برنسيس إيكاروس

Thursday, April 03, 2025

 مقتطفات من طفولتي،للطفولة بريق جذاب (4)

****************************

والدي الحنون !

********

كتبت منى الشافعي 

*********

        والدي الحنون – يرحمه الله –تسترجعه ذاكرة الطفولة وهو جالس في تلك اللحظة وبين يديه أحد كتبه الأدبية التي لا تفارقه أبداً فقد كان شغوفاً بقراءة الشعر والأدب ، والروايات خاصة سلسلة الروايات القديمة التاريخية ، وألف ليلة وليلة ،  وغيرها من الكتب التراثية العربية ، وسلسلة أرسين لوبين التي قرأتها معه بشغففي عمر مبكر . 

ها أنا .. أتذكره جيداً جالساً على كرسي من الخشب يزين ظهره - الكرسي-  مربعات متداخلة من خشب البامبو الرقيق ، وقد تآكلت وتقطعت بعض تشكيلاتها المتشابكة لتصبح بلا شكل محدد، أما قوائمه –الكرسي- فيزين إحداها شرخ طويل ، لف حوله خيط سميك بعناية وقوة.

الحمدلله أن والدي لم يكن يعاني من السمنة وإلاَّ ! 

أما الوالدة فلم تتشجع يوماً ، لتجلس على هذا الكرسي خوفاً من ؟

***

أما تلك الطفلة المدللة - آنا-  

       فقد كنت ألهو مع دميتي ، المصنوعة من القماش المحشو بالقطن ، وقد ارتدت فستاناً جميلاً حاكته أمي من بقايا الأقمشة ، تزينه بعض الإكسسوارات البراقة – الترتر- المتوفرة آنذاك .

ض كنا نسمي هذا النوع من الدمى "الكردية".

أقول كنت ألهو بشغف مع دميتي الجميلة ، والقناعة تغلف داخلي ، والفرحة تسكنني والمتعة تملأ روحي الصغيرة ، ذلك عندما كانت الحياة بهذه البساطة وتلك العفوية المحببة والشفافية الرائعة. فكانت قبلة أبي الحنون على خدي ، وعناق أمي المحموم ، في تلك اللحظة البلورية الصافية العذبة ، ودخول أخوَايْ الصغيران فجأة ! من باب البيت ، بصراخهما المعتاد ، وضجيج ألعابهما ، وصوت الباب المزعج ، وهو يُصفق من يد أحدهما بقوة طفولته. تلك اللحظة المتداخلة بالحب والحنان ، والفرح والصخب والضجيج ، واللعب والجد ، كانت عندي قمة السعادة ، التي نتطلع إليها نحن أطفال ذلك الماضي البسيط. يا لها من متعة نشتاقها ونَحِنُّ إلى تفاصيلها وشفافيتها ، دمية .. قبلة .. عناق .. قطة .. بساط أحمر ..كرسي تزينه الضمادات .. وصراخ الصغار وصخبهم ..

      إذن، ليست المسألة لحظتها ما نملك ، ولكن كيف وكم نستمتع بما نملك ، حتى وإن كان أقل القليل . هذا الذي يخلق القناعة لتظللنا السعادة بأوسع أفيائها .


0 Comments:

Post a Comment

<< Home