برنسيس إيكاروس

Saturday, November 03, 2018

المنظومة الطبية العلاجية.. تجارة رابحة في أميركا!


المنظومة الطبية العلاجية.. تجارة رابحة في أميركا!
*****
    بعض المشاهدات والمواقف الإيجابية والسلبية، التي تصادفني يومياً في رحلتي إلى اميركا.
    أجور الأيدي العاملة الفنية/ الحرفية/ البسيطة الأميركية مرتفعة جداً، وتعد من أفضل المهن التي لا تتطلب مؤهلاً جامعياً.
     بالمناسبة، احتجت في بيتنا إلى تركيب خرطوم مياه/ هوز في غرفة الغسيل، لا يزيد طوله على متر واحد. طلبت فني الصحي، جاءني الدور بعد خمسة أيام لكثرة الطلب عليه. استغرق عمله أقل من ساعة زمن. قدّم الفاتورة مطبوعة ومختومة وموقعة. أدهشني المبلغ 178 دولاراً، لا غير. دفعت المبلغ مع الشكر، وداخلي يردد «حبيبتي ديرتي الكويت، كم أنت كريمة».
     الإيجابية التي أعجبتني في هذا الموقف، عندما دخل العامل الفني كان يصطحب معه ابنه، الذي لا يزيد عمره على الرابعة عشرة، وبدأ بمساعدة والده، وهو أيضاً طالب في المرحلة الثانوية. يبدو أن الأب يصر على أن يتعلم ابنه هذه المهنة.. ويا لها من مهنة! كم نحتاج في ديرتنا إلى أياد شبابية فنية من عيالنا تحترف هذه المهنة وغيرها من المهن الفنية. على الأقل، كي نحدّ من التهافت على الشهادات الجامعية والعليا المزورة!
     تعد مهنة الطبيب من أفضل المهن في العالم، كونها مهنة إنسانية. فالطبيب في أميركا يعيش بشكل جيد، لأنه يكسب الكثير من مهنته، كما هي العيادات الطبيّة، والمستشفيات، والمختبرات الطبيّة، وكل من يعمل في مجال الرعاية الصحيّة. ناهيك عن شركات التأمين الصحي، التي تطلب مبالغ باهظة من المؤمّن عليه سنوياً، وأمور التأمين في الشركات الكثيرة المنتشرة في أميركا معقدة جداً، وتختلف من حالة الى أخرى. وبالتالي هذه المنظومة الطبية/ العلاجية تعتبر تجارة رابحة. وللأمانة توفر عناية طبية جيدة ومتكاملة للمريض حين يحتاجها.
     لذا، نجد المواطن الأميركي، هاجسه الأكبر، ومن أهم أولوياته، توفير الرعاية الصحية الكاملة لأسرته. أما الهم الآخر الذي يحمله فوق كتفه، فهو تأمين مصاريف التعليم الجامعي لأبنائه في جامعات جيدة، معتمدة لضمان مستقبلهم. غير متناسين هنا أن الضرائب المتعددة التي يدفعها سنوياً تأكل ثلث دخله السنوي تقريباً. وبالتالي تجده يعمل الليل مع النهار، ويجدّ ويجتهد ويخلص في عمَلُه، حتى يكسب أَكْثَر ليوفر كل هذه المصاريف لأسرته، والجميل أن الفرص متاحة لكل من يبذل مجهوداً أكبر ويطوّر في عمله، حتى يحقق في النهاية هدفه وحلمه، وهذا ما جعله لا يهتم ولا يلتفت ولا يتحدث في الأمور السياسية العقيمة، ولا غيرها، وكأنه مغيّب عن العالم وما يدور حوله، فالسياسة للسياسيين، والاقتصاد للاقتصاديين، وهكذا، لأنها بعيدة عن اهتماماته اليومية.
سألت إحدى الصديقات: «لماذا لا تهتمون بالأمور السياسية، وتتناقشون، وتتحدثون عنها، فالكثير منها، يدور عندكم وحولكم؟»، ردّت وهي تبتسم: «السياسة عوار رأس، ومن سلبياتها أيضاً أنك تفقد معظم أصدقائك، والمقربين منك، لو تحدثت معهم بالسياسة». بصراحة أقنعتني، ليتنا بالديرة نعي هذه الجملة.
     فماذا نقول هنا، غير عمار يا ديرة الطيبين، يا كويت الخير والعز، يا ديرة الإنسانية.  
منى الشافعي / جريدة القبس  25 يوليو، 2018

0 Comments:

Post a Comment

<< Home