برنسيس إيكاروس

Tuesday, January 15, 2013

ثقافة الترقيع.. لا تزال مستمرة !



كتبت منى الشافعي
ثقافة الترقيع.. لا تزال مستمرة

ارتبطت كلمة ترقيع بفئة الفقراء من البشر، فالفقير يرقّع ثيابه إذا تقطّعت، لأنه لا يملك المال الكافي لشراء غيرها.
أما الغني من البشر، فبكل بساطة لا يحمل هموم ترقيع ثيابه، لأنه يملك الكثير من المال، وبالتالي تجد حياته سهلة سلسة خالية من التعقيد
* * *
هذه المقدمة البسيطة تنطبق على الدول، فهناك دول فقيرة معذورة حين تنتهج سياسة الترقيع في كل أمر من أمورها الحياتية، بدءاً بالبنية التحتية، وانتهاء بأهم معالمها، مروراً بكل منشآتها الحكومية الخدمية وغيرها. لأن حالتها المادية/ الاقتصادية لا تتحمل ثقل الحياة العصرية ومتطلباتها الكثيرة، ومتغيراتها المتسارعة. أما الدول الغنية، فإن قصًَّرت في شيء من متطلبات الحياة اليومية الضرورية، الكريمة لشعوبها، فهل نعذرها؟
* * *
ديرتنا النفطية، الجميلة، كويتنا الرائدة في المجالات الحياتية العصرية، عروس الخليج، تحولت في غفلة منّا، إلى نهج سياسة الترقيع في أغلب مناحي الحياة، لأكثر من عقدين، وها هي الشوارع والطرقات التي تعتبر من أهم الواجهات الحضارية للبلد، تبدو لك كالثوب المرقّع بأكثر من رقعة لا تشبهه، ذلك لأن بعض المقاولين المدللين وبعد أن «يُبح» صوت المواطن من مئات الصرخات، وبعد أن تتلف آخر سيارة يمتلكها، يعطف عليه المقاول (مقاول المشروع)، ويبدأ بترقيع الحفر والكسور المتناثرة هنا وهناك في أغلب شوارعنا وطرقاتنا بحفنة من الأسمنت، متناسياً هذا المثل «حلاة الثوب رقعته منّه وفيه»، مع أننا دولة نفطية والأسفلت متوافر بكثرة.
بصراحة، العتب ليس على مقاول هذه المشاريع، لأن دور المراقب الحكومي غائب، والإهمال وعدم اكتراث المسؤول يعززان هذا الدور للمقاول المتراخي، «اللي نايم بالعسل» على حساب راحة المواطن، وهكذا لا تزال شوارعنا وطرقاتنا تئن من الحفر والكسر، ممزقة الأوصال، تحت رحمة الترقيع التعيس

* * *
هناك الكثير ممن يشكو من سياسة الترقيع في الديرة، فمثلاً المباني الحكومية، وهي، أيضاً، واجهة من واجهات البلد الحضارية، الكثير منها يعاني القِدم، وبعضها وصل إلى درجة «غير صالح»، وحتى محاولات الترقيع لن تنفع معها. من الأمثلة الحية، مباني جامعة الكويت المتناثرة في المناطق السكنية لا تزال تنتهج ثقافة/سياسة الترقيع غير المجدية. المسارح تشكو من العتق والإهمال. بعض المستشفيات، ومع الترقيع الدوري، لا تفي بغرضها الصحي لأهل الديرة وملايين الوافدين. بعض مباني جمعيات النفع العام التي غزاها الترقيع لا تزال متهالكة. ها هو مبنى رابطة الأدباء المرقَّع بأكثر من رقعة يئن من عتقه الخمسيني/ الستيني، فلم يعد المسكين يلبي احتياجات الأدباء والكتَّاب، والمهتمين وضيوف الكويت، وهناك الكثير من الأمثلة... مدارس.. معاهد.. و.. و.. و!
* * *
رجاء حار من أهل الكويت إلى حكومتنا الجديدة، أن تنسوا كلمة ترقيع وتشطبوها من قاموسكم الحكومي، فإن التطور والتنمية لا يلتقيان أبداً مع سياسة الترقيع وتوابعها من «قص ولزق»، فالترقيع يبدد المال، ويشوه كل جميل في الحياة!... نتمنى
 القبس 14 يناير 2013 .

 

 

0 Comments:

Post a Comment

<< Home