برنسيس إيكاروس

Saturday, June 25, 2016

.. لنغير ما بأنفسنا !


.. لنغير ما بأنفسنا !

***
     لشهر رمضان المبارك معطيات اجتماعية جميلة، يجب أن نسعى الى تحقيقها والوصول اليها في أيامه الفضيلة، ولياليه الكريمة.
وبما أنه شهر الرحمة والايمان والتسامح، فلماذا لا نستغل حضوره الفضيل كفرصة طيبة للبدء في التسامح، ونبذ الخلافات والصراعات والتشنجات، التي لا مبرر لها بيننا؟ لأن التسامح من أفضل المبادئ والقيم الانسانية والمفاهيم الراقية، له أهمية في التعايش السلمي مع الآخر، كونه خلقا جميلا ومريحا، وخصلة انسانية طيبة، وهو مطلوب لخلق مناخات نظيفة وصافية، تشيع السعادة والبهجة من حولنا- اللتين افتقدناهما في ظل الظروف العالمية الفوضوية المتقلبة التي تحيط بنا- وتنقي القلوب من كل الشوائب العالقة بها، وتحسّن علاقاتنا المتوترة مع الذين اختلفنا معهم.
***
    في هذا الشهر الايماني الفضيل، من واجبنا أيضا، أن نصوم عن «الحش» ولا نذكر إلا محاسن أهلنا وأصحابنا وناسنا، وان اختلفنا معهم. ولنتعود على ترديد الالفاظ الراقية، والكلمات الطيبة التي تليق بإنسانيتنا مهما كانت درجة اختلافنا مع الآخر، ولنهمس بكل ما هو لطيف وطيب، مشبع برائحة ايماننا وخشوعنا وصيامنا ومحبتنا له.
ولن ننسى هنا أن نتحمّل مسؤولياتنا الوظيفية والاسرية والاجتماعية، ونتقبّلها كاملة غير منقوصة، بكل رحابة صدر، ورغبة أكيدة، ونفس مرتاحة منشرحة للعمل.
***
     ومن الأمور المهمة في هذا الشهر المبارك، أن نتناسى سلبيات حكومتنا الرشيدة، ونتذكر ايجابياتها التي تظللنا لتسعدنا. أما مجلس أمتنا الموقّر، فلنتذكر كل التشريعات الحضارية التي أنجزها لتريحنا، وتيسّر كل أمورنا الدنيوية، لذا فلنبتعد لسانا وهمزا ولمزا وقلما عن سلبياته.
وهكذا نطرد الأحقاد والبغضاء من دواخلنا، ونطهّر قلوبنا من هذه الشوائب التي أتعبتنا، والمرفوضة دينيا واجتماعيا.
ها هي فرصتنا عظيمة في هذا الشهر العظيم للبدء في تغيير ما بأنفسنا، وتبسيط الأمور والمشاكل في ما بيننا.
قال تعالى: «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم».

منى الشافعي

القبس في 24 يونيو 2016

m_alshafei@hotmail.com
@alshafei_m

دورة الدينار الكويتي الرمضانية !


دورة الدينار الكويتي الرمضانية !

