برنسيس إيكاروس

Wednesday, August 16, 2017

مبادرة منى الشافعي المميزة


مقالة الكاتبة أمل الرندي عن الجائزة
***
مبادرة منى الشافعي المميزة

***

|أمل الرندي* |
   يقول الكاتب الأميركي انطوني روينز: «التصميم هو دعوة للإرادة الإنسانية كي تستيقظ».
    هذا ما فعلته الكاتبة الأديبة الكويتية، الدكتورة منى الشافعي، عندما صممت أن تكون للشباب العرب المهجرين جوائز يعبّرون، من خلال اشتراكهم فيها، عن همومهم والمشكلات التي يواجهونها وهم مقهورون بعيداً عن أوطانهم.
    الحقيقة أن المبدعة الروائية منى الشافعي لم تفاجئني بإعلانها عن جائزتها، فأنا أعرفها إنسانة رائعة، تحمل من الأخلاق والكرم والمحبة ما يكفي لتعطي بلا حساب.
    وقد أعلنت الشافعي إطلاق جائزة للقصة القصيرة، باسمها، خاصة بالمهجّرين العرب الذين أبعدتهم الحروب عن بلدانهم، وحصرتها بالكتاب الشباب تحديدًا؛ هادفة إلى تحفيزهم على الإبداع في ظل الظروف التي يعيشونها خارج بلادهم.
    وما يطمئن إلى أن الجائزة وضعت في أيد أمينة، أنها أوكلت إدارتها العامة للمبدع الروائي السوري والصحافي المتميز عدنان فرزات، الذي يستطيع بالفعل.
من خلال علاقاته الواسعة بالوسط الثقافي العربي، وكفاءته العالية على مستوى التقييم الأدبي، أن يحشد أكبر عدد من المتبارين الشباب للاشتراك في هذه الجائزة المميزة.
    لا تكمن أهمية الجائزة بقيمتها المادية بقدر ما تشكل لفتة كريمة نحو قضية إنسانية واجتماعية، بعيداً عن أي موقف سياسي، وبقدر ما تشكل المبادرة الأولى من نوعها، في مجال الاهتمام بقضية حية، وبفئة تعيش ظروفاً حساسة، هي فئة الشباب العرب الذين يقفون في بلاد المهاجر بين خطر الضياع في متاهات مجتمعات غامضة بالنسبة إليهم وقد لا تناسبهم، من جهة، وإمكانية الحفاظ على الانتماء إلى وطن وأرض ومجتمع وتراث ولغة وقضية.
     وما تفعله الجائزة هذه من انتشال جيل بعواطفه ومشاعره من الانحراف عن خطى الوطن وبوصلته، وتحفيزه لإبراز مواهبه وتحقيق ذاته في ظل غياب الروابط المهمة التي تشده إلى وطنه.
    كذلك فإن الجوائز، كما هو معروف، حوافز تثري التجربة الإبداعية المتفتحة لدى الشباب، وتقويها، وتصوّب مسارها، وقد أثبت أسلوب الجوائز في بلادنا أنه بات يلفت اهتمام المبدعين، كباراً وشباباً، وبات يشكل مناسبة اهتمام وترقب، من قبل المتبارين والجمهور أيضاً.
   وواضح أن عدد المشاركين في الجوائز العربية يزداد عاماً بعد عام. لذلك لا بد لهذه الجائزة المهمة والمبتكرة، من أن تستقطب اهتمام الشباب، ومن أن تكون مجالاً لاستبيان آراء الشباب العرب المهجرين، ومعرفة مواقفهم حيال الأوضاع التي يعيشونها.
    كما من شأنها أن تضيء حقيقة تعامل العالم معهم، فتبيّض سجل المجتمع الذي يحتضنهم، أو يفتضحون من يسيء لهمً، فحساب البيدر يكشف طبيعة الحقل الذي يعيش فيه الشاب المبدع والموهوب، القادر على التعبير عن نفسه بحرية وجرأة.
    ربما لا تبرز أهمية جائزة منى الشافعي إلا بعد حصاد موسمها الأول الذي يتم الإعلان عنه، وعن الأسماء الثلاثة الفائزة فيه، في الأول من شهر يناير المقبل.
   وأنا بدوري، أضم صوتي إلى صوتيّ المبدعين منى الشافعي وعدنان فرزات، وأدعو معهم إلى أوسع مشاركة في هذه الجائزة، فالدعوة لا يجوز أن تكون مقتصرة عليهما إنما هي واجب كل من يشعر مع المهجرين العرب، ومع أوضاعهم الأليمة، ومن يعتبر أن جيل الشباب هو مستقبل الأوطان.
علماً بأن القصة القصيرة من شأنها أن تجمع بين أمرين: الإبداع الفني الذي يؤشر إلى مستقبل كاتب، والمضمون الواضح الذي يحمل وجهة نظره.
أهمية كتابة الشباب المهجرين تكمن أيضاً في أنها تحمل مزيجاً مما يحمله الشباب من أوطانهم وتربيتهم وتراثهم ولغتهم من جهة، وما تأثروا به في بلاد المهاجر من جهة أخرى، خصوصاً إذا كانت مختلفة كثيراً عن طبيعة أوطانهم. فالتمازج الحضاري ثراء.
    وقد عرّف الأميركي ريتشارد سليمباخ التفاعل بين الحضارات بأنّه «التفكير بطريقة غير محصورة في وطن الإنسان، والنظر إلى القضايا من مختلف الجوانب وذلك مع الحفاظ على الإحساس بالذات والهوية الثقافية للمرء ودون التخلّي عن الاقتناع بالأفكار الشخصية».
   إن مبادرة «الشافعي» تأتي كحبة لؤلؤ جميلة في عنقود المبادرات السابقة في الساحة الثقافية الكويتية، فمثقفو الكويت حرصوا على أن يغنوا العالم العربي بمبادرات ثقافية ثرية ومتعددة، كإطلاق جوائز على المستوى العربي بجهود فردية من المثقفين، لا سيما الجائزة التي أطلقتها الأديبة ليلى العثمان، وتلك التي أطلقها الأديب طالب الرفاعي وسواهما الكثير من المبادرات التي نفخر بها.
   وتبقى الكويت منبع أعمال الخير، وأرض المبادرات الثقافية والإنسانية.
* كاتبة كويتية
جريدة الراي 16 أغسطس 2017

0 Comments:

Post a Comment

<< Home