برنسيس إيكاروس

Thursday, April 03, 2025

 مقتطفات من طفولتي للطفولة بريق جذاب ( 1)

*****************************

أمام باب المخبز !

*********

كتبت منى الشافعي 

**********

      تأتيني رائحة الخبز الخمير  - خبز التنور الدّبل - المزين بحبات السمسم ، بعد أن يعدالخباز للخمسة يناولني أقراص الخبز الساخنة ،  أتحرك عائدة إلى البيت الذي لا يبعد حتى عشر خطوات عن المخبز . أرفع الأقراص بيديّ الصغيرتين ، المطبقتين بقوة على حافة الأقراص ، أقربها من أنفي ، أتلذذ بشم رائحتها الطيبة ، التي تنفذ إلى معدتي قبل أنفاسي. يا لها من رائحة تستعبدني ، لأبدأ بالتهام الفقاعات المحمشة ،  التي تعلو وجه القرص الأول - هذا ما سمحت به المسافة - والتي دائماً تغريني فأقضمها بأسناني بقوة ، وأتلذذ بأكلها وكأنني ألتهم صحناً من الآيس كريم  - البرّد - في وقتنا الحاضر .

       ها هي والدتي تنتظرني أمام باب البيت كالعادة ،  تراقب حركاتي ، تتناول الخبز من يديَّ الصغيرتين ،  وقبلة الشكر تسبقها إلى خدي ،  تبحث عن القرص الذي نتفت كل فقاعاته اللذيذة ، ثم حشرته بذكاء طفولي بين إخوته الأربعة ، حتى لا أحد يكتشف فعلتي وبالتالي يعاقبني . ولكن أمي تجد ذلك القرص المندس بين أقرانه ، تلتقطه بخفة، وقبل أن يدخلني الخوف وترتجف أوصالي ، تفاجئني ابتسامتها الحانية ، ثم ضحكتها العالية ، التي تريحني وتخفف توتري . تتركني وتذهب إلى المطبخ ،  أتنفس الصعداء ، فقد نجوت هذه المرة .

      يا لتلك الذكريات الملتهبة بالحنين ، الموسومة بالشوق ، المغلفة باللهفة ، المزدانة بالحب والألفة ، المتدثرة بكل أنواع البساطة والعفوية ، والشفافية وفطرة الماضي . 

لنوجه اليوم هذا السؤال إلى أبنائنا  وأحفادنا – نحن أطفال الخمسينات والستينات -

( هل لطفولتهم نفس هذا الوهج الوضاء ، وذاك البريق الأخاذ ، وتلك الجاذبية القوية ،  التي تشكل ملامح طفولتنا ؟)

0 Comments:

Post a Comment

<< Home