برنسيس إيكاروس

Saturday, January 04, 2014

الهدايا بين الأمس واليوم



كتبت منى الشافعي

الهدايا بين الأمس واليوم

الهدايا على بساطتها تثير السعادة في نفوسنا، وتهز مشاعر الشكر والامتنان عندنا
*********************************

حضرت عيد ميلاد طفلة في السابعة من عمرها. فجأة وهي ممسكة بذلك الجهاز الالكتروني، والفرحة تقفز من عينيها، تذكرت الأمسين القريب، والأبعد قليلاً. ففي مناسباتنا الخاصة، كأعياد الميلاد، والنجاح، والزواج، وغيرها، كانت الهدايا جميلة بسيطة، مشحونة بمعاني الحب والود والتقدير، حسب الشخص المحتفى به وحسب المناسبة. كنا كباراً وصغاراً - من الجنسين - نقنع بزجاجة عطر، بكتاب جديد، نفرح بقلم تزينه وردة، او شريط لموسيقى عذبة، او ساعة او قطعة مجوهرات بسيطة - للنساء طبعاً - وحتى نسعد بباقة ورد جوري ملون. وغير هذا وتلك من الأشياء الرمزية الجميلة. كانت هذه الهدايا على بساطتها تثير السعادة في نفوسنا، وتهز مشاعر الشكر والامتنان عندنا، وتخلق صورة جميلة تستقر في الذاكرة طويلاً.

أما هدايا اليوم، فمع تغير الحياة، وتسارعها في كل المناحي والمجالات، وبغفلة منا، وحين افقنا شعرنا كم تبدلت تلك الهدايا، وتغيرت في كل المناسبات، ومع كل الفئات والأعمار، وأصبحنا كأننا مسيّرون، نسارع الى شراء تلك الاجهزة الالكترونية الشخصية الحديثة والاحدث كهدايا لمن نُحب، لأننا على يقين بان هذه الاجهزة ما يطمح لها المحتفى به، والأنكى حتى طفل ما قبل المدرسة، امنيته الحصول على «الآيباد»، أو «الآيفون»، او «اللابتوب»، او «الآيبود» وغير ذلك من ألعاب الاطفال الالكترونية. ومن الملاحظ ان هذه الاجهزة تتطور وتتغير شكلاً ومضموناً بأسرع من الليزر، اي قبل ان يأتي عيد ميلادك المقبل، إلاّ وتتمنى ان تحصل على الجهاز المتطور الجديد الأخف، الأصغر، لا فرق. أما عن شركات الإنتاج لهذه الأجهزة فحدِّث ولا حرج، لكل منها مذاق الكتروني خاص، ونكهة مميزة، تُرضي بها غرورنا جميعاً، كبيرنا قبل صغيرنا. المؤسف هنا، نحن كمستهلكين، نتسارع لنحصل على كل ما هو جديد ومميز لا ادري، هل هي حاجة ملحّة، أو تباهٍ، أو كما يقول المثل «حشر مع الناس عيد»؟

هل يتذكر أحدنا اول جهاز حصل عليه قبل عقدين تقريباً، يُسمى «البيجر»؟! لقد كان وقتها اختراعاً مذهلاً. أين تجده اليوم؟! أعتقد في متاحف الذاكرة

لو نظر أحدنا الى احد ادراج مكتبه، لوجد عدداً لا يستهان به من هذه الأجهزة الشخصية الالكترونية، التي تراكم بعضها فوق بعض في هدوء وسلام، ذلك خلال عقدين فقط

بصراحة، العاقل مِنَّا - الكبار - هو مَنْ يقنع بجهاز موبايل قديم، يلبّي حاجته فقط عند الضرورة، ولكن، أشك في وجود هذا الشخص بيننا، خاصة هذه الأيام.
منى الشافعي


تم النشر في القبس  2013/12/ 01

0 Comments:

Post a Comment

<< Home