برنسيس إيكاروس

Friday, April 11, 2025


أنا وهو .. و " والعزيزو "!

  **************

كتبت منى الشافعي 

**********

       بينما كنت اتمشى في حديقة بيتنا في أمريكا ، اتفقد بعض النباتات والزهورالمرتاحة هنا وهناك ، شدني منظر هذا الغصن !

دنوت منه.. وبابتسامتي المعهودة رددت :

        - حديقتنا نورت بوجودك عزيزي ، أخبرني كيف استطعت أن تنفذ من هذا السورالألومنيوم الذي يفصل حديقتنا عن حديقتكم ؟

 اهتز ليخبرني : 

        - الحاجة يا سيدتي ، تصارعت بكل قوتي ، حتى نفذت من هذا الثقب الصغير، مع أنني صغير بالنسبة لإخوتي الخمسة .

سألته : 

         - شكلك ، كأنك اختلفت مع اخوتك / الأغصان الخمسة ، فتركتهم وتركت أمك الشجرة ! 

أجاب بجرس حزين : 

            - هربت منهم ، من عراكهم وشجارهم ، هربت كي استنشق بعض الهواء النقي من حديقتكم الهادئة .

لقد تلوث كل ما حولي ، من  صراخهم ، وعراكهم ، وبدأ الكره والحقد يدنو من بعضهم لبعض .

قلت : 

         - ما هي حكايتك ، بالضبط أيها الغصن الصغير ؟

ردّد بصوت دامع : 

        - كنا ستة أخوة ، متحابين ، متجانسين ، الكبير يعطف على الصغير، والصغير يساعد الأكبر منه ، وهكذا عشنا منذ طفولتنا ، نحترم الكبير ونستشيره ، ونلهو مع الصغير، تضمنا أمنا الشجرة الحنونة الوارفة الغنية بثمارها ، حتى أصبحنا انموذجاً فريداً يحتذى به بين بقية الأشجار من جيران ، وعيال عم وخال ، وحتى البعيد كان يحسدنا على هذا الاستقرار العائلي الجميل ، وتلك السعادة المرسومة على اخضرار أوراقنا . 

قلت بنبرة تعجب :

           - إذن .. ماذا حدث لعائلتكم السعيدة ؟

أجاب بحسرة : 

          - يقولون الأشجار التي حولنا بلهجتنا ( قطّوعلينا عزيزو ) يقصدون (صابونه بعين ما صلت على النبي ) .

أجبت  : 

            - فهمت .. تقصد ، أصابكم الحسد من عين حقودة .

تنهد ليقول : 

             - بالضبط ، بعدها بدأ إخوتي يتشاجرون مرة ، ويتعاركون مرات ، ويختلقون المشاكل بينهم من لا شيء ، صغيرهم وكبيرهم ! 

 سألت :

           - وأنت ، ما دورك ؟

يجيب بألم : 

               - كنت بينهم حمامة سلام ، تطير من غصن إلى آخر ، أصالح هذا مع هذا ، وأهدئ من صياح الكبير، وأطبطب على ظهر الأصغر، كي أعيد لم الشمل من جديد ، نذرت نفسي لحل مشاكلهم ، وتفهم قضاياهم ، ومحاولة مقاربة الآراء على اختلافها . 

لكنني يا سيدتي تعبت ، وازدادت الأزمات تعقيداً وتكاثرت ، فتلوث الهواء والماء حولنا ، وها أنا وبعد محاولات أوجعتني ، وفقدت بعض أوراقي الخضراء ، كما تيبّس بعضها ، استطعت أن أصل اليوم ، سالماً إلى حديقتكم .

طرحت سؤالي : 

              - وهل ستظل عندنا إلى الأبد ، أيها الغصن الصغير ؟

ردد بثقة : 

             - لا ابداً يا سيدتي ، اسمحيلي فقط أقضي كم يوم عندكم ، أملأ رئتيّ من هوائكم النظيف ثم أعود ، إنهم إخوتي ، عزوتي ، أسرتي يا سيدتي ، لن أتخلى عنهم أبداً ، حين أعود سأكرر محاولاتي ، كي أصلح بينهم ، أنا على يقين هذه المرة سأنجح ، كي نعود كما كنا الستة المتحابين السعداء ، دائماً هناك طريقة يا سيدتي .

بابتسامة عريضة قلت : 

                 المكان مكانك ، والحديقة حديقتك ، خذ راحتك ، وحين تعود وتنجح في مهمتك الإنسانية وتعيد لم شمل أسرتك الجميلة ، وتجدون ( العزيزو ) وتتخلصون منه ، حين ترمونه بعمق البحر ، أخبرني حتى أزوركم وأتعرف على إخوتك الخمسة .

قال بفرح : 

               - شكراً لاستضافتك يا سيدتي ، دعواتك ، قولي يارب نجد ( العزيزو )!

0 Comments:

Post a Comment

<< Home