حكايتي مع " اللا صديقي " الانترنت !
***********************
كتبت منى الشافعي
***********
منذ فترة مررت بتجربة جميلة بقدر ما أزعجتني، أعجبتني، أحببت أن أشارككم بها.. فجأة! انقطعت خدمة الانترنت عن صالة مكتبتي التي أجلس فيها أغلب أوقاتي للكتابة والقراءة والرسم، واستمر الانقطاع من عصر ذلك اليوم، وحتى عصر اليوم التالي، لأسباب أجهلها، وتعرفها الشركة المسؤولة عن خدمة الانترنت، ودائما ما يقال لنا أن الخلل/ الانقطاع عالمي. وأحياناً يقال لنا وجيراننا الملاصقين لبيتنا ، ان بيوتكم تقع على زاوية الشارع ، وأن جدران / حوائط بيوتكم مرتفعة وسميكة ، بالتالي تصد عنكم ذبذبات الانترنت .
مع أنه عذراً غير مقبول يا شركاتنا المتطورات ، حسب ثقافتي " الانترنتية غير البسيطة ".
خلال هذا الوقت الطويل، تجمّدت الحياة في أوصال «اللاب توب»، «الآيفون»، «الآيباد»، "التلفزيون" والأهم حتى الهاتف النقال توقفت رناته لأن الإشارة اختفت أيضا، لماذا؟ لا أدري، مع أن لا علاقة بين الاثنين. يبدو أن هذه الأمور مقدر لها أن تأتي مجتمعة، إما لراحتي وإما لإزعاجي.وهكذا حلّ السكون/ الهدوء في المكان/ صالة مكتبتي !
لن أخفي عليكم، ففي أولى لحظات الانقطاع، شعرت بارتباك وانزعجت، فقد توقفت كل أعمالي، كنت سأبعث إيميل بمقالتي الجديدة إلى جريدة القبس، وكنت سأنشر بعض الصور المهمة في الفيسبوك، وكنت سأرد على الواتس آب المهم الذي وصلني من صديقتي العزيزة أم فهد ، وهي خارج الديرة، وكنت سأكتب همسة خفيفة، بسيطة في تويتر كعادتي، وكنت سأرد على لايكات الأصدقاء في الانستغرام التي تكومت في صفحتي وخاصة حفيدّيْ فيصل ويوسف اللذيّن يدرسان في سان دييغو / كاليفورنيا/ أميركا ، وكنت سأكمل طباعة القصة الجديدة الموسومة «.. إني أنطفئ » التي بدأت بكتابتها في الصباح ، وكنت سأكمل رسم اللوحة الجديدة ، وو و…، واتضح لي أن كل هذه الأمور الشخصية مهمة.
إذاً لماذا اجتمعت كل «المهمات» في هذا الوقت الحرج .. لا أدري ؟!
وقبل أن أتضايق أكثر ويزداد انزعاجي، تذكرت أيامنا قبل وجود التكنولوجيا الحديثة ، المتسارعة وأجهزتها المتطورة والذكية، التي أرهقتنا، وغيّرت اسلوب حياتنا، كيف كنا نعيش من دونها، وكيف كنا ننجز أعمالنا وأشغالنا ، من غير وجودها، والأهم كيف كنا نقضي أوقات فراغنا، ألم تكن هناك أمور أخرى تجذبنا وتسعدنا ؟
وبالتالي تماسكت ، وزرعت على وجهي ابتسامتي المعهودة، وتناولت أحد الكتب الذي كان مرتاحاً قربي ينتظر أن أتصفحه ، بعد أن جذبتني هذه العبارة على غلافه «تمنحك الحياة ألف فرصة.. وما عليك سوى اغتنام واحدة»، وعنوانه شدني أكثر «تحت شمس توسكانا» للروائية فرانسيس مايز، فاغتنمت هذه الفرصة وأخذت أقرأ وأنا مستمتعة بهذا الهدوء الجميل، فأحسست براحة نفسية، ونسيت كل «المهمات».
ولقد أسعدتني القراءة كثيرا، في ذلك الوقت المسروق من التكنولوجيا وأجهزتها.
وفي عصر اليوم التالي، فجأة! رن النقال، واختلطت رنات باقي أجهزة التكنولوجيا المحيطة بي، كي تجبرني على العودة إلى الروتين اليومي، فكان جهدي مضاعفاً حتى أنهي «مهمات» الأمس و«مهمات» اليوم، وما أفرحني أكثر، أنني أنهيت قراءة تلك الرواية، واستمتعت بجمالها، فشكراً لهذا العطل/ الخلل التكنولوجي ، المقصود .
والحلو أني أنهيت كتابة هذه الحكاية الجديدة ، مع الغالي" اللاصديق " الانترنت !
0 Comments:
Post a Comment
<< Home