برنسيس إيكاروس

Saturday, November 03, 2018

هل يحدث هذا عندنا؟


      هل يحدث هذا عندنا؟! 
****
     بعض المشاهدات والمواقف الإيجابية والسلبية، التي تصادفني يومياً في رحلتي إلى أميركا.
    حركة المرور منظمة، الحوادث جدّاً قليلة لا تذكر، خاصة في المدن الصغيرة، يبدو أن الكل ملتزم بقوانين المرور ولوائحه، كما تلحظ الاحترام متبادلاً بين قائدي المركبات. والأهم الاحترام الكبير لحركة المشاة، خاصة في مواقف الاسواق والمولات، والجمعيات/ السوبر ماركت، ويزداد الاهتمام والاحترام لحركة باصات المدارس، التي تقل الطلبة في فترتي الصباح والمساء، لا يمكن لأي سائق أن يتجاوز باص المدرسة او يعرقل سيره. والجميع ملتزم، لا أقول إن كل الناس ملائكة، ولكن غير الملائكة منهم لا يتجرأون على أي عمل يخالف اللوائح والقوانين، لأنهم يخشون العقوبة، التي تفرض على الجميع من دون استثناء، لأن الواسطة وغيرها مرفوضة عندهم.
    المحال التجارية تتنافس بمساعدة العملاء، ففي كل يوم تجد مادة غذائية مخفّضة، أو جهازاً كهربائياً مخفّضاً، وهكذا حسب السلع المتوافرة في المحل، عدا عن أيام الخصومات والتنزيلات الدورية، ناهيك عن الكوبونات المتنوعة، التي تخفّض فاتورة العميل. والجميل أن البائع يدلك على طريقة حصولك على كوبون التخفيض، أو ينصحك أحياناً بأن تؤجل شراءك لتلك السلعة، لأن بعد يومين سيُخفّض سعرها الى النصف. أحد المحال يخفّض من قيمة فاتورتك ما يقارب من %40، إذا أثبتّ له من خلال موبايلك أنك زرت موقعه، وحصلت على هذا الخصم. في محال الخضروات، تجد المسؤول في مساء اليوم يجمع أغلب موجودات الخضروات من الثلاجات، ويستبدل الطازجة بها، وينبهك إلى أن تنتظر لحظات بسيطة لتحصل على خضروات طازجة.
     الأجمل أن جميع المحال التجارية تستطيع أن تستبدل البضاعة التي اشتريتها، إذا لم تعجبك، بغيرها أو تسترد سعرها باللحظة مع ابتسامة و«شكراً». وبعض المحال لا تطلب منك فاتورة شراء تلك السلعة، ولا حتى متى اشتريتها، بلحظة يتم كل شيء بسلاسة وسهولة، عبر جهاز الكمبيوتر الذكي، الذي خزّن تلك المعلومات تحت اسمك فقط.
     لا يوجد تخصص للموظف الاميركي، ففي السوبر ماركت، والمحال التجارية الضخمة والبسيطة، حين أدخلها وأشتري احتياجاتي، وأذهب كي أحاسب، مع حركة الدفع يقابلك المحاسب/ المُحاسبة بابتسامة مشرقة، ثم يسألك عن أحوالك، ويسألك هل وجدت كل ما تريده؟ ثم بعد أن تدفع يتمنى لك يوماً سعيداً، والجميل أنك حين تحضر في المرة المقبلة، تستغرب أن المحاسب يجمع عربات المشتريات من الخارج ويضعها في مكانها الصحيح لاستخدام الزبائن، وفي مرة أخرى تجد هذا الموظف نفسه يجر عربة أغذية ليرتبها على الرفوف، والأجمل حين تجد موظفة تعتلي السلم الطويل وتحمل المواد الثقيلة وتضعها في الرفوف العليا. وبعد أن تنتهي أنت من التسوق تدفع عربتك وتذهب لتحاسب على مشترياتك، تجد الموظفة نفسها هي المُحاسبة، ومع تعدد سبل الدفع من الكاش، إلى أنواع الكروت البنكية، ومع تعدد أنواع المواد الغذائية وغيرها، ومع وجود بعض الكوبونات من الزبائن للحصول على الخصم، تجد الموظفة ملمّة بكل هذه الأمور بإتقان، ونادراً ما تحدث أخطاء، مع أنها تعمل بكذا عمل في المحل وتتقنه.
     أغلبنا في الديرة نتخصص في أداء عمل واحد فقط، ونختار الوظيفة التي تناسبنا والتي تعجبنا، والسؤال: هل نؤديها بوجه مبتسم وبإتقان؟
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): «إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ».
منى الشافعي / جريدة القبس 14 يونيو، 2018


0 Comments:

Post a Comment

<< Home