برنسيس إيكاروس

Saturday, November 03, 2018

الأم الشابّة.. الأميركية نموذجاً


الأم الشابّة.. الأميركية نموذجاً

     ينبغي أن تدرك كل أمّ أن تربية الأطفال مسؤولية كبيرة، مرهقة ومعقّدة، ولكنها لذيذة ورائعة في الوقت نفسه، وأن إحساس الطفل بالطمأنينة والأمان لا يتحقّق إلا في حضن الأم الحنون الدافئ، وأن الطفل يتعلم من أمه وسائلها في التعامل مع الأمور الحياتية اليومية، ويقلّد كل تصرّفاتها ويأخذ بعاداتها، لأنها أقرب الناس إليه، وبالتالي حين تترك الأم صغيرها تتلقّفه أو تتقاذفه أيادي المساعدات، والمربيات، فماذا تتوقّع هذه الأم لصغيرها من صفات وعادات وتصرّفات، وحتى اللهجة واللغة؟! بل ماذا سيتعلم من المساعدة، وماذا ستغرس فيه المربية من قيم ومفاهيم وغيرها من العادات؟! نتمنى أن تعي وتتنبه أولئك الأمهات الشابات إلى هذه الامور السلبية في تربية أطفالهن.
في أكثر من ولاية وأكثر من مدينة زرتها في أميركا، وفي أكثر من مكان عام وخاص، كان فضولي يتبع الأمهات الشّابات، ففي إحدى الأسواق شاهدت أمّاً تحمل طفلاً رضيعاً على صدرها، وتمسك طفلة صغيرة، وتجر عربة التسوق، والابتسامة تعلو وجهها. نبهني فضولي لعربة تسوق أخرى كبيرة جدّاً، قد امتلأت بمواد غذائية، ومستلزمات أخرى، وقد جلس بداخلها ثلاثة أطفال صغار بأعمار متقاربة، يلعبون ويضحكون، تشاركهم الأم هذا المرح، تابعتها نظراتي، حاسبت وخرجت بكل هذه المسؤوليات، والأجمل أنها لا تزال تتشارك المرح مع صغارها. كما رصد فضولي الكثير من هؤلاء الأمهات الملتزمات بتربية صغارهن، في المولات والمتنزهات وأماكن الترفيه للأطفال، وعلى أبواب المدارس، وفي بيوت الجيران والأصدقاء، وغيرها.
    في إحدى العيادات الكبيرة، أدهشتني سيدة ثلاثينية، تحتضن رضيعها، وتنتظر دورها للدخول على طبيب الأطفال، بينما كنت أنتظر دوري للدخول على طبيبتي، هذه السيدة الشابة اصطحبت معها عيالها الخمسة الآخرين – ما شاء الله – اختلست النظر أكثر للأطفال، نظافة، أدب، حيوية وصحة، والأم بين لحظة وأخرى كانت تنظر إلى صغارها وبريق من العواطف ينهمر من عينيها. بصراحة، أخجلتني أمومتها لا مربية ولا مساعدة معها! وحين خرجت مع صغارها، كنت أتحسّر على أمومتنا الهشّة التي تتنافس عليها المربيات والمساعدات. أما الطفولة الضائعة المحرومة من الحنان والاهتمام الأسري، فتصرخ «يمة ميري»، «يمة برسيلا»، «يمة آيرين»! بالمناسبة، لاحظت أن كثيراً من الأميركان يعشقون كثرة الابناء، لا سيما في المدن الصغيرة والريفية – الزراعية.
     مع الأسف، هناك من يقول ويجاهر بأن الأسرة الأجنبية أو الأميركية مفكّكة.. عيب هذا المنطق وهذه الافتراءات على الآخرين.. على الأقل موضة المساعدات والمربيات والشغالات والسّواق بعيدة عن ثقافتهم. أما الاهتمام بالطفولة، فهو من أولوياتهم، ونعتقد هذه إيجابية تُحسب لمصلحتهم.

منى الشافعي / جريدة القبس /9 سبتمبر 18 20

0 Comments:

Post a Comment

<< Home