نكهات الزمن الكاملة !
**************
كتبت منى الشافعي
***********
في العشرينات من عمري .. يسألني بهدود وثقة: «سنسافر غداً مساءً.. عندك مانع؟».. أبتهج .. أرقص فرحاً أردد: «طبعاً لا.. ليس لديَّ أي مانع.. سأقوم حالاً وأرتب حقائب السفر».. بعد أقل من ساعتين تكون حقائب السفر جاهزة بكل الاحتياجات .. ألتفت إليه ، يعاجلني بقوله: «لو سمحت ، ضعيهم في حقيبة يدك ، فأنت أحرص مني على هذه الأمور» .. ابتسم ، وأمسك جوازات السفر والتذاكر من بين يديه وأضعها في حقيبة يدي الكبيرة.
في مساء الغد، نصعدإلى الطائرة.. وابتسامتي لا تفارقني ، كل شيء يسير ببساطة وسهولة!
****
في الثلاثينات من عمري المديد ، حين يخبرني أن السفر كالعادة غداً، أردد: «أتمنى أن تؤجله يومين فقط حتى يتسنى لي شراء بعض احتياجاتي الخاصة من لوازم الماكياج التي تعيد إلى بشرتي نضارة العشرين ، وتحميها من أشعة الشمس».
****
في الأربعينات ، قبل أن يفاجئني بتذاكر السفركعادته ، أنبهه : « لو سمحت أخبرني قبل السفر بأسبوع » طبعاً حتى أتمكن من شراء حذاء مريح يتحمل ثقل جسدي الممتلئ قليلاً ، عدا لوازم الماكياج التي تخفي التجاعيد الدقيقة التي باتت تزين تقاطيع وجهي ، ثم أستدرك لأضيف: «لا تنس الموبايل ، لأنني أحتاج إلى أن أكلم الأولاد يومياً!
****
في بداية الخمسينات.. يسألني : «هل جهزت كل ما تحتاجينه فالسفر بعد أسبوعين»؟ أتنهد، أتناول دفتري الصغير وأبدأ في القراءة «الاحتياجات ، حذاء رياضي للمشي ، كريمات ولوازم ماكياج خاصة – لإخفاء التجاعيد التي رسمت تعرجات ظاهرة على وجهي - ملابس مريحة ، للجسم الممتلئ ، أدوية الضغط» وضعت الدفتر جانباً أكملت : «وسأذهب إلى الصالون لصبغ شعري الذي غزاه الشيب من كل جانب ، أتمنى ألا تنسى الموبايل والشاحن وأدويتك الخاصة»!
****
على أبواب الستينات ، حين يأتي بتذاكر السفر، وحين أنتبه إلى تاريخ السفر، أشهق : «يا إلهي السفر الشهر القادم؟! أتمنى أن يسعفني الوقت لتحضير الاحتياجات» وفي عجالة أمسك بدفتري الصغير وأقرأ موال السفر «حذاء طبي للمشي، مشد صحي للظهر، ضبابة للركبة ، ملابس فضفاضة - لإخفاء عيوب الجسم ، الذي بات يئن من كيلوات الشحم واللحم الزائدة - أدوية الضغط والسكر والكوليسترول والمعدة وآلام المفاصل ، كريمات كولاجين وبوتكس- لإخفاء اخاديد التجاعيد- ثم أتذكر فأسأله: «اهم شيء لا تنس كرت الضمان / التأمين الصحي، لانه ضروري جداً، والآيفون والشاحن ، والآيباد ، واللاب توب ، لانني احتاج ان اكلم احفادي ، وابعثلهم صور الرحلة اول بأول يومياً ، اما انت فلا تنس ادويتك واحتياجاتك الخاصة الاخرى.!
****
يا إلهي، ماذا سأفعل في سن السبعينات ، الثمانينات والتسعينات من عمري المديد ؟!
ونحن - ككويتيين- السفر عندنا من ضروريات الحياة ، وأحد الثوابت المرتبطة بثقافتنا العامة ؟!
0 Comments:
Post a Comment
<< Home