البيوت / الفلل في المناطق السكنية الكويتية لا تتعدى الدور أو الدورين، ذلك حين كانت الأسر شبابية، والأبناء إما اطفال الروضة او تلاميذ الابتدائي.
في السنوات الاخيرة اخذت اغلب هذه البيوت ترتفع عموديا لاكثر من دورين، فكلما تأخذك الصدفة للتجول في تلك المناطق، تصافح عينيك أشكال وألوان، من الآلات الضخمة والمعدات المتنوعة، ومواد البناء الأخرى، منتشرة هنا وهناك، تغطي أرصفة تلك البيوت، وكأن ما يحدث فورة تغيير وتجديد، أو عدوى، لكنها عدوى حميدة والحمد لله.. واذا تساءلنا: لماذا؟! يأتي الجواب ببساطة: «العيال كِبْرِتْ».. فأطفال الروضة تجاوزت أعمارهم العشرينات، وتلاميذ الابتدائي تجاوزت أعمارهم الثلاثينات، وطبيعة الحياة تفرض عليهم الاستقلال عن الأهل، والتفكير بتكوين أسر جديدة، امتدادا لأسرهم الأم. والشيء الجميل عندنا في الديرة المعطاءة، من يتزوج من الشباب يحق له أن يتقدم بطلب الى وزارة الاسكان للحصول على بيت العمر.. ومن المعروف ايضا ان هذا الشاب سيظل اسمه محفورا على لائحة الانتظار لأكثر من عقد، ولأن ايجار الشقق في غليان تصاعدي يوما بعد آخر - مع أن العمارات الشاهقة هالأيام تارسة الديرة، ومغطية عين الشمس - لذا كان لابد من وجود حل سريع بتوفير مكان مناسب لهذه الأسر الصغيرة التي بدأت تنمو بسرعة، وهذا ما اضطر الكبار/ الأهل، الى العمل على اضافة دور او اكثر الى تلك المباني القديمة، لتستوعب جميع افراد الاسرة من كبيرها الى صغيرها، ولن نتحدث هنا عن كيفية توفير مصاريف البناء، لأن لكل أسرة قصة خاصة بها، «ولكن يبدو أن البنوك ما قصّرت، ذاهبة لتقديم السلف السخية بفوائدها اللي تقص الظهر»، ولكننا سنركز على التغيير في الحياة الاجتماعية، الذي طرأ على هذه الأسر التي كبرت وتمددت وازدادت أعدادها بفترة قصيرة، بوجود الأحفاد «الحلوين»، الذين يساهم الأجداد بالضرورة في تربيتهم، ورعايتهم، كما يقول المثل: «ما أعز من الوِلْد إلا وِلْد الوِلْدْ».. وهذه مقولة أيضا طريفة قالها أحدهم: «لو كنا نعرف اننا سنحب أحفادنا بهذا القدر، لخلفناهم أولا».
>>>
في الماضي كان «البيت العود» بيت كبير الأسرة، الذي تناقلته الأجيال أبا عن جد، كان يضم الجد والجدة، والأبناء، وزوجاتهم والأحفاد.. ومهما ضاقت البيوت، فإنها كانت تتسع الى الاسرة وتناميها، وكانت الحياة على بساطتها، لها نكهة خاصة لذيذة معجونة بالعواطف الرائعة، ومسكونة بالمشاعر الإنسانية الراقية.
وحين تغيّرت الحياة الاجتماعية وتبدل الكثير من اساليبها في الديرة، ذلك حين منّ الله على الكويت بنعمة الخير/ النفط، اخذت هذه الاسر الكبيرة تتفكك وتتفرق، لتتوزع وتتباعد، واخذ البيت العود، يفقد بريقه واجواءه الحميمة.. وهكذا اصبحت الحياة الاجتماعية قبل النفط في حكم الزمان ومتغيراته شبه مغيّبة وذكرى طيبة.
واللافت هذه الأيام ان «البيت العود» ولمّة الزمن الجميل قد عادت ترفرف على أغلب الاسر التي اخذت تحتضن ابناءها واحفادها تحت سقف واحد لاكثر من عقد، ويعود الفضل الاول والاخير الى وزارة الاسكان.. تحية كبيرة إلى الاسكان!
منى الشافعي
m_alshafei@hotmail.com

0 Comments:

Post a Comment

<< Home