برنسيس إيكاروس

Sunday, January 17, 2016

مشغولة.. مشغول.. ما عندي وقت!


 

مشغولة.. مشغول.. ما عندي وقت!

***

    الأسرة هي نواة المجتمع الإنساني. أما الطفل، فهو مستقبل أسرته، مجتمعه، بلده. لذلك، فإن سنوات الطفل الأولى تعد الأساس في تكوين شخصيته وبنائها، ومعرفة ميوله واتجاهاته. وبالتالي، يجب أن نوليها الكثير من العناية والاهتمام، آخذين في الاعتبار أن الطفل يكتسب المبادئ والقيم والعادات، وكل أنماط وأخلاقيات وسلوك وملامح أسرته، وممن حوله في هذه السنوات. لذا، فإن مسؤولية الأسرة كبيرة وفاعلة في غرس المفاهيم الحياتية المعتدلة، والتصرفات السوية، في نفس الطفل وعقله، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، حتى تترسخ وتكبر معه هذه العناصر الأخلاقية الجيدة، كي يندمج بعد ذلك في مجتمعه الذي يعيش فيه وينتمي إليه بكل ثقة وبساطة وفاعلية. لذا، على الأسرة الصالحة أن تنشئ أبناءها وتربيهم على ثقافتها، وألا تترك تربية أطفالها لأياد غريبة، وثقافات جديدة، تحمل مفاهيم وقيما وعادات ولغات لا تمت لمجتمعهم، ولا لبيئتهم بأي صلة.
***
     ما دفعني إلى الكتابة حول موضوع الأسرة تلك المشاهد الحية الجميلة التي صادفتني في كل المدن الأميركية التي زرتها أخيراً، ففي الأماكن العامة من حدائق بأنواعها، متاحف، معارض، وأماكن ترفيهية أخرى، ناهيك عن المولات والأسواق والنوادي وغيرها، تجذبك تلك الأسر الصغيرة والكبيرة التي يحتضن بعضها بعضاً بكل الحب والحنان، تلهو وتلعب، تمرح وتضحك، تأكل وتشرب، تدلل وتعتني، تستمتع بقضاء أجمل الأوقات مع صغارها. أحد أجمل ملامح الحياة الاجتماعية، اليومية الأميركية.
بصراحة، هذه المناظر الإنسانية الجميلة، المفتقدة في مجتمعنا الصغير، بقدر ما أسعدتني وأبهجتني إلا أنها تركت في نفسي حسرة. والأجمل والأهم أن هذه الأماكن العامة المختلفة التي ترتادها الأسر للترفيه والمتعة تخلو من المربيات. فروعة هذه الأسر تكمن في أنها لا تعتمد في تربية أبنائها على المربيات إلا فيما ندر. ناهيك عن بيوتهم التي لا تعرف العمالة المنزلية، بل يجدون الوقت الكافي للقيام بجميع شؤون أمورهم الحياتية اليومية بكل بساطة وسهولة. أما أغلبيتنا، فمتى نتخلص من هذه الكلمات التي أخذت تلازمنا كظلنا: «مشغولة، مشغول، مستعجل، ما عندي وقت»، فهل هناك صعوبة في محاكاة هذه الأمور الأسرية المبهجة، المفرحة؟!

***
    ما دام الشيء بالشيء يذكر، فإنه على ما يبدو أغلبنا منزعج، ومتضايق، ويتأفف من التركيبة السكانية في الديرة، التي تغيرت وتبدلت خلال السنوات الأخيرة، وبالتالي أخذ يطالب بتعديلها وتصحيح مسارها. فهل فكرنا كمواطنين في الاستغناء عن بعض العمالة المنزلية، التي تئن، تغص بها بيوتنا، كخطوة أولى في طريق الإصلاح لتعديل التركيبة السكانية التي باتت تؤرقنا؟!

منى الشافعي
m_alshafei@hotmail.com

 نشر في : 24/11/2015

0 Comments:

Post a Comment

<< Home