برنسيس إيكاروس

Friday, June 09, 2017

لنشعر بالمحتاجين والفقراء


لنشعر بالمحتاجين والفقراء !

***

    أغلبنا عاش ومارس مظاهر وطقوس قرقيعان الماضي ببساطتها وعفويتها المحببة إلى الكبار قبل الصغار، أمّا قرقيعان اليوم فقد ابتعد كل البعد عن الموروث الجميل الذي توارثناه عبر أجيال وأجيال، فقد حمل طقوساً جديدة، ومبتكرات عجيبة مكلفة مادياً، كما لبس حلة حديثة لا تشبهه!
    لن ننكر هنا أن الحياة دائمة التغيير والتبديل، والإنسان بطبعه أيضاً يميل إلى التغيير حتى يواكب متغيرات العصر وحراكه المتسارع، وهذا ما جعل مظاهر قرقيعان الزمن الجميل تفقد سحرها الشّفاف، وتغيب نكهتها العتيقة.
إن الاستياء والتذمر من هذا التغيير، والبدائل «القرقيعانية» الجديدة وأساليبها المتطورة عند البعض منا، خصوصاً كبار السن، ليست منصباً فقط على المظاهر الشكلية الحديثة بالملبس والأدوات وأنواع الحلويات والمكسرات، إنما الإحساس بأن ليالي القرقيعان التراثية أصبحت بمظاهرها الجديدة أحد رموز التفاخر والتباهي والتنافس بين أغلب أطياف المجتمع الكويتي، تصل إلى التهادي بين الأسر بعلب الفضة ذات الأشكال والأحجام الغالية الثمن، التي تحتوي على حلوى فاخرة مرتفعة التكاليف، لا تمت بأي صلة لحلوى القرقيعان التراثية التي تربينا عليها، ناهيك عن أكياس القماش المزخرفة الغالية، والسلال المختلفة الغارقة في العجب.. وغيرها من هذه المظاهر المبتكرة التي حتما لن تمتع الصغار ولن تسعد لياليهم.
    شهر رمضان المبارك شهر المحبة والرحمة والخير والتسامح، شهر القرآن وليلة القدر، وأيضاً شهر التغيير وقتل الروتين، وذلك بتغيير عاداتنا في الأكل والشرب وكل أمورنا الدنيوية اليومية. ومن أهمية الصيام عدم الإفراط والتبذير في كل شيء. أما الأكثر أهمية للصيام، فهو الشعور بمعاناة الفقراء والمحتاجين المتعففين الذين يعيشون على الكفاف، مما يدفعنا، كقادرين، إلى العطف عليهم ومساعدتهم حسب قدراتنا وإمكاناتنا المادية وغيرها. ومع هذا يصر أغلبنا على هذه المظاهر المغرقة في الإسراف في هذه المناسبة التراثية، رغم أنه شهر صيام، متناسين أيضاً أن أجواءنا العربية والإسلامية المنكوبة في الحروب والصراعات المختلفة لا تزال أكثر عوزاً وحزناً.
      لذا، ينبغي علينا الاعتدال في مظاهر هذه المناسبة الرائعة، والأهم الابتعاد عن التفاخر والتباهي في ليالي شهر رمضان المباركة، حتى لا نفقد الإحساس بأطفال المخيمات واللاجئين الذين لفظتهم أوطانهم للشوارع، ويتمتهم تلك الحروب العدمية، الذين يتمنون كسرة خبز نظيفة، وشربة ماء نقية!
وكل قرقيعان وأنتم بخير ونعمة وصحة وعافية يا أهل ديرة الخير.       

منى الشافعي
m_alshafei@hotmail.com
جريدة القبس 6 يونيو 2017 

0 Comments:

Post a Comment

<< Home