برنسيس إيكاروس

Friday, July 28, 2017

لص سامي وجائزة الشافعي







لص سامي وجائزة الشافعي

***
    دائماً ما تتردد عبارة «فنان مرهف الإحساس». لم أكن أتوقف كثيراً عند هذه العبارة، إلى أن عرفت تطبيقاً عملياً لها حدث مع الفنان النحات الشهير سامي محمد.     كان لقاء جمعنا منذ أيام في صالة بوشهري، بعد أكثر من سنة مرت على آخر لقاء بيننا. سامي محمد لا تهرم روحه المبتسمة، أخذنا الحديث بحضور فنان آخر هو الخزّاف سعد حمدان، شقيق الموسيقي المعروف د. صالح حمدان، وأخذنا الحديث أبعد من الفن، فوصلنا إلى حكايات اللصوص والمجرمين، فحدثنا الفنان سامي محمد عن واقعة صارت معه في مسكنه، حيث كان منهمكاً في رسم لوحة، حين سمع ضجيجاً في الخارج، فأطل من الشرفة، فوجد عدداً من رجال الشرطة يدخلون منزله، فتح لهم الباب فأخبروه أنهم يطاردون متهماً بقضية ما، وسألوه إن كان شاهده، لأنهم يعتقدون أنه دخل منزله، وربما صعد إلى السطح، فسمح لهم بالصعود والتفتيش في أي مكان يريدون.      يقول فناننا إنهم صعدوا برشاقة غزلان فوق درجات السلم، وبحثوا عن الشخص المطلوب فوجدوه أخيراً مختبئاً في غرفة المصعد الكائنة فوق السطح، فقبضوا عليه وأنزلوه على السلم، وحين نظر إليه سامي محمد وجده شاحباً مرهقاً يلهث من الركض والإرهاق والتعب، فـ«كسر في خاطره»، ثم طلب من رجال الشرطة أن يسمحوا له بتقديم الماء والطعام للمتهم قبل أن يكملوا مشوارهم معه، ولأن رهافة الإحساس والرحمة ليست حكراً على الفنانين، فقد وافق رجال الشرطة على طلب سامي محمد، رغم أن المتهم أتعبهم كما يبدو، وكان من المفترض أن يكونوا حاقدين عليه، لكن الرحمة غلبتهم، فجلس المتهم وشرب وأكل وعاد إليه شيء من عافيته، عند ذلك قال لهم صاحب المنزل بإمكانكم الآن أن تأخذوه.      من حكايا رهافة الفنانين والأدباء أيضاً، ما حدث قبل أسبوع تقريباً مع الأديبة منى الشافعي، حيث كانت تضيء مكتبي في مجلة البيان في رابطة الأدباء الكويتيين بزيارة، وأيضاً أخذنا الحديث في شتى الاتجاهات، ومنها حكايا المهجّرين العرب، الذين شردتهم الحروب الأخيرة في بلدانهم، وأصبحوا في الشتات. كنت مسترسلاً بوصف أوضاعهم الإنسانية، وأن من بينهم أدباء ومبدعين لم تعد لديهم وسائل نشر، أو مؤسسات ثقافية تحتضن أعمالهم، كانت الأديبة منى الشافعي تصغي باهتمام شديد، وتسألني العديد من الأسئلة حولهم، ولم أكن أعرف أن حديثي هذا سيتوج من قبلها بإعلإن تقديم جائزة مالية تشجيعية لهم.      صدقوا هذه العبارة: «رهافة المبدعين.. والشرطة أيضاً».  

عدنان فرزات
القبس الجمعة 28 2017عدنان فرزات

0 Comments:

Post a Comment

<< Home