** أين تذهب هذا العيد ؟ **


الاحتفالات بالعيد قد تغيرت، وتحديدا في السنوات الاخيرة، كما تبدلت كل مباهجها وطقوسها.. فهناك عادات غادرتنا، وهناك تقاليد هجرتنا.. كانت الاحتفالات في الماضي على بساطتها وعفويتها ذات نكهة لذيذة وعبق جذاب.. كل ما بقي اليوم منها، هو بعض الممارسات الدينية والاجتماعية مثل صلاة العيد في اول ايامه، وزيارة المقابر، وبعض الواجبات الاجتماعية من تبادل التهاني والتبريكات، ومد موائد الاكل بما لذ وطاب من المأكولات والحلويات والمشروبات، والتزاور بين الاهل والاصحاب والجيران، وعيادي الاطفال والصغار التي اصبحت لا تشكل اي فرحة عندهم.. حتى الاطفال بات شعورهم بالعيد محدودا، وكأن العيد عندنا مجرد اجازة للراحة من العمل والهروب من الدراسة
****
من المؤلم اننا اعتدنا قبل العيد بأيام قليلة، سماع تلك العبارة الروتينية من الآخرين: 'أين ستقضي اجازة العيد؟'. وبالتالي، اصبح قضاء اجازة العيد خارج اسوار الديرة بالنسبة للمواطن هاجسا مسيطرا على تفكيره وكيانه، وتقليدا ضروريا ومهما، وسمة من السمات الفطرية الجديدة التي غزت شخصيته، لترسم الابتسامة على وجهه الكئيب.هل تساءلنا: لماذا يفضل المواطن الهروب من ديرته الحبيبة، تاركا اهله وناسه وربعه في كل مناسبة؟ هل اصبحت الديرة طاردة لمواطنيها، بحيث يبحثون عن المتعة والفرح والسعادة واللهو البريء خارج حدود اسوارها؟ هل العيب في المواطن ام في اللوائح والقوانين والفتاوى التي تحلل وتحرم على كيفها، لا حسيب ولا رقيب.. وبالتالي تمنع الفرح وتحرم الضحك وتلغي الموسيقى وتجرم الغناء؟!نتساءل: لماذا يحرم الفرح بكل صوره واشكاله البريئة؟ لماذا تمنع المتعة وتقيد حرية الفرد الشخصية، لدرجة ان مجرد التمايل والتصفيق مع النغم الشجي والطرب الاصيل، بات جناية وفسوقا؟اذا، اليس من حق المواطن ان يطلب المتعة ويبحث عن الفرح خارج اسوار ديرته؟ يا جماعة هل هناك حل لمثل هذه الظاهرة التي ازدادت عتمة في وجوه الناس؟ وقيدت اياديهم وكممت افواههم؟ أليست ظاهرة تستحق منا جميعا الاهتمام والدراسة؟¹
****
وهكذا، حين اغتيل الفرح وحرم المرح من ليالي الاعياد، لاغناء لا موسيقى، ولا رقص، ولا حتى تصفيق بالراحتين، حين انتزعت البهجة من ايام الاعياد، وحرمت الابتسامة على الشفاه، وحجر بالنهي والامر على الضحك، حين اغلقت كل ابواب الفرح ومنافذه بالشمع الاحمر، اذا، كان الهروب من الديرة هو الحل اللحظي المناسب، لهذه المأساة الانسانية!يا جماعة، اصبحت ظاهرة 'منع الفرح وتحريمه' عسرة الهضم على قلب وعقل المواطن، وليست فقط على معدته، لذا يريد عيدا مشعا بالنور مزدانا بالفرح، علما بأن للفرح الوانا كثيرة جميلة وبراقة كألوان الطيف، فلماذا لا ننثره على الديرة لنحد من عبارة 'أين تذهب هذا العيد؟' او حتى نوقف تدفقها، والا فسيضطر المواطن في كل مناسبة وكل عيد إلى ان يغادر ديرته، فمن المسؤول؟ واين يقع اللوم؟ وعيدكم مبارك وعساكم من عواده
إضاءة:
سأل الممكن المستحيل: أين تقيم؟ فأجابه: في أحلام العاجز.