برنسيس إيكاروس

Thursday, September 08, 2016

فترة فرح


فترة فرح ! 
***

    بعيدا عن معترك الحياة السياسية الداخلية والخارجية التي باتت تقلقنا وتلازمنا كظلّنا، بعيدا عن الحروب العدمية/الطائفية/الداعشية، عن فوضى عالم اليوم، عن الدم الأحمر المسفوح بأرخص الأثمان، عن الربيع/الخريف/الدم/العربي، بعيدا عن الإرهاب وبشاعته، عن الفساد بكل صوره، ومانشيتات الصحف اليومية الصادمة/الساخنة.
بعيدا عن الضوابط الشرعية، وهيئة الظواهر السلبية، عن الفتاوى اليومية، التي أصبحت تدخل في كل تفاصيل الحياة، ودقائق أمور البشر وخصوصياتهم، بعيدا عن «الجلد بساحة الصفاة» عن كل ما يدور تحت قبة برلمان الديرة. وعن الشهادات العلمية المزورة، وانتكاسة التعليم عندنا.
      وأكثر بعدا عن الجدل حول ارتداء «البوركيني»، وتداعياته في فرنسا، وارتداء السياح التنورة القصيرة في الهند، وعن السيلفي ومشاكله.
بعيدا عن صخب الحياة وضجيجها الممل، ومنغصاتها التي ازداد إيقاعها ألما ووجعا عليك أيها الانسان. فلماذا لا تبتعد عن كل هذا، وتقترب من الوجود الإنساني الرائع؟
لتعرج على بعض التفاصيل المشرقة/المبهجة في حياتك اليومية، لتقترب من عناصر الجمال التي تثير فكرك وتوقظ مواهبك الغافية، لتستشعر الجمال في كل شيء من حولك بكل بساطة. فالجمال متعة والإحساس به أكثر من لذة. فلماذا لا تترك نفسك بكل شفافية تبحث وتتجول بين هذا الجمال وذاك لتتذوقه؟
     ما أجمل أن يجذبك عطر وردة، فتمسّك ومضة فرح، أو تصلك أنغام أصوات أسراب من الطيور المهاجرة ترطب يباسك، ماذا لو استمعت الى أغنية قديمة تثير في نفسك بعض الشجون، وفي الوقت نفسه ترسم الابتسامة على وجهك، ماذا لو كان منظر تلك القطة الجميلة، وهي تتسلق بخفة سور حديقة بيتك يسعدك، ماذا لو التفتّ فجأة ليصافحك وجه عجوز جعدته أحداث الزمن اللئيمة، ماذا لو صادفك وجه طفل بريء يبكي بحرقة لفقده لعبته المفضلة، ماذا لو سمعت ضحكات أطفال يلهون بألعابهم قربك؟        إذاً.. لماذا لا تستجيب الى روعة الجمال وقدسية الكون، فللكون سحره، ولأسراره لهفة؟
فهذا الجمال الفطري لا يشترط لمن يتأمله/يحسه/يتذوقه/يقرأه، أي لغة من لغات العالم، بل إنه اللغة الوحيدة المقروءة بكل أبجديات العالم. وبالتالي حين تستشعر وجوده حولك، وتستمتع بروعة تفرده، ستخرج حتما من واقعك الآلي/المزعج اليومي ولو لفترة فرح!

القبس 5 سبتمبر 2016
منى الشافعي
m_alshafei@hotmail.com
alshafei_m@

0 Comments:

Post a Comment

<< Home