برنسيس إيكاروس

Sunday, August 14, 2022

القاتل الخفي

القاتل الخفي !

***


     وصلني عبر وسائل التواصل الاجتماعي مقطع صوتي، دفعني للكتابة. وهذه مختصرات اقتطفتها مما ردده الصوت: «هناك قاتل خفي، حصد المئات، بل الألوف من البشر، دمّر دولاً، حطّم مواردها، شلّ اقتصادها، أعاقها علمياً، أعادها لحالة الصفر، القاتل يعيش بيننا. أصدمك أكثر، يمكن أن تكون أنت القاتل الخفي. تعتقد أنك بريء؟ فكّر، راجع قناعاتك، أفكارك، أعد حساباتك».
      ويكمل: «هذا القاتل النائم فيك، سيستيقظ في اللحظة التي تتخلى فيها عن قيمة التعايش. فتتحول إلى قاتل بسبب اشتعال نار الكراهية/ التصنيف/ الإقصاء. فتتوحش إذا فشلت في التعايش مع المختلفين عنك. والنتيجة حرب طاحنة، جنودها أنت وآلاف مثلك من أبناء الوطن الواحد. وبعد ذلك سنوات من النزاعات لا أحد ينتصر، غير الموت».
***
     نعم.. استفزني هذا الكلام الرائع، لأكتب عن التعايش السلمي والتسامح. مع أنني تطرقت لهذا المفهوم في أكثر من مقال، ولا يمنع هنا من التذكير حتى لا ننسى.
     فإذا نظرنا إلى ديننا الإسلامي السمح، فسنجده لا ينكر الأديان الأخرى، بل يشجّع التعايش معها بمحبة وأمن وأمان. أما التاريخ فيخبرنا أن الحضارة الإسلامية ذات ثقافة منفتحة على الحضارات الإنسانية الأخرى، غير متناسين أن جميع ثقافات العالم تنادي كالإسلام، بالمحبة والتسامح والإخاء، وعدم نبذ الآخر المختلف عنها، سواء بالعقيدة، أو اللون أو الشكل أو غيرها.
«يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير». (الحجرات: 13).
إذاً، من الظلم أن تتصارع الشعوب، وتتبارى في سفك دماء الناس الأبرياء، بسبب الاختلاف في المعتقدات. فما بالك بأبناء الوطن الواحد. والأنكى أصحاب الدين الواحد؟!
     إذا أدركنا أن الأصل في الحياة هو الاختلاف، وأن التعدد والتنوع، سواء في العقيدة أو الفكر أو القدرات أو الإمكانات، وحتى اللون والشكل، أمر طبيعي، ومن سنن الله تعالى الفطرية. وأن هناك ضرورات حياتية مشتركة تستدعي هذا الاختلاط، وذاك التنوع، وإذا عرفنا أن الاختلاف ظاهرة إنسانية عالمية، لذا ينبغي علينا التعايش معها وتقبّل وجودها.
     وهكذا، ينبغي علينا تقبّل الآخر كما هو، واحترام اختلافه، والرغبة في التسامح والتعاون معه، لمصلحة الوطن والانسانية.

منى الشافعي
m_alshafei@hotmail.com

2017القبس 27 مارس 

0 Comments:

Post a Comment

<< Home