برنسيس إيكاروس

Sunday, January 17, 2016

كم زهرة عندنا!


كم زهرة عندنا!

***

       اسمها زهرة، فعلاً هي زهرة، بل أجمل الزهور.. تلك الفتاة الشابة الراقية في كل شيء.. مطار لندن كبير ومعقد، خصوصاً لمن تضطره وجهته إلى تغيير أكثر من طائرة، والوقت بين وصول الطائرة الأولى وإقلاع الثانية قصير، وهذا ما حدث معي، فحين استقللت القطار إلى تيرمنال، محطة B، حيث وجهة سفري، وفوّت/ ضيّعت محطة النزول، كانت هذه الشابة تتحدث إلى أحدهم قربي، وحين سمعت لهجتي الكويتية المرتجفة، وكنت خائفة أن أتخلف عن موعد إقلاع طائرتي لأن الوقت يدركني، وعندي أقل من ساعتين، والمسافرون بالمئات ينتظرون أدوارهم، ولا أدري ما هو التصرف الصحيح، كنت مرتبكة، فجأة التفتت إليّ بكل تواضع، واهتمت بمشكلتي وسألتني عن موعد طائرتي ووجهتها، ثم أخذتني إلى الطريق الصحيح السريع، الذي لم أكن أعرفه أصلاً، وكانت معي في كل خطوة من خطوات الأمور والإجراءات الرسمية المطلوبة، وبمساعدتها الكريمة التي تجاوزت ساعة زمن، اكتملت أمور السفر إلى وجهتي.. تنفست الصعداء.. شعرت بالأمان والامتنان لهذه الإنسانة الرائعة زهرة، التي لم تتركني لحظة، بل إنها أصرّت على أن تحمل حقيبتي الثقيلة لأنها انتبهت إلى ساقي التي تؤلمني، وأخذنا نسرع بحسب مقدرتي، وحين أوصلتني إلى المصعد المؤدي إلى اللاونج/ الاستراحة، بكل أمان واطمئنان، دعتني قائلة: «الدور الثاني وستجدين اللاونج أمامك، وحين تدخلين اسألي أولاً عن موعد إقلاع طائرتك ومكان وقوفها حتى تطمئني، واعتقد أنه قريب جداً من اللاونج، فلا تنزعجي، لا يزال لديك بعض الوقت لتستمتعي بشرب كوب شاي ساخن يريحك قليلاً» وتمنت لي رحلة آمنة وسعيدة، وكأنها تودع والدتها الحبيبة، وكأنني أحضن ابنتي الغالية، كما تمنيت لها، أيضاً، رحلة آمنة وسعيدة - بعد سبع ساعات ستقضيها في المطار، في انتظار طائرتها التي ستقلها إلى وجهتها، تصحبها السلامة.

      بصراحة، حين شكرت هذه الشابة الرائعة، كنت مسكونة بالفخر والاعتزاز بديرتي الكويت التي أنجبتها وأمثالها من شبابنا الحلوين، وقد أشعرني تصرفها الجميل، وعملها الطيب بمبادرتها السريعة لمساعدتي في هذه الحالة المربكة بالبهجة والسرور، كما أضاءت عينيّ بالفرح، والأجمل أنها ذكّرتني بأن مساعدة الآخرين هي أجمل أنواع الحب. أتمنى لكل الشباب أن يكونوا زهرة.
منى الشافعي
نشرت في29 سبتمبر

0 Comments:

Post a Comment

<< Home