برنسيس إيكاروس

Thursday, August 16, 2012

محنة لا تشبه غيرها




محنة لا تشبه غيرها

منى الشافعي

*****

الغربة موجعة وعذاباتها قاتلة.. لها تأثيرات وانعكاسات سلبية على الإنسان.. أما أقسى أنواع القهر الاجتماعي الذي يُمارس على الإنسان، فهو الإحساس بالغربة داخل الوطن.. وبالتالي فالمواطن الحر حين يشعر بأنه يعيش حالة متوترة وقلقة قد تؤدي إلى ضياع كيانه وهويته في وطنه، حتماً سيصعب عليه تحملها وتقبلها.. وبالتالي ماذا يفعل؟ وإلى مَنْ يتجه؟ وما هو الحل؟

***


بصراحة، وضعنا الحالي في ديرتنا الجميلة، أخذ يرسل اشارات تنبيه تقول: «ان الغربة المفروضة على المواطن الحر، وصلت إلى حد النخاع، وتسلقت أحاسيسه، وتغلغلت في أعماقه، وتجذرت في عروقه».



وهكذا أصبحت الغربة أمراً حتمياً، وظاهرة محسوسة نظرا للمتغيرات الاجتماعية، والمستجدات السياسية، والأمور اليومية الأخرى، المتلاحقة التي أخذت تطفو على سطح التفرقة العنصرية والطائفية، والدينية، والمذهبية، والقبلية، والعائلية، وغيرها.. تلك الظاهرة يعززها بعض أطياف المجتمع التي لا تؤمن بالاختلاف، ولا بالرأي الآخر، ولا حتى بأبسط حقوق الآخر الإنسانية، مع أن الاختلاف نعمة مِنْ نعم الخالق عزّ وجلّ، على البشر، ويعتبر من العناصر الصحية التي تحفظ للمجتمع توازنه وديموقراطيته.. ونحن والحمد لله نتمتع بوجود ديموقراطية!


أما الأنكى، فهناك مَنْ أخذ يمارس الولاية، على غيره من المواطنين، بكل جرأة وأنانية، ومِنْ غير وجه حق، كأنه في حلبة مصارعة يجمع قوته ليلوي ذراع الآخر بحجة الدين، متناسيا، أن الدين الإسلامي، هو دين الحق والمحبة والسلام، العدل والمساواة، التسامح والإخاء، وهكذا، حتى ابتعد المواطن الحر السوي المعتدل عن حلبات المصارعة، ليتكوم داخل نفسه حزينا كئيبا، يوجعه القهر على ديرته الغالية، التي كانت عروس الخليج، مثالا للجمال، وملكة الريادة في كل المجالات الحياتية، الاقتصادية، السياسية، الاجتماعية الحضارية الراقية.


أما اللعبة اليومية المرفوضة، فهي إلغاء وتحقير وإهانة أفكار الآخر وقناعاته وتصرفاته وكل اسلوب حياته، فقط لأنها مختلفة، ومصادرة أفراحه، ووأد حرياته.. حتى أصبح يحسب ألف حساب لكل التفاتة يقوم بها، أو حركة عفوية تفاجئه، او كلمة جميلة يتفوه بها، أو فكرة جديدة يكتبها.


***

يا خسارة.. ضاعت تفاصيل الحياة الحلوة التي كنا نعيشها، ونمارس حرياتنا حسب رغباتنا الشخصية، وحقوقنا الإنسانية التي أصبحت اليوم مسلوبة.. أما التابوهات اليومية من حولنا فحدّث ولا حرج.. فقد أصبحت هناك تفاصيل جديدة قسرية يجب علينا كمواطنين وسطيين، أن نهتدي بها، وكأننا كائنات غريبة، نزلنا فجأة من كوكب آخر، لا نعي، لا نفهم، لا ندرك الأشياء من حولنا.. وطبعا لسنا من هذه الأمة، ولا تلك الجماعة، ولا عيال هذه الديرة.. إذاً ماذا نحن؟.. نحن غرباء الوطن، نعيش محنة ساحقة لا تشبه غيرها داخل الوطن ــ الديرة.. فهل هناك مَنْ يشعر بمعاناتنا، غيرنا.. نتمنى؟!




0 Comments:

Post a Comment

<< Home