برنسيس إيكاروس

Thursday, October 25, 2012

هذه حالنا .. فكيف ؟!




هذه حالنا .. فكيف ؟!

كتبت منى الشافعي

     حين بدأت الدول المهزومة في الحرب العالمية الثانية بالنظر إلى تحسين وضعها والتغلب على خسائرها، وذلك بعد انتهاء هذه الحرب المدمرة، كاليابان مثلاً، اهتمت أولاً بالاقتصاد كقوة عالمية جديدة تحاكي بها قوة السلاح، وهكذا أخذت بتطوير اقتصادها، وتنميته بسرعة كبيرة، حتى تبرز كقوة اقتصادية مؤثرة في العالم، وهنا ظهرت أهمية التنمية البشرية، والحاجة إلى عقول متميزة تستطيع تحقيق أهداف الدولة الاقتصادية المطلوبة.

     حين ركزت هذه الدول على تنمية الفرد، ليزداد تطوراً يوماً بعد آخر، التفتت إلى شمولية التنمية، فشملت مناحي الحياة الأخرى كالتنمية السياسية، الإدارية، التعليمية، الصحية، الثقافية، وكان الإنسان هو العنصر الأساسي، والمحرك الديناميكي لنجاح هذه المجالات الحيوية، وتطويرها، يزامله النمو الاقتصادي للدولة، وبالتالي انصب الاهتمام الكلي على تطوير مهارات ذلك الإنسان وقدراته، ومن ثم الاعتماد على أبحاثه العلمية، وخبراته، ليقوم بتحديث وتطوير جميع عناصره مجتمعة، متسلحاً بالعلم المتجدد، والتكنولوجيا الحديثة، وبهما ينمو البلد، ويتطور الإنسان.


      إذاً، تكمن أهمية التنمية البشرية في خلق مجتمع طموح قادر على تحقيق ذاته، واثق من مهاراته وقدراته وإمكاناته، لبناء نمط حياة حضاري راق لنفسه ولبلده.
***

       بما أن التنمية البشرية، هي عبارة عن خطة/منهج مدروس بعناية وثقة، يهتم بتحسين نوعية الإنسان، وذلك بتطوير مهاراته وقدراته وإمكاناته من خلال توفير فرص تعليمية حديثة متطورة ملائمة له، على أن ينمو الاقتصاد جنباً إلى جنب مع المجتمع وناسه، لأن كل فرد في المجتمع من حقه أن يطمح في تحقيق أحلامه وطموحاته، ورغباته في مجالات الحياة، وأمورها المتنوعة، ليتمتع بمستوى مرتفع من الدخل، لتوفير حياة كريمة له ولأسرته، ولأجياله القادمة، ولأن رخاء الأمم والشعوب لا يأتي إلا من التنمية البشرية والنمو الاقتصادي، إذاً نحن في الكويت بحاجة ملحة إلى التنمية البشرية اليوم أكثر من أي وقت مضى، غير متناسين أن أغلب اقتصادنا معتمد على صادرات النفط، الذي بالضرورة سينضب بعد جيل أو جيلين. وبالتالي، فتطوير الفرد هو الاستثمار المستقبلي الناجح للمواطن وللديرة.

***
     لو تحدثنا عن التنمية عامة، البشرية، المستدامة، وغيرها، كخصوصية كويتية آنية، فسنجد أننا كمواطنين نطمح في مستوى عال من كل أشكال هذه التنمية وعناصرها المختلفة.

      لو نظرنا بدقة إلى التنمية الصحية، فهي اليوم تكاد تكون بطيئة، إن لم تكن منسية. أما تحقيق الديموقراطية، والإيمان بها، وتفعيلها بالشكل الصحيح، فهي اليوم تشكو من فراغ سياسي، تشريعي، تنظيمي، بمعنى شبه غائبة، تاركة كل شيء في الديرة على البركة، أو على ساحة الإرادة.

      الاهتمام بالأوضاع السكنية للمواطن، وذلك بتوفير سكن مريح له ولأسرته الشابة، وبناء المدن الجديدة التي أصبحت كعين عذاري «تروي البعيد وتخلي القريب»، بصراحة نسمع بها كثيراً، ونقرأ عنها أكثر، لكنها معطّلة، فيبدو أن الخطة الإسكانية تحاكي السلحفاة بمشيتها.

     التعليم .. «هناك غصة»، فلا تزال المناهج تفتقد التطوير والتحديث، وعناصر التكنولوجيا المتطورة

       أما تطوير الأساليب الإدارية، وتطوير أداء الموظفين لرفع مهاراتهم الفنية والإدارية، فكيف تحدث التنمية في غياب وسائل التكنولوجيا الحديثة والمعلومات المطلوبة، كما أن قرار تفعيل وتطبيق نظام البصمة للموظفين في الحكومة لا يزال تطبيقه في معظم المؤسسات الحكومية متأرجحاً، بطيئاً.

    لو نظرنا عن قرب إلى التنمية الثقافية في الديرة، فهي آخر «هم» حكومتنا الرشيدة ومجلس أمتنا الموقر، والمؤسسات الثقافية العامة والخاصة، فهي عنصر دخيل لا يهم الجميع.


     هجر الحياة الاستهلاكية، وإيجاد فرص عمل مهنية وحرفية للشباب بتفعيل المشاريع الصغيرة مثلاً.. كيف يحدث هذا ولا يزال أغلبنا كمواطنين يقترض من البنوك لينفق على المواد الاستهلاكية والترفيهية على أمل أن تسارع الدولة لتسديد أقساطه المتعثرة، أو تهافته على تسجيل اسمه في صندوق المعسرين.


***

     يا جماعة الخير، التنمية عامة، يراد لها مواطن طموح، منتج لا مستهلك فقط، متحرك، إيجابي، وحكومة مسؤولة ذات خطط مستقبلية تنموية منهجية، متطورة سريعة التنفيذ، ومجلس أمة يعمل ليشرّع بالحق والعدل، ويراقب بعين قادرة، فاحصة، حكيمة.

     هذه حالنا، فكيف نساهم في خلق وتشكيل إنسان الغد، الطموح الواعي، القوي المتماسك، الذي يستطيع أن يقاوم التحديات العالمية التي تحيط به/بنا اليوم من كل حدب وصوب، والقادر على تحقيق التعايش مع الوضع العالمي المقبل، الذي نجهل أبعاده، ومتغيراته الجغرافية والسياسية وغيرها؟
تم النشر في 2012/10/ 04

منى الشافعي

جريدة القبس

0 Comments:

Post a Comment

<< Home