***
     لشهر رمضان في الماضي مظاهروطقوس وعادات بسيطة، ذات خصوصية عفوية تراثية أصيلة، على بساطتها تثير الفرحة والمتعة في أحاسيس الصغار والكبار. فمن عادات الطعام للافطار كانت المائدة بسيطة بمأكولاتها، منها الهريس أو الجريش، والتشريبة وخبز الرقاق. أما أطباق الحلويات، فكانت صب القفشة والمحلبية أو اللقيمات، والشاي والقهوة العربية. أما ليالي القرقيعان، فكانت أكثر بساطة بمكسرات وحلويات الزمن الجميل، المتوافرة، آنذاك، والتي تفرح الأطفال وترسم أكثر من ابتسامة على وجوههم.
***
     شهر رمضان اليوم يحمل طقوساً جديدة، مبتعداً عن الموروث القديم الذي توارثناه عبر الأجيال. لن ننكر أن هذا التغيير جاء مواكبا للحياة العصرية وحراكها اللاهث، وتبدلها يوما بعد آخر، وبغفلة منا أصبحنا أسرى لهذا التغيير الذي جاء أولا بتغيير مائدة رمضان البسيطة التي أصبحت مائدة ثرية حافلة بكل أنواع المأكولات الجديدة المتنوعة، الشرقية والغربية. أما الحلويات والمشروبات، فحدث ولا حرج، رغم أنه شهر صيام.
ولو ذكرنا قرقيعان اليوم، فقد جاء بعيدا عن العادة الاجتماعية المتوارثة، بقالبه الجديد ومبتكراته الحديثة، فأصبحت الأسر تتهادى في ما بينها بهدايا عجيبة غريبة مرتفعة التكاليف.
***
      لو ابتعدنا قليلا عن العاطفة، وحالة الاستياء التي تسكن أغلبية الاجيال الكبيرة، من تلك المظاهر الجديدة، لأدركنا أن هذه الطقوس والعادات، من المشتريات المتنوعة الأكثر من الحاجة في ليالي القرقيعان، وموائده العامرة بما لذ وطاب في البيوت والدواوين والمساجد، لأدركنا أنها أصبحت من أهم العناصر التي تحرك جزءا لا بأس به من عجلة الاقتصاد الصدئة وتنشيطها. لأن دينار شهر رمضان الكريم سيأخذ دورة اقتصادية فاعلة ومؤثرة، من جيب الى آخر، ومن يد الى أخرى، ومن سوق الى مول، ومن مطعم الى كافتيريا، وهكذا سيتحسن نوعا ما اقتصادنا في هذا الشهر الكريم، بكرم ديناره.
وبالتالي، يجب ألا نتذمر من هذه الطقوس وعادة الاسراف والتبذير في الاكل والشرب، والغبقات الرمضانية، وهدايا القرقيعان ذات التباهي والتفاخر.
       على الرغم من أن شهر رمضان الفضيل يمر علينا هذا العام، وأجواؤنا العربية والاسلامية حزينة ومنكوبة، مع هذا فمن حقنا ان نفرح بقدوم هذا الشهر المبارك، متمنين للجميع دوام الأمن والأمان، واقتصاداً مزدهراً يغدقه علينا هذا الشهر الكريم، مبارك عليكم الشهر، وعساكم من عواده.

منى الشافعي

جريدة القبس 17 يونيو 2016
m_alshafei@hotmail.com
alshafei_m@

لنشارك بالحملة الوطنية لمكافحة السمنة والسكري !


لنشارك بالحملة الوطنية لمكافحة السمنة والسكري !

***
     أسعدني الخبر الذي نُشر في جريدة القبس مؤخراً، يقول: «العبيدي دشن الحملة الوطنية لمكافحة السمنة والسكري».. كما آلمني حين حذّر وزير الصحة د. علي العبيدي من ارتفاع نسبة انتشار السمنة بين الأطفال في الكويت، مؤكداً أنها تجاوزت %20، مشدداً على أن ذلك «مؤشر لجيل قادم مهدد بالاصابة بالامراض والخمول وقلة الانتاج». وذلك خلال ترؤسه ورشة عمل لمكافحة السمنة.

* * *
    استوقفتني هذه النسبة المؤلمة، فتساءلت من المسؤول عن تفشي هذه الظاهرة المخيفة، لكونها مصدرا خصبا لأكثر الامراض شيوعا وخاصة مرض السكري! هل هو: البيت، المدرسة، الحياة الاجتماعية أو الاقتصادية، النمط الغذائي، حياة الرفاهية، أو العولمة؟!
أعتقد أن كل هذه العوامل مجتمعة ساهمت على ظهور هذه الظاهرة الخطيرة ونموها وازديادها، التي تفشّت في مجتمعنا الصغير بغفلة منا.

