برنسيس إيكاروس

Sunday, May 01, 2016

العزلة بين الأجيال!


العزلة بين الأجيال!
 
***

ما دفعني الى كتابة هذا الموضوع، قراءتي لرواية «اذهب حيث يقودك قلبك» للأديبة الايطالية سوزانا تامارو، التي تطرح قضية صراع الأجيال عن طريق رسائل يومية تكتبها سيدة مسنة – بطلة الرواية – لحفيدتها الشابة.
يبدو أن ما قرأته في الرواية، ينطبق علينا نحن جيل الكبار مع عيالنا وأحفادنا.. فعلاً هناك فجوة تتسع يوماً بعد آخر.
* * *
    يعتقد جيل الكبار أن هناك تمرداً ملحوظاً من جيل الشباب – جيل التكنولوجيا الحديثة – على الحياة الاجتماعية، والعادات والتقاليد السائدة، والمعايير واسلوب الحياة وغيرها. وبالتالي أنتج هذه الفجوة / الهوة العميقة بين الأجيال، فظهرت الاختلافات الثقافية، والفروقات في التفكير والطموحات، والقيم والمفاهيم والمبادئ، والمعارف. وكأن البيئة الاجتماعية، التي تضم أكثر من جيل، قد تغيرت وتبدلت، وجعلت العلاقات بينها مضطربة، ودخلت في صراع وشبه عزلة وعدم قبول من الطرفين، مما أقلق الجميع.
* * *
      تنشأ هذه الفجوات بين الأجيال وتزداد اتساعاً نظراً لسرعة التغييرات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، والمعرفية والعلمية والتكنولوجية، والسياسية العالمية، وتنوع وسائل الاعلام بكل صورها، خاصة في هذا العصر.. وبالتالي يجب على جيل الكبار ألا يضع كل اللوم على جيل هذا العصر. لأن من حقه أن يصنع عالمه، ويختار أسلوب حياته، ليقوم بدوره في تطوير مستقبله، لا سيما ان شباب اليوم ينضج مبكراً نتيجة المتغيرات العالمية المتسارعة، والثورة المعلوماتية، وحرية تداول المعلومات، ونظام التعليم الحديث، وحقوق الانسان، والحريات الفردية، التي تفتح مداركه، وتجدد أفكاره، وتطور ابتكاراته، وتزيد من طموحاته. غير متناسين أن العالم اليوم أصبح قرية كونية منفتحة، وأن كل جيل لابد أن يختلف عن سابقه.
* * *
       يبقى السؤال، هل توجد طريقة للتخفيف من حدة هذا الصراع، والقضاء على بعض هذه الاختلافات وتلك الفروقات، وهل هناك حل لردم هذه الهوة / الفجوة، أو حتى تقليص اتساعها؟!
      برأيي، بما أنه واقع فليتقبله جيل الكبار، ويتكيف مع هذا الوضع بحكمته وخبراته المتراكمة، وتجاربه الحياتية الممتدة، وإظهار نوع من التقارب والتآلف مع ثقافة هذا الجيل البديلة، وعالمه المعاصر الجديد الذي يمثّلهم، في محاولة لاحتضانهم والوقوف الى جانبهم، وتفهم مشاكلهم ووضع الحلول المعقولة لحلها، واستيعاب أفكارهم وتطلعاتهم، والسعي معاً لتحقيق أهدافهم وطموحاتهم، لعل وعسى يعود التواصل بين الأجيال بطريقة حضارية راقية صحيحة!
منى الشافعي


@alshafei_m

في القبس 30 ابريل 2016

 

0 Comments:

Post a Comment

<< Home