دائماً هناك طريقة
دائماً هناك طريقة
***
بينما كنت اتمشى في الحديقة ، اتفقد بعض النباتات والزهور ، شدني منظر هذا الغصن ( انظر الصورة)
دنوت منه ،وبابتسامة رددت :" حديقتنا نورت بوجودك عزيزي ، أخبرني كيف استطعت أن تنفذ من هذا السور الألومنيوم ؟
اهتز ليقول : الحاجة يا سيدتي ، تصارعت بكل قوتي ، حتى نفذت من هذا الثقب الصغير ، مع أنني أصغر اخوتي الخمسة .
سألته : شكلك ، كأنك اختلفت مع اخوتك / الأغصان الخمسة ، فتركتهم وتركت أمك الشجرة !
أجاب بجرس حزين : هربت منهم ، من عراكهم وشجارهم ، هربت كي استنشق بعض الهواء النقي من حديقتكم الهادئة .لقد تلوث كل ما حولي ، من صراخهم ، وتدني الفاظهم بعضهم لبعض .
قلت : ما هي حكايتك ، بالضبط أيها الغصن الصغير ؟!
ردد بصوت دامع : كنا ستة أخوة ، متحابين ، متجانسين ، الكبير يعطف على الصغير ، والصغير يساعد الأكبر منه ، وهكذا عشنا منذ طفولتنا ، نحترم الكبير ونستشيره ، ونلهو مع الصغير ، تضمنا أمنا الشجرة الحنونة الوارفة الغنية بثمارها ، حتى أصبحنا انموذجاً فريداً يحتذى به ، بين بقية الاشجار ، من جيران ، وعيال عم وخال ، وحتى البعيد كان يحسدنا على هذاالاستقرار العائلي الجميل ، وتلك السعادة المرسومة على اخضرار أوراقنا .
سألت : إذن ماذا حدث لعائلتكم السعيدة ؟!
أجاب بحسرة : يقولون الاشجار التي حولنا بلهجتنا ( قطّو علينا عزيزو )يقصدون (صابونه بعين ما صلت على النبي )!
قلت : فهمت .. تقصد ، أصابكم الحسد من عين حقودة .
تنهد ليقول : بالضبط ، بعدها بدأ إخوتي يتشاجرون مرة ، ويتعاركون مرات ، ويختلقون المشاكل بينهم من لا شيء ، صغيرهم وكبيرهم !
سألت :وأنت ، ما دورك ؟!
يجيب : كنت بينهم حمامة سلام تطير من غصن إلى آخر ، أصالح هذا مع هذا ، وأهدئ من صياح الكبير ، وأطبطب على ظهر الأصغر ، كي أعيد لم الشمل من جديد ، نذرت نفسي لحل مشاكلهم ، وتفهم قضاياهم ، ومحاولة مقاربة الآراء على اختلافها . ولكنني يا سيدتي تعبت ، وازدادت الازمات تعقيداً ، وتكاثرت ، فتلوث الهواء والماء ، حولنا ، وها أنا وبعد محاولات أوجعتني ، وفقدت بعض أوراقي ، استطعت ان اصل سالماً الى حديقتكم !
سألت : وهل ستظل عندنا إلى الأبد عندنا ، أيها الغصن الصغير ؟!
ردد : لا ابداً يا سيدتي ، اسمحيلي فقط أقضي كم يوم عندكم ، أملأ رئتيّ من هوائكم النظيف ، ثم أعود ، إنهم إخوتي ، عزوتي ، أسرتي يا سيدتي ، لن أتخلى عنهم أبداً ، حين أعود سأكرر محاولاتي ، كي أصلح بينهم ، أنا على يقين هذه المرة سأنجح ، كي نعود كما كنا الستة المتحابين السعداء ؛ دائماً هناك طريقة يا سيدتي !!
بابتسامة عريضة قلت : المكان مكانك ، والحديقة حديقتك ، ، خذ راحتك ، وحين تعود ، وتنجح في مهمتك ( الإنسانية ) وتعيد لم شمل أسرتك الجميلة ، وتجدون ( العزيزو ) وتتخلصو منه ، حين ترمونه بعمق البحر ، أخبرني حتى أزوركم وأتعرف على إخوتك الخمسة .
قال بفرح : شكراً لاستضافتك يا سيدتي ، دعواتك ، قولي يارب نجد ( العزيزو )
.أمريكا
( منى الشافعي )
0 Comments:
Post a Comment
<< Home