غرفة رقم 202!
——————
في إحدى سفراتي العملية ، حول العالم، نزلتُ في باريس، في فندق لطيف قرب برج ايڤل ، أقمت فيه ليلتين في الطابق الثاني ، ذلك لحضور ندوة علمية ، وبعد ان انتهت المهمة ، في اليوم الثالث توجهت إلى نيويورك ، حسب المقرر لهذه السفرة العملية .
وصلت إلى نيويورك في الثالثة فجرًا، نصف نائمة ونصف مستيقظة، استلمت مفتاح السويت بعين شبه مغمضة، وعلّقت ورقة الإفطار على الباب وأنا أتمتم لنفسي: “السادسة صباحًا… يكفيني ثلاث ساعات نوم وأبدأ اليوم بنشاط!”، إذ كان بانتظاري لقاء مهم مع شخصية رفيعة في الأمم المتحدة، لمدة جداً قصيرة لتسليمها احدى الرسائل المهمة .
استسلمت للنوم بسرعة، واستيقظت قبل السادسة بدقائق، بشكلً لا يزال مرهقاً ، ونظرة ضائعة ، أترقب وصول الإفطار وكأنّه المنقذ وخاصة فنجان القهوة . مضت عشر دقائق، خمس عشرة، نصف ساعة ..لا فطور الصباح ، لا طرق على الباب، لا رائحة قهوة !
رفعت الهاتف، اتصلت بمطعم الفندق ، وأنا أحاول الحفاظ على هدوئي :
- لو سمحت ، أين فطوري؟
جاءني الجواب بكل ثقة:
- تم توصيل جميع الطلبات سيدتي !
ثم أكمل بلطف ، وبشيء من العجب :
- ما رقم جناحك ، الذي كتبته على ورقة الطلب ؟
فقلت بجرس واثق ومتأكد :
- “202”!
وهنا سمعت ضحكة لطيفة من الطرف الآخر ، ثم:
- سيدتي، الاستقبال هنا في الطابق 15، والغرف تبدأ من الطابق 20 … يبدو أنك أخطأتِ بالرقم !
ارتبكت للحظة .. مادا يقصد .. أخطأت بـ …)
آ هااا .. هنا فقط انتبهت إلى الخطأ المحرج الذي حصل معي ، بسبب تعب الأمس والرحلة المرهقة .. لقد كتبت رقم غرفتي في فندق باريس، ببدو أنه لايزال عالقاً برأسي المثقل بالعمل الذي انتهى والقادم .
ضحكتُ على نفسي رغم الإرهاق، أسرعت في ارتداء ملابسي، جمعت أغراضي، طلبت فنجان قهوة للطريق فقط كي أنعش ذاكرتي التعبانة ، وركبت السيارة التي تنتظرني للذهاب إلى مقر الأمم المتحدة ، وبيدي فنجان القهوة ذات الرائحة القوية.
بعد المقابلة السريعة جداً ، كنت متوجهة مباشرة إلى المطار، إلى لندن هذه المرة .. وكأنني بطلة أحد المسلسلات الأمريكية الذي لا يعرف التوقف !
بصراحة .. كان موقفًا محرجًا، لكنه من أكثر المواقف التي تضحكني كلما تذكّرته .. فالفطور بقيَ في غرفتي في باريس ، وأنا بقيت أنتظره في جناحي في نيويورك!
( منى الشافعي )
0 Comments:
Post a Comment
<< Home