برنسيس إيكاروس

Wednesday, April 02, 2025

 لحظات لها قيمتها !

 اللحظة الرابعة

 كتبت منى الشافعي

 ***********                                     

      من أجمل وأحب اللحظات عليّ ، حين أمر صدفة بين أزقة ودروب عتيقة لمدينتي / الديرة القديمة - مع الأسف مدينتي / ديرتي العتيقة لم يبقَ من ملامحها الجميلة غير نتف متفرقة ، متباعدة هنا وهناك - فيا لتلك اللحظة الرائعة ، بلا شعور سأتذكر الأهل والأحباب ، الأصدقاء وكل الأصحاب ؟ سأشتم رائحة ملابسي الطفولية التي بللها المطر ، وزينتها بقع التراب ، وأنا ألعب "الخبصة والحيّلة " مع صاحباتي 

الصغار في باحة / براحة الفريج القريبة من بيتنا الصغير ؟ 

سأتذكر حنان الماما ، وخوفها عليّ وهي تؤنبني ، وتضربني برقة على كتفي - بصراحة أستاهل أكثر كنت شيطانة - ولسانها يردد " اسم الله عليك الرحمن الرحيم " ثم تقبلني قبل أن تنزل الدمعتان ، وتغير ملابسي المبللة ، المتسخة بأخرى نظيفة دافئة ، ثم تضمني إلى صدرها  الحنون ، تستنشق رائحة الصابون - صابون رگي - التي تفوح من شعري الطويل ، بعد أن غسلته وسرحتّه بمشط الخشب ؟ 

سأتذكر ليالي الشتاء الباردة ، ومنقل / دوة الفحم ، المتصدرة غرفة المعيشة ، وعليها قالب الكيك " قرص اعقيلي " اللذيذ من صنع يد الماما الحبيبة ، وبقربه استقرت بخيلاء ، دلة الحليب التي تفوح منها رائحة الهيل والزعفران ؟

     منْ منّا ، لا تشده بقوة ، وكأنها عشب بحري ، تلك المباني العتيقة بأشكالها وأنواعها ، وبيوتها الطينية ذات الدلالة المعينة في النفوس العاشقة لكل عتيق ، وقديم ؟ 

وإلا لِمَ نظل نحًِنّ ونشتاق ، أبناء القرن العشرين ، إلى رائحة الماضي ؟

 ***

 إن هذه اللحظات البسيطة العابرة الرائعة ، التي تمر دائماً عليّ ، وغالباً ما تكون صدفة في حياتي اليومية ، لا تقيّم بمال ولا بجاه ، ولا تقدّر بثمن ولا غيرها ، لمن يحس بروعتها ، ويشعر بقيمتها ، ويتذكر دلالتها في تفسه .

هذه حكايتي مع لحظات عابرة في حياتي اليومية .


0 Comments:

Post a Comment

<< Home