برنسيس إيكاروس

Friday, September 19, 2014

لا يوجد عندنا واي .. فاي .



لا يوجد عندنا «واي.. فاي»!
 
نقلة إنسانية رائعة ، تعيدنا إلى حميمية حياتنا اليومية العادية الجميلة.
 
 ******
   «عندنا واي.. فاي»..  هذا الإعلان تجده في مداخل المحلات التجارية الكبيرة، والعيادات، والمطاعم، والمقاهي وغيرها في أغلب دول العالم، ذلك بعد أن غزت التكنولوجيا الحديثة بأجهزتها الذكية، حياتنا العامة والخاصة، وأصبح كل شخص منا يحمل في يده أكثر من جهاز يعمل بـ«الواي فاي»، في كل تنقلاته، حتى وهو يرتشف فنجان قهوته الصباحية أو استكانة الشاي. والأنكى حتى وهو يتناول وجبة غداء مع الأهل أو عشاء جماعي مع الأصدقاء في أحد المطاعم.
 نعم.. هكذا التصقت هذه الأجهزة بيومنا بقوة عجيبة، وجعلتنا مدمنين، بحيث لا نستطيع الاستغناء عنها، ولا حتى ونحن نتناول طعامنا.. كيف أصبحت بذكائها تستعبدنا وتدير حياتنا اليومية في غفلة منا؟! ذلك لأنها أصبحت جزءاً أساسياً من وسائل التواصل الاجتماعي بيننا. ولن نغفل هنا هذه السلبية التي أثّرت في وسائل الحياة التقليدية، والأدهى أنها أثّرت بشكل واضح في التواصل الشفاهي بين الناس الذي يبدو أنه انقطع.
المعروف أن الزبائن تتهافت على المطاعم والمقاهي التي تؤمِّن لها خدمة «الواي.. فاي».. والشيء الجميل الذي دفعني إلى كتابة هذا الموضوع الحيوي أن بعض المطاعم والمقاهي في أميركا غيّرت إعلانها الذي يتصدّر مداخلها إلى الشكل التالي: «لا يوجد عندنا واي فاي.. تفضّلوا واستمتعوا بوجباتكم مع الأصحاب، وتحدّثوا بعضكم مع بعض، فقط هاتفوا أمهاتكم وأسمعوهن أصواتكم، واسمعوا أصواتهن، واعتبروا أنفسكم في عام 1992، وليس في عام 2014».
***
 أليست هذه نقلة إنسانية رائعة، تعيدنا إلى حميمية حياتنا اليومية العادية الجميلة، إلى الاستمتاع بالحديث الشفاهي مع الآخرين؟! والأجمل العودة إلى الحديث من خلال التلفون مع الأهل والأصدقاء المقربين، الذين يبدو أننا نسينا رتم/ نغمة أصواتهم.
نخشى أن يأتي يوم/ زمن ننسى فيه أشكالهم..
لا تسألوني كيف ومتى؟! لكنه حتماً سيأتي.
كلمتي الأخيرة أوجهها إلى مطاعمنا ومقاهينا وغيرها، لعلهم يقدّمون لنا هذه الخدمة الإنسانية الجديدة!
 
 جريدة الفبس 11 سبتمبر 2014
 
منى  الشافعي
alshafei_m@

0 Comments:

Post a Comment

<< Home