برنسيس إيكاروس

Saturday, November 03, 2018

النادي الرياضي الصحي

 
النادي الرياضي الصحي !
***
بعض المشاهدات والمواقف الإيجابية والسلبية، التي صادفتني في رحلتي الأخيرة إلى أميركا، التي دامت حوالي خمسة أشهر.
بما أنني جديدة على النادي الصحي، فقد أخبرتني صديقتي أن النادي يفتح من الساعة العاشرة صباحاً حتى الثامنة مساء، ودخول الأعضاء من الباب الأمامي في هذه الفترة، ولكن هناك الباب الخلفي للذين يفضّلون ساعات أخرى، ومن يرغب فسيزوده النادي بمفتاح خاص للدخول من الباب الخلفي في أي وقت يرغبه ليلاً أو نهاراً، وبما أنني أفضّل رياضتي في الصباح الباكر طلبت مفتاحاً خاصاً، وكنت في كل صباح أمارس رياضتي المفضّلة.
ذات صباح دخلت النادي مبكرة جداً، وإذا الباب الأمامي يفتح فجأة، بينما كنت أتمرن، وإذا برجل يبدو أنه سبعيني يدخل وبيده سلة المهملات، ويده الأخرى تحمل الفوط الصغيرة، التي تستخدم في تنظيف الأجهزة الرياضية المختلفة، وأخذ يوزعها قرب الأجهزة بنظام وترتيب.
وعندما أخبرت صديقتي بأن أحد العمّال دخل من الباب الأمامي في وقت مبكّر، وبالتالي لماذا لا يفتح الباب لجميع الأعضاء؟ ابتسمت لتقول: إنه ليس أحد العمّال هذا الرجل هو المالك، أي صاحب النادي، وهذا أحد أعماله اليومية!
في أحد الأيام احتجت بعض المعلومات من سكرتيرة النادي، فذهبت في الساعة الحادية عشرة صباحاً، فلم أجدها وانتظرت عشر دقائق، وكنت في عجلة من أمري، فخرجت على أن أعود في وقت لاحق. عدت في الثالثة عصراً، وحين أخبرتها بأنني لم أجدها في مكتبها في الصباح، أخبرتني بأنها في هذا الوقت كانت تنظّف الحمّامات ــ حمّامات النادي ــ واعتذرت لي بحرارة لأنها لم تكن في مكتبها في وقت حضوري الصباحي. قلت لها طبعاً لا داعي للاعتذار.. ولكنني نسيت أن أخبرها بأنني الى الآن لم أستوعب أنها كانت تنظّف الحمّامات!
في أحد الصباحات دخلت النادي الصحي مبكرة، وإذا صاحب/ مالك النادي متوسداً الأرض أمام أحد الأجهزة الضخمة المعقدة، وبيده أحد المفكّات، وحوله عدّة متناثرة من أدوات التصليح، وحين انتبه لوجودي، بادر بالتحية الصباحية وابتسامته تخفي تعبه، بعد ساعة جهد وتعب عاد الجهاز للعمل، ثم ذهب لأداء عمل آخر ينتظره.. يا جماعة إنه المالك!
النادي أبوابه مفتوحة للأعضاء 24 ساعة وطوال أيام الأسبوع، والعضو يستطيع أن يحضر الى النادي أكثر من مرة باليوم الواحد مقارنة بالنادي الذي أمارس رياضتي به في منطقتي «الجابرية»، الذي لا يسمح بدخول العضو إلا مرة واحدة في اليوم، أما السبب فغير مقنع كالعادة. كما أن اشتراكه أربعة أضعاف اشتراك هذا النادي.
ومن الأمور الجميلة أن العضو يشعر بأن النادي جزء من بيته، فيهتم بنظافته وسلامة أجهزته وأدواته. مع أن النادي مختلط، فإنك تشعر بالراحة والأمان، فهناك الزوج وزوجته، الأم وابنتها، الأسرة بكاملها، أما اللباس فهو لباس رياضي محتشم، والكل يبادر بالتحايا والاحترام، والابتسامة دوماً تزيّن الوجوه.
في النادي توجد غرفة خاصة للأطفال (عيال الأعضاء) مزودة بألعاب بسيطة خفيفة للهو، وتلفزيون يبث برامج ترفيهية تناسبهم، بينما الأم والأب يمارسان ألعابهما الرياضية بكل راحة واطمئنان على صغارهما.
النادي لا يحتوي على خزائن مقفلة للحاجات الشخصية للأعضاء، هناك رفوف مكشوفة تضع فيها أغراضك الشخصية (مفتاح السيارة، محفظة نقودك، شنطة يد نسائية وغيرها)، كلها في أمان، لأن النادي مزود بكاميرات في كل جهاته وزواياه. طبعاً لا أقول هنا إن كل الناس ملائكة، ولكن غير الملائكة لا يتجرؤون على عمل يخالف اللوائح والقوانين، لأنهم يخشون العقوبة، فالقوانين موجودة لتطبّق، وليس لتحتويها أدراج المسؤولين، وبالتالي كل الأعضاء يحترمون القوانين، وبالتالي يشعر الجميع بالأمن والأمان والاطمئنان على ماله ونفسه.
ما يميز النادي أنك لن تلتقي بأي عامل تنظيف، فالأعضاء يساعدون في تنظيف الأجهزة التي استخدموها، حتى تظل نظيفة للعضو الآخر، وهكذا روح التعاون موجودة.
كم نادياً صحياً في الديرة؟ ما أكثرها!.. ماذا لو استغنت هذه النوادي عن العمالة التي تزدحم بها، أو حتى حدّت منها، لساعدت الديرة في التخلص من كثرة العمالة الهامشية.
منى الشافعي
جريدة القبس 26 مارس 2018
 


0 Comments:

Post a Comment

<< Home