برنسيس إيكاروس

Tuesday, April 01, 2025

  

.. رائحة المدن العتيقة !!

كتبت منى الشافعي )  (

***

صديقتي الأمريكية وهي تتصفح ألبوم صوري الحديثة ، تطرح سؤالها الذي أثار في داخلي شجوناً وأسئلة متراكمة ، بلا جواب ، تقول :( مدينتكم عصرية ، جميلة ، تشبه كل المدن الحديثة في العالم ، ناطحات سحاب  نيويوركية - نسبة الى مدينة نيويورك - مولات حديثة ، شوارع واسعة ، جسور متعانقة ، ولكن أين صورك في مدينتكم العتيقة ؟! ) .

          بماذا أجيبها ؟! .. هل أخبرها بأن  ديرتنا الجميلة ، قد تعرضت إلى طوفان العمارة الأجنبية الحديثة ، خصوصاً العاصمة التي سكنتها حركة تغريب منذ أكثر من ثلاثة عقود ، فقد غزتها المباني الشاهقة / ناطحات السحاب الزجاجية التي تبدو في صوري ! حتى أصبحت بلا ملمح يميزها ، لأن مبانيها العتيقة التي تربينا بين جدرانها الطينية البسيطة ، غابت أغلبيتها ، واندثرت معالمها التراثية المميزة ، تحت معاول الهدم اللئيمة ، وهكذا اختفت مدينتنا العتيقة ، وضاعت معها ذكريات طفولتنا ، وأحلام مراهقتنا ، وبقيت الحسرة .؟!

       نعم .. كانت ديرتنا العتيقة ، تشبه كل المدن القديمة  في العالم ، لها حضور تاريخي ممتد يزيد على الثلاثة قرون ، يعانقها البحر ، ملتفاً حول أكثر أجزائها ، بكل جمال وشموخ . 

      يبدو ، أننا نسينا ، أو تناسينا ، لا فرق ، أن الاحتفاظ بالمدن العتيقة ، هو الذي يشكّل شخصية الأمة ، ويمنحها هويتها التي تميزها ، ويعترف بوجودها التاريخي والحضاري ، أمام العالم . 

      كما نسينا أيضاً ، أن معالم ديرتنا العتيقة ، البسيطة التي كانت تزين فرجانها وأحياءها  القديمة ، في شرق وجبلة والمرقاب وحي الوسط ، من الممكن أن تصبح استثماراً سياحياً ، كما في كل بلدان العالم التي نزورها ، ونحرص دائماً أن نزور مدنها العتيقة ، التي تستقبل زائريها بإرث حضاري متنوع ، يظهر تاريخها الممتد عبر العصور ، شامخة بوجودها ، معبأة بأسرار الماضي ، وسحره الذي يجذب الزائرين للاكتشاف والتأمل والتخيل الجميل ، أكثر من انجذابه إلى الحداثة المتشابهة ، التي أصبح ، يراها في كل مكان من هذا العالم المترامي الذي أصبح  قرية صغيرة . 

     أين نحن من كل هذا ، وأين  ذهبت ديرتنا الجميلة ، ورائحتها العتيقة ، ولماذا أهملنا  الجانب التراثي الذي يميزنا ، والأهم  يقفز السؤال .. من المسؤول 

0 Comments:

Post a Comment

<< Home