..
رائحة المدن العتيقة !!
كتبت منى الشافعي ) (
***
صديقتي الأمريكية وهي تتصفح ألبوم صوري الحديثة ، تطرح
سؤالها الذي أثار في داخلي شجوناً وأسئلة متراكمة ، بلا جواب ، تقول :( مدينتكم
عصرية ، جميلة ، تشبه كل المدن الحديثة في العالم ، ناطحات سحاب نيويوركية - نسبة الى مدينة نيويورك - مولات حديثة ،
شوارع واسعة ، جسور متعانقة ، ولكن أين صورك في مدينتكم العتيقة ؟! ) .
بماذا أجيبها ؟! .. هل أخبرها بأن ديرتنا
الجميلة ، قد تعرضت إلى طوفان العمارة الأجنبية الحديثة ، خصوصاً العاصمة التي
سكنتها حركة تغريب منذ أكثر من ثلاثة عقود ، فقد غزتها المباني الشاهقة / ناطحات
السحاب الزجاجية التي تبدو في صوري ! حتى أصبحت بلا ملمح يميزها ، لأن مبانيها
العتيقة التي تربينا بين جدرانها الطينية البسيطة ، غابت أغلبيتها ، واندثرت
معالمها التراثية المميزة ، تحت معاول الهدم اللئيمة ، وهكذا اختفت مدينتنا
العتيقة ، وضاعت معها ذكريات طفولتنا ، وأحلام مراهقتنا ، وبقيت الحسرة .؟!
نعم .. كانت ديرتنا العتيقة ، تشبه كل المدن القديمة في
العالم ، لها حضور تاريخي ممتد يزيد على الثلاثة قرون ، يعانقها البحر ، ملتفاً
حول أكثر أجزائها ، بكل جمال وشموخ .
يبدو ، أننا نسينا ، أو تناسينا ، لا فرق ، أن الاحتفاظ بالمدن
العتيقة ، هو الذي يشكّل شخصية الأمة ، ويمنحها هويتها التي تميزها ، ويعترف
بوجودها التاريخي والحضاري ، أمام العالم .
كما نسينا أيضاً ، أن معالم ديرتنا العتيقة ، البسيطة التي كانت
تزين فرجانها وأحياءها القديمة ، في شرق وجبلة والمرقاب وحي الوسط ، من
الممكن أن تصبح استثماراً سياحياً ، كما في كل بلدان العالم التي نزورها ، ونحرص
دائماً أن نزور مدنها العتيقة ، التي تستقبل زائريها بإرث حضاري متنوع ، يظهر
تاريخها الممتد عبر العصور ، شامخة بوجودها ، معبأة بأسرار الماضي ، وسحره الذي
يجذب الزائرين للاكتشاف والتأمل والتخيل الجميل ، أكثر من انجذابه إلى الحداثة
المتشابهة ، التي أصبح ، يراها في كل مكان من هذا العالم المترامي الذي
أصبح قرية صغيرة .
أين نحن من كل هذا ، وأين ذهبت ديرتنا الجميلة ، ورائحتها العتيقة ، ولماذا أهملنا الجانب التراثي الذي يميزنا ، والأهم يقفز السؤال .. من المسؤول
0 Comments:
Post a Comment
<< Home