برنسيس إيكاروس

Saturday, November 03, 2018

صديقتي الأميركية ودلة القهوة الكويتية

      صديقتي الأميركية ودلة القهوة الكويتية
****

    بعض المشاهدات والمواقف الإيجابية والسلبية التي تصادفني يومياً في أميركا. وأنا أتصفح الفيسبوك، خصوصاً حسابات الأصدقاء، فوجئت بصورة كبيرة واضحة جذابة تملأ الصفحة، لهديتي الصغيرة المتواضعة التي أهديتها كصوغة من الكويت إلى صديقتي الأميركية دورثي Dorothy، وقد كُتب تحتها «هدية حلوة من صديقتي الكويتية، شكراً لها لأنها تذكرتني».
    أتدرون ما الهدية؟! عبارة عن دلة قهوة كويتية صغيرة جداً، حجمها لا يزيد على البنصر، مزيّنة ببعض الأحجار الملونة، أما سعرها فبسيط جداً لا يذكر. بالنسبة لي رمز تراثي يمثّل الكويت، وهذا ما دفعني لأحكي لها عن قهوتنا العربية، والكويتية خصوصا، واعتزازنا بها، وكيفية تحضيرها، وكيف نقدمها للضيف، وكيف أن الشعراء والمطربين تغنوا بها، ومن أجمل الأغاني، أغنية سميرة توفيق «يلا تصبوا هالقهوة وزيدوها هيل.. واسقوها للنشامى ع ظهور الخيل».
    لقد أخجلني هذا الاحتفاء بهديتي البسيطة المتواضعة من صديقتي دورثي، فهل سألاقي مثل هذا الاحتفاء لو أهديت أحدهم في الديرة هدية (صوغة) بسيطة جداً كتلك؟! لا أعتقد، فغالبيتنا، وأنا منهم، نتطلع للهدايا أو الصوايغ بقيمتها المادية وليست المعنوية، يبدو أننا تربينا على ثقافة الصوغة (الهدية) الغالية الثمن، حتى أصبحت من عاداتنا المتجذرة في المجتمع، جيلاً بعد آخر. متناسين أن الصوغة لفتة حلوة وقيمة معنوية بما تحمل من معانٍ إنسانية رقيقة، بغض النظر عن قيمتها المادية، وثمنها المرتفع.
متى نتخلص من هذه الثقافة، ونكتفي بتقديم هدايا رمزية ذات قيمة معنوية للأهل والأصحاب والأحباب، وعلى بساطتها ينبغي أن تثير السعادة في النفوس، وتهز مشاعر الشكر والرضا والامتنان، وتخلق صورة جميلة تستقر في الذاكرة طويلاً؟!
لنبدأ بأنفسنا، لنعلّم عيالنا وأحفادنا على تقبّل التغيير، لنعلّمهم أن الحياة تحتاج دائماً التغيير والتبديل، وعلينا أن نتقبل ذلك، ليس فقط عن الصوايغ والهدايا، إنما هناك عناصر ومجالات كثيرة تحتاج منّا التأمل والتفكر، لتعديل مسارها، ودائماً هناك رؤى جديدة تقودنا للأحسن والأفضل. لنعي جيداً أن حياة اليوم قد تغيرت وتبدلت، وعلينا التأقلم والتعايش مع متغيراتها ورتمها السريع، بكل وضوح وشفافية.
منى الشافعي / جريدة القبس /21 يونيو، 2018   


0 Comments:

Post a Comment

<< Home