* * *
   لا أعتقد أن هناك أسرة واحدة في الديرة تخلو من مريض سمنة، أو مريض سكري.
فتحية كبيرة إلى هذه الحملة الوطنية، وتحية مضاعفة لكل القائمين عليها. وبالتالي فمن الواجب والأهم أن يتعاون جميع أطياف المجتمع من مواطنين ومقيمين، ومؤسسات حكومية، خاصة وزارتي الصحة والتربية، وكل الجهات العامة والخاصة، وجمعيات النفع العام. ولن نغفل هنا دور وزارة الاعلام الفاعل والمؤثّر بكل فروعها وعناصرها، وأيضا وسائل التواصل الاجتماعي، بنشر الوعي الصحي بين الناس وتعزيز هذه الحملة.
فالمسؤولية هنا جماعية، يجب ان تتشارك بها جميع هذه الأطراف، كل من موقعه، ووفق امكاناته وقدراته، لإنجاح هذه الحملة التوعوية الصحية، والسعي الدؤوب لتحقيق أهدافها وغاياتها المرجوة.
لذا، يجب أن ينصبّ التركيز أولا على تغيير عادات الأكل الحالية، ونوعية المواد، وحياة الكسل التي يعاني منها الأطفال، ومساعدتهم على التخلص منها. والبداية ستكون مسؤولية البيت/الأسرة، والمدرسة. لأن الكويت بحاجة الى أجيال قادمة حيوية تتمتع بالصحة العامة واللياقة البدنية التي تساعدهم على التفكير السليم، والاستيعاب والتحصيل العلمي، والإنتاج النوعي، والنجاح المستمر المتواصل في شتى المجالات الحياتية، وحتى تنعم الديرة بمستقبل واضح ومبهج.

منى الشافعي

جريدة القبس 11 يونيو 2016

m_alshafei@hotmail.com
@alshafei_m

لماذا أهملنا الجانب التراثي لمدينتنا العتيقة ؟!


لماذا أهملنا الجانب التراثي لمدينتنا العتيقة ؟!

***

     كل أمة تعتز بتراثها الحضاري وتاريخها القديم. وبالتالي فإن الاحتفاظ بالمدن العتيقة هو الذي يشكّل شخصية الأمة ويمنحها هويتها، ويعترف بوجودها التاريخي والحضاري امام العالم.
    احرص دائما عندما اسافر الى اي بلد في العالم، ان ازور مدنها العتيقة، التي تستقبلني بإرثها الحضاري المتنوع، وتاريخها الممتد عبر العصور. تشعرني لحظتها بالمتعة وتدعوني الى التأمل، والانجذاب الى عبق التاريخ القديم الذي اعشقه، ورائحة حضارته الانسانية الممتدة. كم استمتع وانا اتحسس عراقة تلك المدن من بين شقوق جدرانها العتيقة، وشموخ وجودها التاريخي.
***
      في زيارتي الاخيرة الى المملكة المغربية، كم استمتعت حين قابلتني تلك الاسوار الشاهقة الصامدة، التي تحتضن اجمل المدن العتيقة الزاخرة بعراقة تاريخها الممتد، وثقافتها الشعبية الجميلة، وصناعاتها التقليدية. تشعرني تلك المدن العتيقة، وانا اتجول بين ازقتها ودروبها الضيقة، بأنها لوحة فنان تشكيلي متمكن من صنعته، او بأنني اتجول في متاحف مفتوحة مسكونة بسحر الماضي وجمال الحاضر، تنبض بالحياة، تحكي لي عن تاريخ المغرب وعظمة حضارته الموغلة في عمق التاريخ الانساني. فمن مدينة فاس ومكناس الى الدار البيضاء ومراكش، مرورا بالرباط والجديدة وغيرها، كلها مدن عريقة تحتفظ بالإرث التراثي والحضاري المغربي المبهر خلف اسوارها، وتتجمل بالمدنية الراقية، والحضارة الحديثة خارج اسوارها.
***
     في عودتي الى ديرتي موسومة بعبق المدن العتيقة، محملّة بعشق التاريخ القديم وحضاراته المتنوعة.. تعلوني كآبة وتسكنني حسرة، ويتكوم امامي اكثر من سؤال؟ أين اختفت مدينة الكويت العتيقة ذات الاسوار الثلاثة؟ اين المعالم العمرانية الجميلة،اين البيوت، الدكاكين، الاسواق، المساجد، البراحات، الفرضة، اين حي شرق وجبلة والمرقاب والوسط .. و.. و؟ ويقفز أهم سؤال من المسؤول؟!
      مدينة الكويت العتيقة، داخل السور، تشبه كل المدن العتيقة، لها حضور تاريخي يزيد على القرون الثلاثة، يعانقها البحر ملتفاً حول أكثر أجزائها بكل فرحة وشموخ. فلماذا أهملنا هذا الموروث العمراني الجميل ببساطته، والأجمل بروعة أشكاله وتنوعها؟ حتى اصبحنا اليوم حين نتلفّت حولنا، تصطدم اعيننا بكل ما هو جديد وحديث من المباني الاسمنتية وناطحات السحاب الزجاجية، وكم متنوع من المشاريع الحديثة الطراز .
       نعم.. يبدو ان الاهتمام بالجانب الاقتصادي قد ساهم في إهمال الجانب التراثي – الذي هو بصمتنا وهويتنا العريقة – واختفاء نسيج معالم مدينة الكويت العتيقة، خصوصاً الموروث العمراني البسيط، الجميل، الذي كان من الممكن أن يصبح ايضا استثمارا سياحيا، كما في كل بلدان العالم.

