مقتطفات من طفولتي،للطفولة بريق جذاب (4)
****************************
والدي الحنون !
********
كتبت منى الشافعي
*********
والدي الحنون – يرحمه الله –تسترجعه ذاكرة الطفولة وهو جالس في تلك اللحظة وبين يديه أحد كتبه الأدبية التي لا تفارقه أبداً فقد كان شغوفاً بقراءة الشعر والأدب ، والروايات خاصة سلسلة الروايات القديمة التاريخية ، وألف ليلة وليلة ، وغيرها من الكتب التراثية العربية ، وسلسلة أرسين لوبين التي قرأتها معه بشغففي عمر مبكر .
ها أنا .. أتذكره جيداً جالساً على كرسي من الخشب يزين ظهره - الكرسي- مربعات متداخلة من خشب البامبو الرقيق ، وقد تآكلت وتقطعت بعض تشكيلاتها المتشابكة لتصبح بلا شكل محدد، أما قوائمه –الكرسي- فيزين إحداها شرخ طويل ، لف حوله خيط سميك بعناية وقوة.
الحمدلله أن والدي لم يكن يعاني من السمنة وإلاَّ !
أما الوالدة فلم تتشجع يوماً ، لتجلس على هذا الكرسي خوفاً من ؟
***
أما تلك الطفلة المدللة - آنا-
فقد كنت ألهو مع دميتي ، المصنوعة من القماش المحشو بالقطن ، وقد ارتدت فستاناً جميلاً حاكته أمي من بقايا الأقمشة ، تزينه بعض الإكسسوارات البراقة – الترتر- المتوفرة آنذاك .
ض كنا نسمي هذا النوع من الدمى "الكردية".
أقول كنت ألهو بشغف مع دميتي الجميلة ، والقناعة تغلف داخلي ، والفرحة تسكنني والمتعة تملأ روحي الصغيرة ، ذلك عندما كانت الحياة بهذه البساطة وتلك العفوية المحببة والشفافية الرائعة. فكانت قبلة أبي الحنون على خدي ، وعناق أمي المحموم ، في تلك اللحظة البلورية الصافية العذبة ، ودخول أخوَايْ الصغيران فجأة ! من باب البيت ، بصراخهما المعتاد ، وضجيج ألعابهما ، وصوت الباب المزعج ، وهو يُصفق من يد أحدهما بقوة طفولته. تلك اللحظة المتداخلة بالحب والحنان ، والفرح والصخب والضجيج ، واللعب والجد ، كانت عندي قمة السعادة ، التي نتطلع إليها نحن أطفال ذلك الماضي البسيط. يا لها من متعة نشتاقها ونَحِنُّ إلى تفاصيلها وشفافيتها ، دمية .. قبلة .. عناق .. قطة .. بساط أحمر ..كرسي تزينه الضمادات .. وصراخ الصغار وصخبهم ..
إذن، ليست المسألة لحظتها ما نملك ، ولكن كيف وكم نستمتع بما نملك ، حتى وإن كان أقل القليل . هذا الذي يخلق القناعة لتظللنا السعادة بأوسع أفيائها .
0 Comments:
Post a Comment
<< Home