الليل وحلم الطفولة
***
أتدري أيها الحلم المؤجل ..
لليل عندي نكهة خاصة وحضور بهي ، أقتات من عتمته ، وأختبىء بين تعاريج ظلماته ،
فأبوح له بأسرارنهاراتي ، وسحر مساءاتي ..
دائما يدعوني إلى حضنه الدافىء الحنون ، يسحبني بقوة من قلائد الشموع المرتاحة حولي
.. أسعى إليه بشغف و نزق ، تاركة خلفي شموعي
و فوانيسي ، و أنوار المكان ، لأستمتع بعتمته
السرمدية التي أعشقها .. أحتفي معه بالهدوء
و السكينة ، وذلك الصمت اللذيذ الذي يدغدغ مشاعري ، ويشعل براكين أحاسيسي .
يا له من ليل !! لا أدري كيف يجذبني
مأخوذة بروعته ، مدهوشة من سحره ، ليجبرني على عشقه الأزلي فأجلس مستمتعة بضيائه ،
متلفعة بعباءة الوحدة التي تؤنسني ؟ ومترقبة سماع صوتك الملائكي الآتي من البعيد البعيد ، ليخترق كل أجزائي .
***
الليل هو الصديق الحبيب الذي يدفعني بسحره الغريب إلى التحليق
بخيالاتي في سماوات ظلماته ، و دهاليز سكونه ، كي أندس في خفايا الأفكار وغرائب
الرؤى والأحلام ، و أتجول بين طيات الظلمات ، و مجريات الأحداث ، أبحث عن فكرة عجيبة
و أبجدية جديدة .. وفجأة و بغفلة مني ، تنحدردموعي بهدوء و خشوع ، ممتنة لذاك
الليل المضيء الذي أهداني حلما غريبا
عجيبا ، له طعم الجنة ومذاق الفراديس ، وحدثا لا مألوفا ، أزين به بياض أوراقي و
أنثر عبيره على صفحات دفاتري العتيقة ، و كراساتي الجديدة ، وجعلني أتجول في دروب الظلمة والعتمة ، أبحث عن شق صغير أتعثر بنتوءاته ، لأهرب منه إليك ، أيها الحلم المؤجل .
***
حتى دموع الليل .. لها عندي مذاق غير المذاق ، وطعم غير الطعم .. هو الليل الذي يساعدني بتشكيل إبداعي ، وترتيب أفكاري ، وتركيب كلماتي لتصبح على قياسك
أيها الحلم البعيد .. البعيد .
***
هكذا أدمنت الليل وهكذا أحبني ..
وحين يغازلني الصبح بلآلىء أنواره كعذول يتربص بالعشاق ، أشتاق إلى الليل وعتمته كاشتياق
من ضيع في الأحلام حبيبا ،أو في الأوهام صاحبا
و رفيقا.. لأن الصباح بضيائه و بهائه سيبعدني عنك أيها الحلم اللذيذ ، لا يعرف
الصبح كم أشتاق لليل و أستمتع بسواده ،
وكم أرغب بديموته التي تقربني منك ، و تدنيني
من جمر همساتك ، ولسع ضحكاتك .. ولكن أيها الحلم البعيد .. اللذيذ .. المؤجل ، هل
الأحلام تضحك كالبشر ، و تلسع كجمر النار ؟!!!!!!!
( الكاتبة منى الشافعي )
0 Comments:
Post a Comment
<< Home