.. أتدري أيها الحلم المؤجل
.. لليل عندي نكهة خاصة
وحضور بهي ، أقتات من عتمته ، وأختبىء بين تعاريج ظلماته ، فأبوح له بأسرارنهاراتي
، وسحر مساءاتي .. دائما يدعوني إلى حضنه الدافىء الحنون ، يسحبني بقوة من قلائد
الشموع المرتاحة حولي .. أسعى إليه بشغف و نزق ، تاركة خلفي شموعي و فوانيسي ، و أنوار
المكان ، لأستمتع بعتمته السرمدية التي أعشقها .. أحتفي معه بالهدوء و السكينة ،
وذلك الصمت اللذيذ الذي يدغدغ مشاعري ، ويشعل براكين أحاسيسي .
يا له من ليل ..
..لا أدري كيف يجذبني مأخوذة
بروعته ، مدهوشة من سحره ، ليجبرني على عشقه الأزلي فأجلس مستمتعة بعتمته، متلفعة
بعباءة الوحدة التي تؤنسني ؟ ومترقبة سماع صوتك الملائكي الآتي من البعيد البعيد ،
ليخترق كل أجزائي .
الليل هو الصديق الحبيب ..
الذي يدفعني بسحره الغريب إلى
التحليق بخيالاتي في سماوات ظلماته ، و دهاليز سكونه ، كي أندس في خفايا الأفكار
وغرائب الرؤى والأحلام ، و أتجول بين طيات الظلمات ، و مجريات الأحداث ، أبحث عن
فكرة عجيبة و أبجدية جديدة .. وفجأة و بغفلة مني ، تنحدردموعي بهدوء و خشوع ،
ممتنة لذاك الليل الصديق الوفي ، الذي أهداني حلما غريبا عجيبا ، له طعم الجنة
ومذاق الفراديس ، وحدثاً لا مألوفاً ، أزين به بياض أوراقي و أنثر عبيره على صفحات
دفاتري العتيقة ، و كراساتي الجديدة ، وجعلني أتجول في دروب الظلمة والعتمة ، أبحث
عن شق صغيرأتعثر بنتوءاته ، لأهرب منه إليك ، أيها الحلم المؤجل .
حتى دموع الليل ..
.. لها عندي مذاق غير المذاق
، وطعم غير الطعم .. هو الليل الذي يساعدني بتشكيل إبداعي ، وترتيب أفكاري ،
وتركيب كلماتي لتصبح على قياسك أيها الحلم البعيد .. البعيد .
هكذا أدمنت الليل وهكذا أحبني ..
.. وحين يغازلني الصبح بلآلىء
أنواره كعذول يتربص بالعشاق ، أشتاق إلى الليل وعتمته كاشتياق من ضيع في الأحلام
حبيبا ،أو في الأوهام صاحبا ورفيقا.. لأن الصباح بضيائه و بهائه سيبعدني عنك أيها
الحلم اللذيذ ، لا يعرف الصبح كم أشتاق الى الليل ، وأستمتع بسواده ، وكم أرغب
بديموته التي تقربني منك ، و تدنيني من جمرهمساتك ، ولسع ضحكاتك .. ولكن أيها
الحلم البعيد .. اللذيذ .. المؤجل ، هل الأحلام تضحك كالبشر، و تلسع كجمر النار ؟!!
( منى الشافعي )
0 Comments:
Post a Comment
<< Home