برنسيس إيكاروس

Saturday, August 13, 2022

دائماً هناك طريقة

           دائماً هناك طريقة                                              

*** 


   بينما كنت اتمشى في الحديقة ، اتفقد بعض النباتات والزهور ، شدني منظر هذا الغصن ( انظر الصورة) 

دنوت منه ،وبابتسامة رددت :" حديقتنا نورت بوجودك عزيزي ، أخبرني كيف استطعت أن تنفذ من هذا السور الألومنيوم ؟

 اهتز ليقول : الحاجة يا سيدتي ، تصارعت بكل قوتي ، حتى نفذت من هذا الثقب الصغير  ، مع أنني أصغر اخوتي الخمسة  .

سألته : شكلك ، كأنك اختلفت مع اخوتك /  الأغصان الخمسة ، فتركتهم وتركت أمك الشجرة ! 

أجاب بجرس حزين : هربت منهم ، من عراكهم وشجارهم ، هربت كي استنشق بعض الهواء النقي من حديقتكم الهادئة .لقد تلوث كل ما حولي ، من  صراخهم ، وتدني الفاظهم بعضهم لبعض .

قلت : ما هي حكايتك ، بالضبط أيها الغصن الصغير ؟! 

ردد بصوت دامع : كنا ستة أخوة ، متحابين ، متجانسين ، الكبير يعطف على الصغير ، والصغير يساعد الأكبر منه ، وهكذا عشنا منذ طفولتنا ، نحترم الكبير ونستشيره ، ونلهو مع الصغير ،  تضمنا أمنا الشجرة الحنونة الوارفة الغنية بثمارها ، حتى أصبحنا انموذجاً فريداً  يحتذى به ،  بين بقية الاشجار ، من جيران ، وعيال عم وخال ، وحتى البعيد كان يحسدنا على هذاالاستقرار العائلي  الجميل ، وتلك السعادة المرسومة على اخضرار أوراقنا . 

سألت : إذن ماذا حدث لعائلتكم السعيدة ؟!

أجاب بحسرة : يقولون الاشجار التي حولنا بلهجتنا ( قطّو علينا عزيزو )يقصدون (صابونه بعين ما صلت على النبي )!

قلت : فهمت .. تقصد ، أصابكم الحسد من عين حقودة .

تنهد ليقول : بالضبط ، بعدها بدأ إخوتي يتشاجرون مرة ، ويتعاركون مرات ، ويختلقون المشاكل بينهم من لا شيء ، صغيرهم وكبيرهم ! 

 سألت :وأنت ، ما دورك ؟! 

يجيب : كنت بينهم حمامة سلام  تطير من غصن إلى آخر ، أصالح هذا مع هذا ، وأهدئ من صياح الكبير ، وأطبطب على ظهر الأصغر ، كي أعيد لم الشمل من جديد ، نذرت نفسي لحل مشاكلهم ، وتفهم قضاياهم ، ومحاولة مقاربة الآراء على اختلافها . ولكنني يا سيدتي تعبت ، وازدادت الازمات تعقيداً ، وتكاثرت ، فتلوث الهواء والماء ، حولنا ، وها أنا وبعد محاولات أوجعتني ، وفقدت بعض أوراقي ، استطعت ان اصل سالماً الى حديقتكم !

سألت : وهل ستظل عندنا إلى الأبد عندنا ، أيها الغصن الصغير ؟! 

ردد : لا ابداً يا سيدتي ، اسمحيلي فقط أقضي كم يوم عندكم ، أملأ رئتيّ من هوائكم النظيف ، ثم أعود ، إنهم إخوتي ، عزوتي ، أسرتي يا سيدتي ، لن أتخلى عنهم أبداً ، حين أعود سأكرر محاولاتي ، كي أصلح بينهم ، أنا على يقين هذه المرة سأنجح ، كي نعود كما كنا الستة المتحابين السعداء ؛ دائماً هناك طريقة يا سيدتي !!

بابتسامة عريضة قلت : المكان مكانك ، والحديقة حديقتك ، ، خذ راحتك ، وحين تعود ، وتنجح في مهمتك ( الإنسانية ) وتعيد لم شمل أسرتك الجميلة ، وتجدون ( العزيزو ) وتتخلصو منه ، حين ترمونه بعمق البحر ، أخبرني حتى أزوركم وأتعرف على إخوتك الخمسة .

قال بفرح : شكراً لاستضافتك يا سيدتي ، دعواتك ، قولي يارب نجد ( العزيزو )

.أمريكا 

( منى الشافعي )

 

0 Comments:

Post a Comment

<< Home