برنسيس إيكاروس

Friday, August 03, 2012

القرقيعان .. (شكل تاني )


القبس 2 أغسطس 2012

القرقيعان .. (شكل تاني )

منى الشافعي

لن ننكر أن الحياة تتغير وتتبدل يوماً بعد آخر، الإنسان، أيضاً، يتغير مع الزمن، ربما بغفلة منه، هذه الحياة وطبيعتها، شئنا أم أبينا .

أغلبنا يعرف جيداً، أو عاش ومارس مظاهر وطقوس قرقيعان الأمس، بلياليه الثلاث التي تسبق منتصف شهر رمضان المبارك، ببساطتها الأصيلة، وشفافيتها المحببة، التي كانت تبهج الكبار قبل الصغار، وتمتعهم إلى حد ال

***
قرقيعان اليوم «شكل تاني»، فقد حمل لنا طقوساً جديدة، ومبتكرات غريبة، عجيبة بعيدة كل البعد عن الموروث «القرقيعاني» الذي توارثناه عبر الأجيال، حتى يواكب الحياة بمتغيراتها المتنوعة، وحراكها المتسارع، وهذا ما جعله يطمس أغلب معالم قرقيعان الزمن الجميل، ويغيّب سحره العفوي، ونكهته العتيقة.

***
لن نغفل أننا أعدنا في السنوات الماضية إلى هذه المناسبة الجميلة والعادة الاجتماعية المتوارثة، بعض ما فقدته من رونقها وطقوسها، ولكن بقالب حديث، يتجدد كل عام بأساليبه وأدواته، بحيث أخذت تشدك تلك الأشكال المبهرة، والتصاميم المغرية المعروضة في واجهات المحلات الخاصة بمتطلبات ليالي القرقيعان، إضافة إلى أجمل البضائع التي تعرض في المعارض المتنقلة/ المتحركة، التي تقام عادة في بداية الشهر الفضيل، من صالة عرض إلى أخرى، وأكثر ما يجذبك في المحلات والمعارض تلك الأزياء المرزكشة الملونة الخاصة بلباس الصغيرات، فلا أجمل ولا أحلى، التي لاقت استحسان الأمهات والبنات. أما السلال الغارقة في العجب، وعلب الفضة بتنوع أشكالها وأحجامها، وأكياس القماش المزخرفة، وحلوى القرقيعان الفاخرة، فحدث ولا حرج.
هذه الأمور وغيرها، إن لم تقض على مظاهر قرقيعان الأمس، فقد حدت منه بشكل كبير.
***
أما الأمر المهم، فيبدو أن البعض منا، جيل الكبار، بقدر ما هو ينتظر هذه المناسبة بوله وشوق ليفرح ويستأنس مع عياله وأحفاده الصغار، إلا أنه أصبح يستاء من تلك البدائل الجديدة، والعادات المكتسبة، التي حشرتنا في زواياها الحادة الضيقة بقوة المدنية والحداثة، لتغير من مظاهر القرقيعان وموروثه الاجتماعي. أما أغرب الممارسات المستحدثة التي يتذمر منها الكبار، أن تلك المظاهر الجديدة أصبحت أحد رموز التفاخر والتباهي بين أغلب أطياف المجتمع الكويتي.

***
لو تناسينا حالة الاستياء التي تسكن البعض منّا، وابتعدنا قليلاً عن العاطفة، ونظرنا بمنظار أكثر واقعية، لأدركنا أن قرقيعان اليوم بمظاهره الجديدة أصبح من أهم العناصر التي تحرك جزءاً لا بأس به من عجلة الاقتصاد، لا سيما ونحن نشكو من أزمة اقتصادية خاملة، غافية، حد القلق، وبالتالي يجب أن نبتسم قليلاً، فدينار «القرقيعان الجديد»، سيأخذ دورة اقتصادية فاعلة ومؤثرة، بحيث يخرج من جيوب الكبار، إلى آيادي الباعة، لتستمر دورة الدينار من جيب إلى آخر، ومن يد إلى أخرى، وهكذا سيعود للاقتصاد نشاطه المفقود، وعلى جيل الكبار أن يرضى بقرقيعان اليوم، وأن يقتنع بأن الحياة تتبدل، وتتجدد، لتتطور... وستستمر ولن تنتهي.






0 Comments:

Post a Comment

<< Home