برنسيس إيكاروس

Thursday, October 30, 2014

في الأصل كان الاختلاف



كتبت منى الشافعي

في الأصل كان الاختلاف

******

كتبت أكثر من مرة في هذا الموضوع، كما كتب غيري من الكتّاب الأفاضل.. لكن في الإعادة إفادة

*********************

      إذا أدركنا أن الأصل في الحياة هو الاختلاف.. وأن التعدد والتنوع، سواء في العقيدة أو الفكر أو القدرات أو الإمكانات، وحتى اللون والشكل أمر طبيعي، ومن سنن الله تعالى الفطرية، وأن الاختلاف لا يعني التفرقة، وإذا اقتنعنا بأن الاختلاف بكل صوره يثري الحياة الإنسانية وينمّيها فكرياً وعلمياً واجتماعياً واقتصادياً وسياسياً.. وإذا انتبهنا الى ان الانسان كائن اجتماعي من الصعب أن يعيش بمعزل عن الآخر المختلف عنه. وأن هناك ضرورات حياتية مشتركة تستدعي هذا الاختلاط بالغير، وإذا عرفنا أن الاختلاف ظاهرة إنسانية عالمية، يجب علينا احترامها، والتعايش معها وتقبّل وجودها بكل شفافية، وبالتالي يجب علينا جميعا كبشر ان نتقبل الآخر كما هو، خاصة الأخ الشقيق، ونحترم اختلافه ونبدي رغبة أخوية صادقة في التسامح والتعاون معه لمصلحة الإنسانية جميعا، من دون أن نتأثر بالبعض الحاقد، الذي يشعل نار الفتنة، ويؤجج أساليب التفرقة بين الأشقاء والإخوة والأصدقاء والجيران، وبين الناس عامة، متخذاً الأديان والمذاهب مادة حيوية لخططه اللاإنسانية، ولمصالحه الشخصية «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ»   الحجرات: 13

     إذن.. من الظلم أن تتصارع الشعوب وتتبارى في سفك دماء الأبرياء، خاصة الأطفال، بسبب الاختلاف في المعتقدات، فما بالك بين أبناء الشعب الواحد، أبناء الوطن الواحد، أصحاب الأرض الواحدة، والأنكى والأمرّ، أصحاب الدين الواحد؟! أليس ما يحدث اليوم بين بعض الأشقاء العرب من صراع وقتال طائفي ومذهبي، هو حالة شاذة بعيدة عن الدين الإسلامي وتعاليمه السمحة الحيوية الشفافة، وبالتالي تشويه لصورة الإسلام الإنسانية الراقية؟!

      وهكذا، إذا نظرنا بعجالة الى ديننا الإسلامي السمح، فسنجده لا ينكر الأديان الأخرى، بل يشجّع التعايش معها بمحبة، وأمن وأمان. أما التاريخ فيخبرنا أيضا بأن الحضارة الإسلامية ذات ثقافة منفتحة على حضارات الأمم والشعوب الأخرى وثقافاتها المتنوعة، غير متناسين أن جميع هذه الأديان والثقافات تنادي كالإسلام، بالمحبة والتسامح، وعدم نبذ الآخر المختلف عنها، سواء بالعقيدة، أو اللون، أو الشكل، أو غير ذلك.. فلماذا إذن هذه الحروب العدمية، التي أكلت الأخضر واليابس؟.

****** 

القبس 30 اكتوبر 2014  

منى الشافعي

 

0 Comments:

Post a Comment

<< Home