منى الشافعي
جريدة القبس 6 يونيو 2016
m_alshafei@hotmail.com

alshafei_m@

الى متى ستظل التكنولوجيا الحديثة تستعبدنا ؟

االى متى ستظل التكنلوجيا الحديثة تستعبدنا ؟
***
احدى الصديقات، تقول «جلست في أحد المقاهي لتناول قهوتي الصباحية، وإذ بأربع سيدات يجلسن بالقرب مني، وما أن استقررن في مقاعدهن حتى أخرجت كل واحدة منهن تلفونها الخاص، وبدأت بتصفح ما بداخله من رسائل، مستغرقة بالنظر فيه، من دون الاكتراث بالأخريات. ساد الصمت بينهن، الى أن جاء النادل لتلقي طلباتهن. تبادلن حديثا سريعا، وغادر النادل بطلباتهنّ، وعدنا الى أجهزتهن ليخيم الصمت مرة أخرى في عوالم التكنولوجيا الجامدة البكماء الصماء، لتستمر هذه الحالة أكثر من ساعتين، لينعدم أطراف الحديث بينهن».
***
هكذا التصقت هذه الأجهزة الذكية بيومنا بقوة عجيبة، لتجعلنا مدمنين، بحيث لا نستطيع الاستغناء عنها، سواء في البيت، العمل، الشارع، الأسواق والمولات، الملتقيات، ولا حتى ونحن نتناول طعامنا، أو نستمتع بصحبة طيبة مع فنجان قهوة، أو استكانة شاي، وحتى في الطائرة.
والأنكى التصاقها الأخطر، ونحن نقود سياراتنا. حتى أصبحت تستعبدنا وتدير دفة حياتنا اليومية في غفلة منا!
كما أثّرت بشكل ملحوظ وواضح في التواصل الشفاهي بين الناس والاستمتاع به، الذي يبدو أنه في طريقه الى التلاشي، كما في حالة السيدات الأربع.
***
لا أحد ينكر ما لهذا الاختراع المذهل ــ وسائل التواصل الاجتماعي ــ من فوائد ايجابية، اذا استخدم بطريقة صحيحة ولأغراض اجتماعية وإنسانية ضرورية.
ولكن من المؤسف أن هذه الحالة أصبحت عندنا ظاهرة، كتب عنها الكثير وسيكتب، ما دامت في كل يوم تزداد حدة، وتتنامى مع كل اختراع جديد وحديث، لتتوسع انتشارا في المجتمع، وبالتالي كيف سنجد الوقت الكافي للتفكير بأمورنا الخاصة، وأحوال مجتمعنا ومشاكله والتصدي لها، والمساعدة من كل أطياف المجتمع لتحريك عجلة التنمية المستدامة؟!
بصراحة المسؤولية تقع علينا جميعا كمواطنين ومسؤولين. لذا نتمنى على الجميع العمل الجاد للقضاء على هذه الظاهرة اللاحضارية، أو على الأقل التخفيف من حدتها، التي تفشت في المجتمع بشكل سريع، إن كنا نهتم بديرتنا ومستقبلها، ومستقبل شبابنا.

منى الشافعي
جريدة القبس 6 مايو 2016
m_alshafei@hotmail.com
alshafei_m@