الحياة جميلة بكل تفاصيلها!
*****************
كتبت منى الشافعي
************
في رحلتي الأخيرة إلى أميركا . وقبل العودة بيومين ، ذهبت إلى سوق الأحد ، الذي امتلأ بالأكشاك والعربات التي تقدم الجميل والجذاب ، من المشغولات والأعمال اليدوية المتنوعة.
وبما أنني من عشاق الأعمال الخشبية ، فقد جذبتني الأعمال المعروضة بأناقة في أحد الأكشاك المتميزة بصناعة الخشب . اشتريت أكثر من قطعة أعجبتني ، من بينها ذلك الصندوق الخشبي الصغير الذي لا أدري كيف تعلّقت به وبهرني جماله ؟ولكن البائعة أخبرتني أن هذا الصندوق يراد له تعديل بسيط ، وأنها ستهتم بأن تنجزه مساء الغد ، على أن أدفع ثمنه عند التسلم.
شكرتها ، وأخذت بقية مشترياتي الأخرى وذهبت ، وخاطري لم يتوقف عن التفكير في الصندوق الصغير الذي سحرني جماله.
* * *
جاء الغد ، أطلّ مساؤه البلوري الجميل ، وذهبت ملهوفة لتسلم صندوقي المدلّل ، حين صافحني وجه المدام / البائعة أدركت أن هناك ما سيكدرني ويطفئ لهفتي ، وهذا ما حصل ، أخبرتني أن ظروف عملها وضيق الوقت لم يسمحا لها بتعديل/ تصليح الصندوق الصغير ، الساحر الذي تعلقت به .
* * *
وقبل أن أرسم على وجهي ابتسامة مصطنعة ، وأشكرها وأمضي مع خيبتي ، فاجأتني وهي تمد إليّ علبة صغيرة ، مغلّفة بورق هدايا مزخرف ، تلتمع ألوانه الزاهية مع مغيب أشعة ذلك النهار . رددت بابتسامة خجلى:
- هذه هدية اعتذار بسيطة ، وكلي أسف لأنني لم أستطع أن أحقق طلبك ، وأنهي تصليح الصندوق الصغير الذي جذبك وشدَّ إعجابك ، أتمنى أن تعجبك هذه القطعة .
انزرعت ابتسامة دهشة / فرحة على تقاطيع وجهي ، وأنا أفتح العلبة ، تذكرت أن الجمال زينة الحياة ، فبمجرد أن يلمح الإنسان الجمال في شيء ما ، ينبثق نور غريب من داخله يغطي المكان ، لأن الجمال بهجة للنفوس وراحة للعيون ، ومتعة مميزة ، والإحساس به أكثر من متعة .
هذا ما شعرت به وتذوقته ، حين صافحتني هذه الهدية الجميلة ، التي هي عبارة عن وعاء خشبي يحمل تشكيلات وتعرجات الشجرة التي صنع من جذعها . وهكذا أنستني هذه الهدية عشقي لذلك الصندوق الصغير.
فالجمال لو تأملناه وفكرنا به ، لوجدناه يستريح في كل شيء من حولنا ، في الطبيعة ، الإنسان ، الحيوان ، وحتى الجماد.
فالحياة جميلة بكل تفاصيلها ، ودائما هناك مسحة جمال في كل شيء !
0 Comments:
Post a Comment
<< Home